أخر الأخبار
قرار الإنتفاضة في الشارع ،، ليس على طاولات المكاتب المكيفة !!
قرار الإنتفاضة في الشارع ،، ليس على طاولات المكاتب المكيفة !!

توفيق ابو خوصة - الكاشف نيوز : أكيد تطورات الأحداث الدرامية على المستوى الميداني لم تكن في ذهن الرئيس عباس عندما ألقى خطابه في الأمم المتحدة ، لم يكن في حساباته أن تستقبله الضفة الغربية بهذه الزفة النضالية التي يكرهها في داخله و لا يؤمن بها ، و إن كانت تقديراته بأنها قادمة و لو بعد حين ، حيث طفح الكيل حتى أقصاه من جرائم قطعان المستوطنين و إرهابهم المنظم بحماية دولة الأحتلال الغاشم و حكومته العنصرية المتطرفة ، التى لا تعير وزنا لكل نداءات السلام التى يطلقها الرئيس عباس للعودة إلى طاولة المفاوضات من جديد بما يحفظ ماء الوجه على الأقل و التقيد بما تم التوافق عليه بين الطرفين .

كما أن الجميع يؤمن بحقيقة ثابتة في سفر النضال الفلسطيني وهي إذا حركة فتح قررت الشروع في الإنتفاضة الثالثة ستكون كما كانت الإنتفاضة الأولى و الثانية بقرار فتحاوي خالص أشركت فيه كل القوى و المكونات الوطنية لاحقا ، هكذا هي المعادلة و بالمناسبة في الإنتفاضتين الأولى و الثانية من قرر في حركة فتح هم القيادات الميدانية دون إذن من اللجنة المركزية للحركة ، وحصلت على الدعم و المباركة فيما بعد ، ولكن يجب ألا ننسى حينذاك الزعيم الرمز و الفدائي الأول أبو عمار الذي كان على رأس الهرم القيادي ، وشتان بين هذا و ذاك ، الفرق و البون شاسع بين عقلية ياسر عرفات و محمود عباس في هذا الشأن .

من هنا التحدي هل حركة فتح جاهزة لإتخاذ القرار المصيري بإطلاق العنان للإنتفاضة الثالثة مهما كانت تبعاتها و ما يترتب عليها ؟ وهل يتمكن القادة و الكوادر الميدانيين من فرضها على القيادة على أرض الواقع ؟ أسئلة بحاجة إلى إجابات ... قد تكون سابقة لأوانها .

إن إسرائيل بالرغم من كل ما تمتلكه من أدوات القوة و الآلة العسكرية الهائلة ، تقف مذهولة أمام إمكانية إندلاع الإنتفاضة الثالثة التي لطالما عمل الرئيس عباس على التصدي لها و عدم الوصول إلى لحظة الإنفجار المتوقع عبر طرائق و أساليب عدة و كانت الأمور أكثر من مهيأة لإنطلاقها ، إذ أن التكلفة العالية على الخزينة الإسرائيلية و تأثيرات الإنتفاضة على الإقتصاد في دولة الإحتلال تكلفها مليارات الدولارات ، هذا غير عملية الإستنزاف التي يتعرض لها جيش الإحتلال ، ومما يعنيه أيضا هو سقوط ركيزة التنسيق الأمني و عدم فعاليتها في ظل الإنتفاضة ، علاوة على أن عناصر القوى الأمنية و الشرطية و العسكرية الفلسطينية سوف يكونوا جزء رئيسي من معادلة الإنتفاضة على المستوى الفردي و ليس بقرار رسمي من قياداتهم العليا ، وهو ما يشكل عبئا إضافيا ، إذ أن هذه الشريحة من الجنود و صغار الضباط حصلوا على التدريب و التأهيل الكافي في كيفية إستخدام السلاح ، و إنخراطهم في فعاليات الإنتفاضة يعني الكثير في الحسابات الأمنية الإسرائيلية .

إن إندلاع الإنتفاضة الثالثة و البناء على المراكمات النضالية المتواصلة و ما تخللها من هبات شعبية خلال الفترة الماضية يؤسس لمرحلة جديدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، كما أنها تعيد الصراع إلى المربع الأول من جديد ، و سوف تعصف بكل ما كرسته السياسات المتبعة خلال المرحلة الماضية التي قامت على فلسفة المفاوضات و إذا فشلت المفاوضات الحل هو المزيد من المفاوضات ، الذي حكم المواقف الرسمية الفلسطينية و شكل التجسيد العملي لسياسة الرئيس أبو مازن منذ تولى قيادة دفة الحكم ، وعلى ما يبدو أنه وصل إلى طريق مسدود ولم تحقق ما كان يبتغيه بعد أن إستبعد كل الخيارات الأخرى في المواجهة مع الطرف الإسرائيلي ، وكما كان يقول الشهيد المناضل " أبو علي شاهين " صاحب الخيار الوحيد فاشل بإمتياز ، ومن هنا لابد من تغيير جذري في السياسات و الممارسات و الإعتماد على قاعدة الخيارات المفتوحة للنضال الوطني . لقد أقر الرئيس أبو مازن بالعجز في تحقيق أي من الأهداف الوطنية الفلسطينية في خطابه أمام الأمم المتحدة في ظل التعنت و التطرف الإسرائيلي و عدم رغبة نتنياهو و حكومته في الوصول إلى تحقيق السلام الشامل و العادل ، و إصرار حكومته على أخذ كل شيء مقابل لا شيء .

من هنا فإن القرار الفلسطيني الآن في الشارع و ليس في يد القيادة الرسمية ، حيث أن كل شيء مرتبط بالتطورات الميدانية على الأرض و طبيعة الردود الإسرائيلية وما يقوم به قطعان المستوطنين من عمليات إجرامية ضد المواطنين الفلسطينيين ، علاوة على أن المناوشات اليومية في مدينة القدس و المسجد الأقصى يحل موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية الذي يعتبر موعدا للإشتباك الدائم بين المزارعين الفلسطينيين و قطعان المستوطنين ، والأمر الأهم هو إنسداد كل الأفاق الممكنة لإنجاز الأهداف الوطنية على المستوى السياسي في وجه الشعب الفلسطيني الذي وصل إلى درجة الإنفجار الكبير ، بعد أن فشلت المفاوضات في إحداث النقلة المطلوبة من كنس الإحتلال و تحقيق الإستقلال .

السؤال هنا يرتبط بالوجهة التي إختارها الرجل الثمانيني أبو مازن ولم يفصح عنها علانية ، بالرغم من كل مؤشرات التحول العميقة في تفكيره و دلالاتها المتلاحقة بمواقفه على الصعيد السياسي ، فهل يدفعه الواقع المرير أن يستعيد صقوريته في شبابه عندما كان الصوت المرجح في القيادة لإنطلاقة حركة فتح الأولى .. ربما !!.

ملاحظة : زمان كنا نفهم على الزعيم الراحل أبو عمار ماذا يريد دون أن يتحدث لكن الكارثة اليوم الرئيس أبو مازن يتحدث ولا نفهم ماذا يريد !!!