الفلسطينيون والرأي العام الأميركي
حقق الفلسطينيون تغييراً ملموساً في الرأي العام الامريكي من خلال نشاطهم الاكاديمي وتفاعلهم المنهجي المدروس مع وسائل الإعلام وادوات التواصل الاجتماعي.
وقد برزت هذه الحقيقة الهامة من خلال الدراسة العلمية المنهجية التي اجراها في الولايات المتحدة الامريكية الدكتور شبلي تلحمي, ونشرها معهد بروكينغز باسمه وتحت عنوان» التوجهات الامريكية العامة نحو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي» حيث يتضح من الاستطلاع ان الاجوبة على سؤال امكانية الضغط على طرفي النزاع لتحقيق تسوية, اجاب 77% من الديمقراطيين بان حياداً امريكياً افضل من الانحياز لاي طرف, فيما فضل 17% منهم الانحياز مع اسرائيل. بينما عبر 6% منهم عن انحيازهم نحو الفلسطينيين.
بينما فضل اعضاء الحزب الجمهوري, ممن تم استطلاع آرآئهم , وفي نفس وقت الاستفتاء, حيث اعرب 51% منهم عن إنحياز نحو اسرائيل, و46% البقاء على الحياد, بينما عبر 2% عن انحيازهم الى الفلسطينيين.
وقد تبدو نسبة التاييد للفلسطينيين ضئيلةً هامشيةً مقارنةً مع النسب الاخرى. ولكن اهمية هذه الدراسة انها كشفت الانحسار الهائل في نسبة التأييد لاسرائل مقارنةً مع سنوات سابقة, وخاصة في الحزب الديمقراطي, حيث كان التركيز للاكاديميين الفلسطينيين على اليسار الليبرالي بين شباب الجامعات وفي المنتديات الاجتماعية والاهلية, حيث تمزقت صورة اسرائيل كحمل وديع بين مجموعة من الذئاب التي تريد ان تفترسها, وتبين لليساريين من خلال عدوان اسرائيل المتكرر على لبنان, وجرائم الحرب التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة , ان لا علاقة لاسرائيل بالصورة الزاهية التي بثتها في العالم انها جنةٌ على ارض الاشتراكية العلمية.
وفي استطلاع عام 2000 كانت نسبة مؤيدي الانحياز لاسرائيل بين الديمقراطيين 39% بينما كانت نسبة مؤيدي الانحياز لاسرائيل بين أعضاء الحزب الجمهوري 82%.
وتكشف هذه الارقام تـًعـَري الايقونة الاسرائيلية عن دولة التقدم والديمقراطية والسلام العالمي كما نفخت فيها ابواق الاشتراكية الدولية, وجمعيات شعوب العالم التقدمي في الفترة الستالينية.
ولتعزيز ما تقدم من انحسار اسرائيلي لدى الرأي العام الامريكي, فقد نشرت مؤسسةبيو (PEW) العالمية لدراسات الراي العام, ومقرها في واشنطن, استطلاعاً للرأي ونشرته في أيار 2016 اي قبل ثلاثة اشهر وتقول فيه, ان 27% من الشباب الامريكي يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني ( والشباب هم حسب الاستفتاء من مواليد 1980 حتى 2000 ), بينما كانت النسبة 9% في استفتاء مماثل اجرته نفس مؤسسة بيو العالمية لقياس الراي العام وفي جميع الولايات الامريكية عام 2006.
وقد كان السؤال الثاني في ذلك الاستفتاء الذي اظهر ان نسبة مناصرة اسرائيل قد انحسرت الى 43% حالياً بعد ان كانت 51% قبل سنوات, اي في عام 2006.
وقد استطاع الفلسطينيون في الولايات المتحدة, من طلبة واساتذة جامعات, ان يعملوا لانجاح حملة المقاطعة ضد اسرائيل (بي. دي. اس )الى درجة جعلت الملياردير شيلدون اديلسون ان يعلن عن تخصيص 50 مليوناً من عائد ارباح كازينو القمار في لاس فيجاس لنشر قوائم باسماء النشطاء الفلسطينيين وتحريض المنظمات الصهيونية المتطرفة لتوجيه تهديدات القتل لهم, خاصة عصابة « كاناري ميشن « الاجرامية.
ومن الواضح ان الجهود الفلسطينية الدؤوبة هذه, لن تمنع الادارة الامريكية ان توقع بعد اسبوع الصفقة الكبرى مع اسرائيل وهي عقد التعاون الاستراتيجي العسكري الذي تمنح فيه واشنطن مبلغ 37 ملياراً خلال عشر سنوات, اي بزيادة مليار واحد كل عام عن المساعدات السابقة والتي كان رئيس الوزراء الاسرائيلي قد طلب ان تكون اربعة مليارات سنوياً.
ولكن هل من الممكن ان نرى بين العرب من يحتذي بالملياردير شيلدون اديلسون فيتبرع لانجاح حملة ( بي, دي.اس.) لمقاطعة اسرائيل اكاديميا واقتصادياً في اوروبا وامريكا والعالم.