أخر الأخبار
بوتين يسيطر والأسد للكلام فقط!
بوتين يسيطر والأسد للكلام فقط!

حين انتفض الدبلوماسي والأكاديمي المؤرخ والخبير الروسي والمندوب الدائم لروسيا منذ عشر سنوات في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، محذراً بشار الأسد من عدم الإدلاء بتصريحات تمس جهود روسيا في الأزمة السورية وتقوض وجوده قائلاً:» إن التصريحات الأخيرة الصادرة عن الأسد لا تنسجم مع الجهود الدبلوماسية لروسيا..» فإن تشوركين كان لا ينطق عن هواه الشخصي بل عن أن روسيا تريد رفع مستوى التفكير بالحل لجميع الأطراف للجلوس معاً وتحديد المستقبل. وليس بشار الأسد هو المهم لروسيا، بل المصالح الروسية التي تعود جذورها في المنطقة إلى القرن الثامن عشر أيام كاترينا الثانية، وفي روسيا تململ في أوساط النخبة ولعل أبرزها تقديم وزير الخارجية لافروف طلباً إلى بوتين بالاستقالة كما سربت مصادر إعلامية روسية وأعلنت أن الأكثر حظوة في المنصب هو المندوب الروسي في مجلس الأمن الدكتور تشوركين الملقب بحامل الأسرار الروسية. ليس هذا أول التملل الروسي الذي أصاب الروس من الأسد جراء تعنته وعدم رضاه بالوقائع على الأرض،بل إن كبار القيادات الروسية أدركت أن القيادة السورية تبتز روسيا في مسألة مفادها أن ذهاب الأسد يعني ذهاب مصالح روسيا ووجودها المؤثر في المنطقة. وفي المقابل تدرك روسيا أن الاسد لا يملك مفاتيح الحل ولا يمنحها النفوذ وبالبقاء، وان عدد مقاتليه على الأرض يتناقص وان الوجود الإيراني والمليشيات أكثر من قوته وأن التعويض عن غيابها في الأرض لا يمكن أن يستمر بالقصف الجوي فقط. أمام هذا الواقع تفاهمت روسيا مع أمريكا التي تخلت عن فكرة رحيل الأسد بل دعمت العملية السياسية، وبذلك لا تريد روسيا نهاية مفاجئة للأسد كسابقه القذافي، قبل أن يسبق مغادرة الأسد تفاهم في المصالح والمستقبل، والمغادرة للأسد ليست مسقطة من الخيارات الروسية. إذ بين  د. تشوركين في مقابلة له مع صحيفة «كوميرسانت» التي تحسب أنها صيحفة نخبة في روسيا بأنه « إذا حذت السلطات السورية حذو روسيا، فستكون لديها الفرصة للخروج من الأزمة بكرامة، لكن إذا ابتعدت عن هذا الطريق على نحو ما فسيكون الوضع صعبا للغاية بالنسبة إليها..». مع بدء سريان إعلان وقف اطلاق النار في سوريا وهو نجاح لروسيا وليس للأسد،  فإن الروس يدركون أن المقايضة قد تبدو ممكنة كي تقايض أوروبا بالأسد لفك العقوبات الأوروبية واستعادة العلاقات التجارية معها؟ كما أنها مضطرة إلى الاصغاء لكلام رئيس مجلس العلاقات الدولية الروسية أندرية كورتونوف ومن معه من وزراء خارجية سابقون في روسيا حول كلام الأسد باستعادة السيطرة العسكرية بقول كورتونوف: « إن القدرات العسكرية لدمشق لا تسمح لها، ليس فقط بكسب الحرب، وإنما حتى بالمحافظة على ما حققته من تقدم حتى الآن..» في المحصلة الروس يتصرفون في المسألة بحسابات دقيقة، التوافق الغربي نضج، الأتراك لم يصلوا لاحلامهم، وايران منشغله الآن بانتخاباتها ولا تريد الصدام مع روسيا، والأسد متروك فقط للكلام والتصريحات،  فيما بوتين هو الممسك بزمام الأمور.