أخر الأخبار
د.يوسف: أنا والوطن وخواطر موجوع
د.يوسف: أنا والوطن وخواطر موجوع

غزة - الكاشف ينوز: كتب د.احمد يوسف لا ينفك أحدنا عن التفكير في هموم الوطن حتى وهو على فراش المرض موجوع، لذلك وردت هذه الخواطر كلما تحسست شيئاً من الراحة بعد تعاطي الدواء 
(1)
مبادرة د. رمضان شلح وهذا التفاعل الكبير لها...
عندما أطلق الأخ رمضان شلح؛ الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، مبادرته ذات النقاط العشر في احتفالية الحركة بمناسبة الذكرى 29 لانطلاقتها، تحركت أغلبية الفصائل لتأييدها، وذلك أنها جاءت في ظل أوضاع كارثية تمر بها قضيتنا الفلسطينية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية من ناحية، ونظراً لخلو الساحة من أية مبادرات جادة يمكن أن يشكل التوافق حولها مسرحاً لحوارات تبعث في شعبنا الأمل بفرج سياسي قريب من ناحية أخرى، وربما كان للزيارة الأخيرة (البروتوكولية) للرئيس أبو مازن للدوحة ولقائه بقيادة حركة حماس، وما خلفته من غصة وخيبة أمل قاتلة لدى الفصائل والشارع الفلسطيني تفسيراً آخر.
كان النائب محمد دحلان والتيار المناصر له في حركة فتح أول الداعمين لمبادرة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي!! وناشدت حركة حماس على لسان أحد ناطقيها مصر بالدعوة لعقد حوار وطني شامل لمناقشة مبادرة د. شلح، ولولا تحفظ التيار الرسمي (السلطة) لقلنا بأن المبادرة قد حظيت ولأول مرة على إجماع وطني، وذلك لعدة أسباب، منها: أولا؛ أنها جاءت من فصيل إسلامي، كانت له دائماً تحفظات أو رفض لمعظم المبادرات الوطنية، التي لا تنسجم مع طروحاته الجهادية في التحرير والعودة. ثانياً؛ أن مبادرة تأتي من قبل التيار المعروف بتشدده السياسي كحركة الجهاد الإسلامي، وتطرح أفكاراً تحقق هذا الإجماع النسبي وطنياً، فهذا معناه أننا قد اقتربنا من خط التوافق الوطني.
صحيح أن النقاط التي تضمنتها المبادرة تكامل بعضها البعض، وباستثناء البند الأول الذي نادى بإلغاء اتفاقية أوسلو، فليس هناك خلاف على باقي النقاط، والتي سبق لكل الفصائل أن نادت أو بادرت ببعضها أو كلها.
نعم؛ هناك معضلة في البند الأول؛ والمتعلق بإلغاء اتفاقية أوسلو، لأن الحالة الفلسطينية الرسمية القائمة كلها ترتزق من وراء هذا الاتفاق، وأن محاولة تجاوزه تعني أننا سنضع خيار العودة للفعل المقاوم بالشكل الذي كان قائماً قبل عام 1994، والاستعداد لدفع كل ما هو مطلوب من تضحيات، والعمل وفق رؤية وطنية توافقية، وصياغة واقع فلسطيني جديد، وهو أن يعمل "الواحد من أجل الكل، والكل من أجل الواحد"، وتنتهي لغة القبيلة أو الحزبية البغيضة التي شرذمت الساحة الفلسطينية بأعلامها وانطلاقاتها وشعاراتها، التي غطت على مشروعنا الوطني ومناسباتنا الوطنية وأضاعت علمنا ووجداننا الفلسطيني.
كما أن الغاء الاتفاق يجب أن تسبقه وضع رؤية لكيفية معالجة الكثير من الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، التي هي قائمة بكلياتها عليه، من حيث الشرعية والدعم المالي.
