أخر الأخبار
مهندس التدخل الروسي.. ضابط وسفير سوري فوق العادة
مهندس التدخل الروسي.. ضابط وسفير سوري فوق العادة

بيروت - الكاشف نيوز : يبرز اسم اللواء والدكتور والسفير السوري لدى روسيا الاتحادية، رياض حداد، في هذه الآونة، بكثافة ملحوظة، نظرا إلى طبيعة الحدث السياسي والعسكري الذي تشغله موسكو هذه الأيام، وخصوصا بعد تدخلها العسكري المباشر والعلني لحماية النظام السوري من سقوط وشيك.

ومنذ تعيينه سفيرا للنظام السوري لدى روسيا الاتحادية عام 2011، وبعد أشهر قليلة على ولادة الثورة السورية، لفت في قرار تعيينه بصفته سفيرا فوق العادة، ومطلق الصلاحيات، أنه رجل النظام الموثوق والذي منح كافة الصلاحيات لإجراء اتفاقيات أو مباحثات، دون الرجوع، بالضرورة، الى رأي خارجية النظام أو رئيس النظام.
آخر رجالات علي دوبا "الرهيب"

شغل اللواء السابق رياض محمد حداد، وهو من مواليد 1954، مناصب مختلفة في وزارة الدفاع السورية، لعل أهمها منصب إدارة الشؤون السياسية في الجيش. كما أنه مقرّب من العميد ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، وهذا يفسّر تصدّيه الدائم، ومن خارج منصبه وصلاحياته، لكل شائعة أو خبر أو حادثة، تتعلق بالفرقة الرابعة.. حتى إنه كان يفسر بعض التفاصيل العسكرية المتعلقة بالفرقة الرابعة، وهو في موسكو ممارساً عمله سفيرا فوق العادة.

إلا أن اللواء رياض حداد، يمتلك ميزة أكثر أهمية بنظر النظام السوري، وهو أنه واحدٌ من آخر رجالات رئيس المخابرات العسكرية الأسبق، الشهير علي دوبا. فمنذ تسلّم بشار الأسد للحكم في سوريا، حصل نوعٌ من "التنازع" والصراع ما بين كبار ضباط المؤسسات الأمنية.

وعرف في هذا المجال أن نصيب علي دوبا، رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق، كان الأقل، حيث لم يتم الإبقاء إلا على قلة قليلة جدا من رجالاته، وهم السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي، واللواء بهجت سليمان سفير سوريا السابق لدى الأردن. والآن السفير السوري لدى روسيا الاتحادية، اللواء رياض حداد.

اختيار رياض حداد على وجه السرعة

كسب اللواء حداد ثقة العميد ماهر الأسد، منذ عمله في الإدارة السياسية للجيش، حيث افترضت طبيعة المنصب، تدخل اللواء حداد بمختلف قطعات الجيش السوري، ومنها الفرقة الرابعة التي يرأسها شقيق رئيس النظام السوري العميد ماهر الأسد.

وكان اللواء حداد يمتاز ببعض الصفات التي يعتبرها علي دوبا سالف الذكر من أهم الصفات "للضابط الناجح المخلص" وهي: الكتمان والاحتجاب عن الظهور وعدم الاختلاط إلا بأقل قدر ممكن. وهي من أهم صفات علي دوبا نفسه، الذي أرعب السوريين عقوداً، وكان مجرد ذكر اسمه كافيا لزرع الرهبة والخوف في قلوب السوريين في ثمانينيات القرن الماضي، ورغم ذلك انتهت مهمته وعاد الى بيته ولا يوجد سوري واحد يعرف صورته إلا رئيس الدولة وبعض ضباط الأمن وبعض أهل قريته "قرفيص"، بحكم مسقط الرأس.

في عام 2011 احتاج النظام السوري الى صلة وصل قوية وموثوقة وتمتاز بـ"الكفاءة" اللازمة للتباحث مع الروس، دون إبطاء تتسبب به المشورة والاستئذان، كما أنه يمتلك المقدرة على اتخاذ القرارات مهما كبر ثقلها وحساسيتها، وخصوصا تلك التي لا يتخذها في العادة، إلا رئيس النظام أو أقله وزير الدفاع.

فوقع الاختيار على اللواء رياض حداد، وعلى "وجه السرعة" كما نقلت مصادر، ليكون سفيرا للنظام السوري لدى روسيا الاتحادية.

يتقن الروسية ويعرف متطلبات الفرقة الرابعة

وهو بحكم عمله في مؤسسة الجيش، وكذلك بحكم نيله لشهادات عليا من جامعات روسية، كان بإمكانه الخوض بأي تفصيل مهما بلغت حساسيته وسرّيته، مع الروس. فكان يتباحث معهم بشؤون السلاح، بدون أن يكون لوزارة الدفاع السورية أي دور في هذا الجانب. وهو ما يفسر انعدام زيارات وزير الدفاع السوري الى موسكو، إلا في مرات نادرة للغاية.

ونظرا لأن الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، تخوض حرباً كاملة ضد المعارضة السورية، وبمختلف الأسلحة، كان لعلاقة السفير اللواء بالعميد الأسد أن تؤدي الى "تحديد طلبات" تفصيلية من الجانب الروسي لنوعية السلاح الذي تحتاجه الفرقة الرابعة، وعلى الأخص سلاح الدبابات وذخيرتها وقطع غيارها التي يعرفها السفير اللواء "قطعة قطعة".

ولأن الروس، بطبيعتهم الحذرة، لا يفضلون التباحث المستمر عبر الهاتف أو الفاكس أو كل ترددات الإرسال التي تعتمدها السفارات حول العالم بشكل روتيني، فكانوا يفضّلون وجود شخص "ممنوح الثقة" من رئيس النظام، بإمكانه اتخاذ "ما يلزم" دون الوقوع في مخاطر التواصل الهاتفي الذي قد يتم اعتراضه، أو حتى التواصل البرقي المشفّر الذي تتمكن أغلب استخبارات العالم من فك شيفرته في أغلب الأحيان.


من البراميل المتفجرة إلى التدخل الروسي

هنا، كان منح لقب "سفير فوق العادة" مفتوح الصلاحيات، هو المفتاح السحري لفهم "أهمية الدور المناط بهذا الرجل" والذي أقام صداقات في مجلس الاتحاد الروسي ومجلس الدوما ووزارة الدفاع الروسية، وظل على تواصل مع مختلف الهيئات السياسية والدينية في روسيا، لخلق نوع من "التماهي" ما بين مصالح النظام السوري ومصالح الدولة الروسية العليا.

وعُرف عنه عمله الدؤوب على إشراك الكنيسة الارثوذكسية الروسية، كوسيلة ضغط على الكرملين، باعتبار "ما يحصل في سوريا اإرهابا عابرا للحدود"، وهو ما لاحظه المراقبون الآن من تصريحات الكنيسة الروسية التي اعتبرت عمليات روسيا العسكرية في سوريا حرباً مقدسة.