عمان – الكاشف نيوز : حظيت الزيارة الرسمية لجلالة الملك عبدالله الثاني إلى نيوزيلندا، التي اختتمها امس الأربعاء، بتقدير عال من كبار المسؤولين النيوزيلنديين، والذين وصفوها بأنها فرصة مهمة لتطوير العلاقات الأردنية النيوزيلندية، والاطلاع على دور الأردن في التعامل مع الأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
زيارة جلالته إلى نيوزيلندا، والتي تلت زيارة الدولة التي قام بها جلالته وجلالة الملكة رانيا العبدالله إلى أستراليا، ركزت على توسيع التعاون بين الأردن ونيوزيلندا في مختلف المجالات.
واتفق البلدان على زيادة التعاون في مجالات الطاقة البديلة والمتجددة، والزراعة، والتعليم، والتدريب المهني والتقني، وصناعة الأفلام، والدفاع، وتبادل الخبرات في مجال الدفاع المدني.
برنامج الزيارة الملكية، التي شملت العاصمة ويلينغتون، ومدينة أوكلاند، اشتمل على لقاءات مع الحاكم العام ورئيس الوزراء وقيادات برلمانية نيوزيلندية.
مباحثات جلالة الملك مع الحاكم العام لنيوزيلندا باتسي ريدي، ركزت على توطيد العلاقات بين البلدين، وتم التأكيد على أهمية تبادل الزيارات بين ممثلي القطاع الخاص في الأردن ونيوزيلندا لاستكشاف الفرص الاستثمارية.
كما جرى استعراض ما تتمتع به المملكة من مميزات استثمارية على مستوى المنطقة، وإمكانية الاستفادة منها من قبل المستثمرين النيوزيلانديين في مختلف القطاعات.
المباحثات ركزت أيضا، على التطورات التي تشهدها أزمات الشرق الأوسط، خصوصا الأزمة السورية وجهود محاربة الإرهاب، حيث أكدت على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، يضمن وقف الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب السوري.
جلالته لفت، في هذا الصدد، إلى الأعباء المتزايدة التي تسببت بها الأزمة السورية على دول الجوار، وفي مقدمتها الأردن، الذي يستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين.
وفيما يتعلق بالجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب، أكد جلالة الملك أهمية التصدي لهذا الخطر، ضمن استراتيجية شمولية بأبعادها الأمنية والفكرية.
جلالة الملك وخلال المباحثات، أكد تطلع الأردن لمزيد من التنسيق والتشاور مع نيوزيلندا حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبما يخدم مصالحهما.
بدورها، قدرت الحاكم العام لنيوزيلاندا باتسي ريدي، ما يبذله الأردن من جهود لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، مؤكدة تطلع بلادها لتعزيز العلاقات مع المملكة، التي وصفت ما حققته من إنجازات، بـ «الكبيرة»، خاصة ما يرتبط بإجراء الانتخابات النيابية في ظل ظروف إقليمية شديدة التعقيد.
الدور الأردني في التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، وتقديم الخدمات الإنسانية والإغاثية لهم، حظي بإشادة الحاكم العام، حيث شددت على ضرورة دعم المجتمع الدولي لهذا الدور المهم.
وخلال مأدبة العشاء، التي أقامتها الحاكم العام لنيوزيلاندا تكريما لجلالة الملك والوفد المرافق، أكد جلالته في كلمته أن نيوزيلندا تعد نموذجا للمجتمعات متعددة الثقافات، مقدرا مشاركتها في الشؤون الدولية وإسهاماتها التاريخية في جميع أنحاء العالم.
ولفت جلالته إلى الشراكة التي تربط الأردن مع نيوزيلندا، وقال «إن بلدينا الآمنين والمستقرين ينعمان بالازدهار بفضل نظام عالمي يربطنا عبر قيم التعاون والاعتدال والتسامح»، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن «عالمنا يواجه خطرا غاشما من المتطرفين الذين يسعون إلى تدمير القيم التي تربط الإنسانية».
وفي معرض حديث جلالة الملك عن الفهم الخاطئ للإسلام، قال جلالته «لقد صدمتُ، خلال السنوات الأخيرة الماضية، من عدد قادة الرأي العام العالمي الذين ما زالوا لا يفهمون الإسلام، الدين الذي يؤمن به ويتبعه ما يقارب ملياري شخص من الرجال والنساء المسالمين والفاعلين في جميع أنحاء العالم»، مؤكدا أنه «حان الوقت لإنهاء هذه الانطباعات الخاطئة».