في الحقيقة، هناك من تحدث عن هذا البند، وقدَّم شرحاً يقلل من مخاوف من تحفظوا عليه في مبادرة الأمين العام، حيث أشار الأستاذ حسن عصفور؛ أحد مهندسي هذا الاتفاق قبل عقدين من الزمان ، في مقال له بعنوان (مبادرة د. شلح.. انطلاقة سياسية واجبة!)، قائلاً: "من حيث النص، وبعيداً عن اللغة - المصطلح الذي يحكم حديث قائد الجهاد بحكم مسؤوليته التنظيمية وثقافته الفكرية الإسلامية، فإن نص المبادرة، تعامل مع جوهر البرنامج المفترض أن يكون، مع بعض "ثغرات" تستوجب أخذها، خاصة وأن د. شلح، لم يدع الكمال السياسي فيما عرض، ولا "نصاً مقدساً، بل هي "مبادرة تمثل انطلاقة لحراك سياسي وطني فلسطيني خارج قطبية الانقسام.. فالدعوة لإلغاء اتفاق أوسلو، ومع تعديل للنص اللغوي، واستبداله بوقف العمل به، واعتباره منتهي الصلاحية نصاً وزمناً، تكون هذه المسألة الجوهرية التي يجب بناء المشروع الوطني القادم عليها، وهي تترابط بمسألة، سحب الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير ودولة الكيان، والذي لم يعد له وجود اسرائيلي، فدولة الكيان ألغت الاعتراف بمنظمة التحرير منذ زمن نتنياهو الأول بعد 1996. لذا، الواقع يفرض ذلك.. لكن البديل هنا، الذي لم يشير له د. شلح، هو استبدال الاعتراف بين المنظمة والكيان بـاعتراف بين دولة فلسطين والكيان، والمسألة هنا ليست شكلية ولا خلافاً في اللغة، بل هو جوهر سياسي هام. وأضاف: يجب "المطالبة بوقف العمل باتفاق أوسلو والاعتراف المتبادل بين منظمة وكيان، يجب أن يكون المسألة المركزية لأي حوار وطني حقيقي، كونه المدخل الضرورة نحو صياغة مشروع وطني تحرري فلسطيني شامل في مواجهة مشروع تهويدي عنصري احتلالي..".
من وجهة نظري، أن نقاط المبادرة التسع الأخرى هي محل إجماع الكل الوطني والإسلامي، وهي بالتالي ما يمكن أن يتحقق معها "لقاء الاتفاق" للتفاهم والحوار بخصوص المشروع الوطني الفلسطيني، والذي إذا تمَّ وتحصلت معه الرؤية الوطنية الجامعة، يمكن أن نصل إلى "لقاء التوافق" حول الموقف من اتفاق أوسلو، وبالتالي التبني الكامل لرؤية وطنية توافقية جامعة، تكون بمثابة الطبعة المعدلة للمشروع الوطني الفلسطيني بصيغته التي يمكن عليها نحقق الإجماع الوطني والإسلامي للمرة الأولى في مسيرتنا النضالية، بهدف تحقيق حلم شعبنا في التحرير والعودة.
(2)
هل حركة فتح في طريقها إلى انشقاق جديد؟ سؤال برسم الجواب بعد المؤتمر السابع للحركة في نهاية هذا الشهر!!
إرهاصات توحي بأن حركة فتح لن تتجاوز خلافاتها؛ لأن تسلط عقلية الفرد، وغياب قرار المؤسسة، وفقدان حكمة الرجل الرشيد، هي اليوم مشهد من يحكم تصرفاتها، والمتحكم في عملية اتخاذ القرار فيها.. دعوات انتقائية للمؤتمر السابع، وقطع رواتب المتجنحين (الإصلاحيين)، وعقاب كل من يتجرأ من الحركة برفع صوته مطالباً بالإصلاح، وتهميش وعدم اهتمام بكوادر الحركة في قطاع غزة، ووجود فرص لبدائل أخرى، وتراجع فنح السلطة عن أركان وثوابت المشروع الوطني الفلسطيني، كلها مؤشرات على هذا الطريق، والذي هو خطوة بائسة لن تعزز وحدة فتح، ولن تقوي حضورها الجماهيري في ساحتنا الفلسطينية.. إن وحدة فتح وقوتها هي رافعة للمشروع الوطني، فاعتبروا يا أهل الوطنية، ويا دعاة الاتهام الجائر للآخر بأنه وراء الانقسام والقطيعة.
