رام الله - الكاشف نيوز : تتجه الأنظار اليوم السبت إلى اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في مقر الرئاسة بمدينة رام الله المخصص للبحث في الدعوة لانعقاد دورة استثنائية للمجلس الوطني الفلسطيني لأول مرة منذ 19 عاما.
وأعلن عدد من أعضاء اللجنة أن الاجتماع سيشهد تقديم نصف الأعضاء على الأقل استقالاتهم لفرض رغبة الرئيس محمود عباس في دعوة المجلس الوطني للانعقاد بهدف رئيسي هو انتخاب لجنة تنفيذية جديدة.
ويستند عباس الذي من المقرر أن يكون من ضمن من يقدمون استقالاتهم، إلى المادة 14 فقرة "ج" من النظام الداخلي للمجلس الوطني الذي ينص على دعوة طارئة لانعقاد المجلس حال شغور ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية.
تكريس سيطرة عباس
يؤكد مراقبون أن مسعي الرئيس عباس يستهدف في الأساس التخلص من خصومه داخل اللجنة التنفيذية خصوصا ياسر عبد ربه الذي كان أقاله قبل أسابيع من أمانة سر اللجنة التنفيذية وتيسير خالد.
ويشير المراقبون إلى أن عباس سيسعى كذلك لتثبيت صائب عريقات كأمين سر للجنة التنفيذية إلى جانب إدخال مزيد من الشخصيات المقربة منه إلى عضوية اللجنة وتعزيز مكانة أعضاء آخرين من المؤكد إعادة انتخابهم.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي من رام الله هاني المصري على صحفته على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، أن التحضيرات الجارية لاستقالة أعضاء في اللجنة التنفيذية تمثل "لعبة الباب الدوار".
وقال المصري منتقدا هذا الإجراء "لن يغفر الشعب لأي عضو في تنفيذية المنظمة يشارك في لعبه الباب الدوار من خلال الاستقالة والعودة بعد ذلك لتأمين الثلث المطلوب من المستقيلين للتمكن من عقد جلسة غير عادية للمجلس الوطني".
وأشار إلى أن الجلسة غير العادية المطلوب انعقادها للمجلس الوطني "وظيفتها الوحيدة التخلص من بعض أعضاء اللجنة التنفيذية وتفصيلها على مقاس شخص" في إشارة إلى عباس.
وشدد المصري "نحتاج لمنظمة التحرير على مقاس الشعب بمختلف تياراته وهذا لن يكون إلا بعقد مجلس وطني يخرجنا من النفق المظلم الذي دخلناه منذ توقيع اتفاق أوسلو ويؤسس المنظمة بعد إجراء تغيير حقيقي".
معارضة واسعة
وكان نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني تيسير قبعة صرح قبل أيام أن التوجه هو عقد اجتماع المجلس الوطني قبل منتصف الشهر القادم، لتغيير سبعة من أعضاء اللجنة التنفيذية.
ورفضت كتلة "التغيير والإصلاح" التابعة لحركة "حماس" دعوة المجلس الوطني بتركيبته الحالية للانعقاد في رام الله من دون توافق، معتبرة أنها دعوة حزبية غير قانونية ولا يمكن القبول بها بأي حال من الأحوال.
وحذرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من مخاطر أن تشكل الدعوة لدورة للمجلس الوطني لتجديد العضوية بنظام الحصص مدخلاً إلى تعزيز الانقسام وتوفير المناخات المناسبة لتكريس الانفصال السياسي والجغرافي والوطني.
كما حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من خطورة استبعاد حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي وقوى أخرى ربما لا تشارك في الاجتماع القادم للمجلس الوطني خاصة تلك التي تطالب بإصلاح وتطوير منظمة التحرير.
أما ياسر عبد ربه فأكد أن تشكيل عباس خلية سرية من ثلاثة أفراد لتولى تحضيرات انعقاد المجلس الوطني "لا يوفر أدنى الشروط للقيام بذلك بصورة سليمة"، محذرا من أن "أي شرخ جديد في الصف الوطني سيدمر آخر ما تبقى لنا من الشرعية الوطنية".
وسبق أن أكدت مصادر خاصة في السلطة الفلسطينية أن حالة من الاستياء الصامت تسود الوسط السياسي لقيادات السلطة وفتح بسبب التغييرات التي يجهّز لها عباس لإحداث تغييرات سياسية قريبة.
ووفق المصادر فإن "كل الأمور ستتضح قبل نهاية العام، مع توقعات بأن تغادر وجوهًا كبيرة في المنظمة والسلطة".
إعادة إنتاج للازمة
لم يعقد المجلس الوطني أي اجتماع له منذ عام 1996 عندما انعقد استثنائيا لتغيير ميثاقه بطلب أمريكي، ويأتي السعي لانعقاده في ظل تفاقم الخلافات وتعميق الانقسام المستمر منذ منتصف عام 2007.
على ذلك اعتبر الكاتب والمحلل السياسي سميح شبيب أن "عقد دورة جديدة للمجلس الوطني بما هو قائم حدث سيعيد إنتاج الأزمة، بشكل أوضح وأعمق، وهو ما يجب تجنبه والابتعاد عنه".
وشدد شبيب على أن أي تفكير جدي في عقد دورة جديدة للمجلس الوطني، يجب أن تأخذ في الحسبان، إعادة قراءة وتقييم مجريات الأمور التفاوضية، مع الاحتلال والتوصل إلى استخلاصات وطنية متفق عليها بهذا الشأن.
وأكد على ضرورة خوض حوار معمق وجدي مع كافة الفصائل غير الممثلة في منظمة التحرير وأطرها العاملة، وفي المقدمة منها، حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
كما شدد على الحاجة إلى التوصل إلى توافقات وطنية فيما بين الفصائل كافة، الممثلة وغير الممثلة في منظمة التحرير بما يكفل نجاح دورة المجلس الوطني والتوصل إلى وثيقة سياسية ختامية للمجلس.
ونبه شبيب إلى أن محاولة إعادة إنتاج الأزمة القائمة "سيعني عملياً تكريسا لها وفتح الأبواب على مصراعيها لتفرعات ناتجة عنها شديدة الخطورة خاصة أنه لا يمكن التوصل لآفاق تنظيمية جديدة بهياكل قديمة فات عليها الزمن".