وأكد جلالته «أن ديننا يعلمنا أن كل البشر متساوون في الكرامة.
هذه هي القيم التي أعلّمّها لأبنائي وهي القيم ذاتها التي تعلمتها، وهي القيم ذاتها التي يزرعها المسلمون في بيوتهم في الأردن، وهنا في نيوزيلندا وفي جميع أرجاء العالم».
الحاكم العام لنيوزيلاندا باتسي ريدي، أكدت، في كلمتها، أن زيارة جلالة الملك «تعد نقطة مضيئة في علاقاتنا الثنائية».
وأكدت التزام بلادها بالتواصل مع الأردن، وقالت «نحن حريصون على مواصلة الحوار حول القضايا الثنائية والإقليمية، إضافة إلى التحديات العالمية».
وعبرت الحاكم العام، في كلمتها، عن تقديرها لدور المملكة، بقيادة جلالة الملك، في مساعي تحقيق السلام، والحرب على الإرهاب، وكذلك استجابتها لأزمة اللاجئين السوريين، وقالت «نحن نقدر السخاء والكرم الهائل الذي قدمه الأردن في استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين».
جدول أعمال الزيارة تضمن أيضا، لقاء جلالة الملك مع رئيس وزراء نيوزيلندا، جون كي، حيث تم التأكيد خلال المباحثات، على بذل الجهود لتعزيز العلاقات الأردنية النيوزيلندية، وتطويرها في الميادين الاقتصادية والتجارية والدفاعية.
كما جرى بحث سبل الاستفادة من خبرات نيوزيلندا الزراعية وتقنيات التوفير في استخدام المياه، وفي مجالات الطاقة المتجددة والبديلة، والتدريب المهني والتقني والتعليم من خلال زيادة عدد البعثات الدراسية النيوزيلندية لطلبة الماجستير الأردنيين.
وتناولت المباحثات جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وضرورة تكثيف الجهود لإحياء المفاوضات، استنادا إلى حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، إضافة إلى الأزمة السورية ومستجدات الأوضاع على الساحة العراقية.
رئيس وزراء نيوزيلندا، وخلال المباحثات، أشاد بالدور الذي يضطلع به الأردن في تحقيق الأمن والاستقرار على مستوى المنطقة والعالم، وقال «إن الكثير من القادة الدوليين الذين التقاهم أشادوا بحكمة قيادة جلالة الملك في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية».
لقاءات جلالته مع قيادات برلمانية نيوزيلندية، تضمنت أيضا بحث آفاق التعاون بين البلدين، وما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أزمات.
فقد التقى جلالته رئيس مجلس النواب النيوزيلندي، ديفيد كارتر، ورئيس وأعضاء لجنة الشؤون الخارجية، والدفاع، والتجارة، في مجلس النواب النيوزيلندي، وزعيم المعارضة في مجلس النواب النيوزيلندي، أندرو ليتل.
ووصف رئيس لجنة الشؤون الخارجية، والدفاع، والتجارة، مارك ميتشل، الأردن بالدولة المهمة، وأنها «جزيرة آمنة، ولولا الجهود التي تبذلها المملكة لكان وضع الشرق الأوسط أكثر تعقيدا».
جلالته زار أيضا استوديوهات ويتا لصناعة الأفلام والإنتاج السينمائي، في العاصمة النيوزيلندية، واطلع على أحدث التقنيات المستخدمة في صناعة الأفلام.
وكانت وسائل إعلام وصحف نيوزيلندية، أبرزت بدورها، أهمية هذه الزيارة الملكية، حيث أشار راديو نيوزيلندا إلى لقاءات جلالة الملك مع المسؤولين النيوزيلنديين، وانعكاسها على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
فيما تناولت صحيفة «نيوزيلند هيرلد»، تصريحات رئيس الوزراء النيوزيلندي، التي أكد فيها أن جلالة الملك يحظى باحترام قادة العالم، لما يقوم به من دور لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم.
أما التلفزيون النيوزيلندي، فنقل على لسان مسؤولين نيوزيلنديين استعداد بلادهم لمواصلة دعم المملكة لتمكينها من التعامل مع أزمة اللجوء السوري، وحرص البلدين على تبادل الخبرات في عدة قطاعات حيوية.