عمان – الكاشف نيوز : التقى جلالة الملك عبدالله الثاني، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، في قصر الحسينية، امس الأحد، رجال دين وشخصيات وقيادات مسيحية، بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية.
وأكد جلالته، خلال اللقاء، أن هذه المناسبة تجسد قيم التراحم والتسامح والمحبة بين أبناء الديانتين الإسلامية والمسيحية في الأردن، وقال «الحمد لله، المسلمون والمسيحيون في هذا البلد يمثلون الاعتدال والتسامح».
وأكد جلالته، خلال اللقاء الذي حضره سمو الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، المبعوث الشخصي لجلالته، أن المسيحيين جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي وإنجازاتهم في بناء الوطن ماثلة للجميع.
وشدد جلالته على أن المسلمين والمسيحيين في الأردن يشكلون أسرة واحدة متكاتفة تعمل من أجل مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره، وزاد جلالته «يجب أن نعمل سويا حتى نحمي مستقبل أجيالنا في ظل التحديات التي نواجهها».
وأكد جلالته أن استقرار الأردن وأمنه يعتمد بشكل أساسي على وحدتنا الوطنية واحترام الجميع لسيادة القانون.
كما أكد جلالته أن الأردن سيواصل دوره التاريخي والديني في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، استنادا إلى واجبه الديني والتاريخي، والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وبما يحافظ على هوية مدينة القدس وعروبتها.
وفيما يتعلق بتطورات الأزمة السورية، قال جلالته إنه من المؤلم أن ننهي عاما آخر بالمزيد من إراقة دماء الأبرياء من النساء والأطفال في سوريا، مؤكدا أنه لا بد من حل هذه الأزمة، وهي الآن مسؤولية دولية في عام 2017، لافتا جلالته، في هذا الصدد، إلى الأوضاع في العراق وما شهدته مصر الأسبوع الماضي من تفجير إرهابي لإحدى الكنائس.
بدورهم، أعرب عدد من رجال الدين المسيحي، في كلماتهم خلال اللقاء، عن تقديرهم لجلالة الملك وحرصه على لقائهم بمناسبة الأعياد المجيدة، لافتين إلى أن الأردن يشكل نموذجا للعالم في العيش المشترك والاحترام المتبادل.
وأكد غبطة بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال الأردن وفلسطين، كيريوس ثيوفيلوس الثالث، في كلمته، أن نموذج العيش المشترك في الأردن، جعل منه منارة مشرقة في العالم ومثالا للتسامح والتكافل الحقيقي.
وقال «نفخر بأن نكون تحت وصاية جلالتكم على جميع المقدسات الدينية داخل أرضنا المقدسة الحبيبة، مسيحية كانت أم إسلامية»، معربا عن شكره لجلالة الملك على مساهمته بترميم القبر المقدس في كنيسة القيامة.
وأكد البطريرك ثيوفيلوس الثالث، أن هذا العيد مهم للعديد من الشعوب التي تعيش في الشتات، والذين تتوجه قلوبهم في هذه المناسبة إلى أوطانهم، ويتطلعون لمساعدتهم على النجاة من ويلات الحروب والاضطهاد والعنف، والنفي من منازلهم، مشيدا بدور الأردن، بقيادة جلالة الملك، في استضافة الكثيرين منهم ورعايتهم.
بدوره، عبر المدبّر الرسولي للبطريركيّة اللاتينيّة في القدس، نيافة المطران بيير باتستا بيسابلا، في كلمته، عن شكره للأردن على استقباله مئات الآلاف من المهجرين من سوريا والعراق، وفتحه أبوابه لإخوانه العرب بالرغم من إمكانياته المحدودة.
وأكد أن المملكة، بقيادة جلالة الملك، ستبقى واحة أمن وأمان واستقرار لجميع سكانها، من مسلمين ومسيحيين على حد سواء، بالرغم من الأزمات التي تحيطها.
