الكاشف نيوز - وكالات
لم يكن البيتُ الصغير الذي يضم الأم وأبناءها الثلاثة وعائلة ابنها؛ مسرح الجريمة، لكنه كان سببا في الجريمة، بعد يوم عصيب من الشجار المتواصل.
قررت الأم أن تنهي دوامة العنف التي تعيش تفاصيلها المؤلمة مع ابنها البكر "وسام". لم تكن تعلم أن هروبها من البيت لن ينجيها من المصير الذي ينتظرها. أغلقت الباب وودعت ابنيها الآخرين، بينما كان قلبها ينزف حسرةً وألماً على سني عمرها وشبابها الذي أفنته في تربية أبنائها الثلاثة، بعد وفاة والدهم.
هكذا كانت الدقائق الأخيرة التي قضتها "أم وسام" قبل أن تحزم أمرها بالهرب من جحيم ابنها المتزوج والوالد لطفلين. لطالما كان وسام يتشاجر معها، طالباَ منها أن تكتب البيت باسمه دوناً عن إخوته الآخرين، لكنها كانت ترفض وتقول: ليس هذا حقك، بل حق إخوتك أيضا. لذا لم تجد أمام تجبّره وتسلطه عليها غير الهرب بعقد البيت لتخبئه عند من تأتمنهم على حياتها ومصير بيتها.
أسرعت الأم خطاها؛ كونها لا تأمن مكره.. سلكت طريق البساتين الذي يختصر مسافات طويلة، دون أن تعلم أن ابنها لحق بها. لم تكن تفكر في الطريق إلا كيف تنجو بعقد البيت والتخلص من تسلط ولدها عليها وعلى إخوته. وإذا بها تلقى مصير الموت، ويا له من موت! إنه ابنها الذي خطفها وأدخلها أحد البساتين على جانب الطريق ليقوم بجريمته.
خنق الابن أمه وهرب بعقد البيت المسجل باسمها، وبعد ثلاثة أيام عثر على جثتها مقتولة في البُستان، بينما اختفى الابن القاتل، ولم يكن أحد يشك للحظة أن الابن قتلها، لولا هروبه في ذات يوم اختفاء والدته من البيت.
الواقعة شهدتها منطقة "بلور" في محافظة ديالى (57 كم شمال شرق بغداد)، وهي حادثة تكاد تكون الأولى من نوعها، رغم أحداث العنف التي تعصف بالبلاد يومياً.
جيران الضحية وصفوا الحادثة بأنها مرعبة، وقالوا لـ"العربي الجديد" إن شقيقي وسام رفضا تقديم دعوى ضد شقيقهما، متعللين بالفضيحة التي قد تلحق بهم، رافضين اتهامه أمام المحكمة، لتقيد الحادثة ضد مجهول. كما ساعدت الأوضاع الأمنية المتردية في المحافظة وغياب القانون في انتشار حوادث كثيرة، فليس هناك من يحاسب أو يعاقب الجناة.
وارتفعت أخيرا في العراق حالات الجرائم الأسرية بشكل دعا وزارة الداخلية إلى استحداث قسم خاص لمكافحتها والتحري عنها. ويعزو أستاذ علم الاجتماع محمد غانم الظاهرة إلى انتشار الفقر والمخدرات والفساد الاجتماعي بعد الاحتلال الأميركي للبلاد.
ويضيف غانم "نجد أغلب تلك الجرائم ترتكب في بيئات جنوب العراق ووسطه التي يغلب عليها الفقر والتأثير الاجتماعي والاقتصادي الإيراني عليهم أكثر من باقي مدن البلاد".
مبينا أن 80 في المائة من الجرائم الأسرية تعود إلى المخدرات والفقر اللذين لم يعرفهما العراق قبل دخول الأميركان إلى البلاد عام 2003.