(3)
الهبَّاش وخطبة الجمعة: مجرد ملاحظة...
أقعدتني الإنفلونزا عن الذهاب لصلاة الجمعة، فاستمعت لجزء من خطبة محمود (الشيخ) الهبَّاش، والتي بدأها بالحيث عن "دعوة المظلوم"، فاستبشرت خيراً، ظاناً بأن الرجل يقصد أولئك الكوادر والقيادات من حركة فتح الذين قيل أن الرئيس أبو مازن أدرج أسماءهم الأسبوع الماضي على "قائمة المتجنحين" لفصلهم من الحركة وقطع رواتبهم، وها هو أحد رجالاته المقربين ومن على منبر المقاطعة يقوم بتذكيره وتحذيره من مغبة هذا الأمر على حياته وآخرته!! إلا إن الهبَّاش؛ أحد وعاظ الرئيس المخلصين، سرعان ما قام بتوضيح مغزى حديثه قبل أن يذهب تفكير الرئيس بعيداً، وأن المقصود بـ"دعوة المظلوم" إنما هو بلفور: ذلك اللعين، الذي قام بإعطاء فلسطين التي لا يملك، لمن لا يستحق من اليهود.. فالقصة لم تكن كما ساقنا الظن بعيداً؛ أي ليست هي تلك المظلمة التي لحقت أو ستلحق بكوادر من حركة فتح أو عناصر من الحركة الوطنية؛ لأنهم خالفوا زعيمهم الرأي أو اختلفوا معه في بعض المواقف، وأن المطلوب من الرئيس بدل العقاب هو اتباع سياسة الحوار (وجادلهم بالتي هي أحسن)، والاستيعاب عبر بوابة (العافين عن الناس)، حفاظاً على وحدة الحركة، وحماية تاريخ مناضليها، ومستقبل عائلاتهم وذراريهم، وضمان ولائهم للوطن والقضية، التي قضوا أعمارهم في ميادين الكفاح والسجون من أجلها، والأهم هو "حماية الرئيس من دعاوي أهاليهم عليه"؛ لأن عاقبة ذلك ستكون "خسرى" على آخرته.
ولفت نظري في الدقائق التي استمعت لها، هو حديثه عن اليهود الذين منحهم بلفور بوعده الأرض، قائلاً: أيها اللصوص الذين سرقوا الأرض؛ أيها الإرهابيون...!! فقلت في نفسي: هل يعقل أن شخصاً يقول مثل هذا الكلام هو ذات الشخص الذي شاهدنا له صوراً قبل أسبوع وهو يضحك ويبتسم في أحد بيوت الحاخامات !!
وقبل نهاية خطبته الأولى، ذكَّرنا الهبَّاش بالمقولة الشهيرة "هيهات منَّا الذلة" للإمام الحسين بن علىّ؛ سبط رسول الله (ص)، وكنت سأصدق ما يعنيه لولا أن الجهة التي يمثلها أو التي تعطيه الشرعية والغطاء لكل ما يتحدث به قد صدمتنا بكثرة مشاهد الخزي والذلة في مواقفها السياسية، وأوغلت في خصومة كل من هم عنوان للعزة والكرامة والفخر.
لقد سمعت وقرأت عن وعَّاظ السلاطين كثيراً، ولكنني لم أشاهد أحداً بهذا المستوى من الدجل والنفاق.
وإذا كان الهبَّاش هو أحد بطانة الرئيس المقربين والمؤثرين في الملأ من حوله، فلا عجب أن تستمر القطيعة والشقاق بين الفلسطينيين، ولا غرابة أن يستحكم العداء بينهم.
يا سيادة الرئيس.. نريد أن نشاهدك في صلاة الجمعة مرفوع الرأس وليس مطأطأ لها.. ابحث لك عن خطيب يذكرك بالله وبشعبك، وبصفحات الخالدين من عظماء أمتك، وليس بمن يخدعك ويضلك عن سبيل الله.