وأعرب عن شكره لجلالة الملك على حرصه على الحضور المسيحي في الأردن واعتباره مكونًا أساسيا من المجتمع الأردني الواحد، مثمنا جهود جلالته في ترميم كنيسة القيامة في القدس، ضمن الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.
وأكد حرص الكنائس والمسيحيين على العيش المشترك ووقوفهم مع إخوانهم المسلمين في المسجد الأقصى وفي الحرم الشريف، أمام أي انتهاك لهذا المكان المقدس.
وأشاد بجهود الأردن، بقيادة جلالة الملك، في الحرب على الإرهاب، وجرائم القتل والتهجير التي ترتكب باسم الدين. وعبر مطران الكنيسة القبطية في القدس والأردن، نيافة المطران الدكتور الأنبا أنطونيوس، عن شكره لجلالة الملك على مؤازرته لمصر وللمصريين في ظل الأحداث الإرهابية الأخيرة، مؤكدا أن هذا الموقف يدل على أصالة وعراقة الهاشميين.
كما عبر عن شكره باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لجلالة الملك على وصايته على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وقدر عاليا جهود جلالة الملك في جعل الأردن واحة أمن وأمان ونموذجا يحتذى في العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، مؤكدا دعم الكنيسة لجهود جلالته المبذولة من أجل إحلال السلام في المنطقة والدفاع عن المقدسات في مدينة القدس.
من جانبه، أعرب رئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، ورئيس الاتحاد اللوثري العالمي، نيافة المطران الدكتور منيب يونان، في كلمته، عن شكره لجلالة الملك على استضافة مجلس الكنائس في الشرق الأوسط، الذي يضم العائلات الكنسية الأربعة من أرثوذكسية، وأرثوذكسية شرقية، وإنجيلية وكاثوليكية، والتي أعطت للمجلس دفعة جديدة ليجمع شمله بعد انقطاع طويل، وينطلق من عمان إلى جميع بلدان الشرق الأوسط بهمة جديدة متجددة ليكون صوتاً وحدوياً مسيحياً يدافع عن الحق ويتكلم عن العدالة ويعطي كل ذي حق حقه.
وأكد أن هذه الاستضافة تعبّر عن موقف جلالة الملك الداعم لتعزيز الوجود العربي المسيحي، لافتا إلى أن اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب الأردني الواحد من مسيحيين ومسلمين تتجسد في الأردن تجسداً طبيعياً.
وقال «نحمل الى جلالتكم تحيات القدس وأهلها، ونحن على علم يقين، ان القدس هي في قلبكم ووجدانكم وعقلكم واستراتيجيتكم، بل أكثر من ذلك، فلكم الوصاية التاريخية على مقدساتها الإسلامية والمسيحية»، مؤكدا أن الوصاية الهاشمية لها وقع كبير في نفوس المقدسيين.
واستذكر ما قام به الخليفة عمر بن الخطاب، وهو في القدس، عندما حان موعد الصلاة، ورفضه إقامتها في كنيسة القيامة، ليؤديها في مكان قريب لها، يعرف اليوم بالمسجد العمري، مشيرا إلى أن ذلك يشكل درسا لأتباع الديانات في احترام كل مكان مقدس للدين الآخر.
وأكد أن الأماكن المقدسة هي مكانٌ وجب احترام قدسيتها، ووجب احترام وتطبيق الوضع القائم التاريخي لها في القدس، لأن هذه الأماكن هي للصلاة والتعبد والتقرب إلى الله، لا مكان للنزاع.
وقدر عاليا، باسم الجمعية العمومية لمجلس الكنائس في الشرق الأوسط، دور المملكة وجهودها التاريخية في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وقال «يعلمنا التاريخ أن الحفاظ على الوضع التاريخي القائم هو أساسي لسلام القدس، ولذا، لا يمكن أن يكون سلام في الشرق الأوسط دون عدالة القدس».
وحضر اللقاء:رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وأمين عام الديوان الملكي الهاشمي.