القاهرة - الكاشف نيوز
جلس إبراهيم يتجاذب أطراف الحديث مع زوجته ممددا ساقيه على قطعة متهالكة من السجاد بعد عناء يوم شاق، امسك كوب الشاى وتناول رشفة قوية متلذذا بنكهة النعناع قبل ان يضعه بجواره مرة اخرى، «خير.. أكيد عايزة تقولى حاجة».. نظر اليها متسائلا وهو يطالع ابتسامة عريضة تعلو وجهها ..قالت «بنتك جالها عريس النهاردة»، تهللت أسارير وجهه وبدت عليه مشاعر الرضا قبل أن تتجهم ملامحه مرة أخرى كأنه تذكر شيئا «بس احنا مش جاهزين لمصاريف الجواز»، ردت عليه مواسية «ان شاء الله ربنا هيدبرها من عنده، أهم حاجة نستر البنت»، أومأ برأسه موافقا على كلامها قبل أن ينهض متجها إلى غرفته فى خطوات متثاقلة ينال قسطا من الراحة.
«وحشتنى قوى يا كمال، بابا خلاص وافق على الخطوبة»، رد عليها عبر أثير الهاتف بصوت أشبه بالصراخ من شدة فرحته «أنا مش مصدق نفسى يا هبة، أخيراً هنكون لبعض يا حبيبتى».. تمايلت الفتاة العشرينية بدلال وهى تستمع لكلماته وتورد وجهها خجلا، «هتيجى أمتى علشان تقابل بابا».. قال فى لهفة واضحة «اجازتى يوم الجمعة، هجيب والدتى معايا وأخطبك».. خفق قلبها بشدة حتى احست أنه سيقفز من مكانه وقالت بهمس العشاق « فى انتظارك يا حبيبى».
داخل منزل متواضع زينته عناقيد الانوار الكهربائية، تصاعدت أنغام الموسيقى الصاخبة من سماعات ضخمة لتعلن عن خطبة العروسين وسط تجمع الاهل والجيران، وانطلقت الزغاريد تصدح فى كل مكان لتضفى جوا من البهجة والمرح وتراقص الجميع على انغام الأغانى الشعبية حتى ساعة متأخرة من الليل. مرت الشهور بين العاشقين تتخلل لياليها الطويلة مشاعر الحب والغرام تارة ولحظات الخصام والنفور تارة أخرى كلما تحدثا عن مصاريف الزواج وتجهيز عش الزوجية حتى كانت اللحظة الفارقة فى حياتهما عندما صمم كمال على فسخ خطبتهما، جن جنونها وأصيبت بحالة نفسية سيئة، فكرت كيف تثنى خطيبها عن قراره وفجأة طرقت رأسها فكرة مجنونة راحت تكبر وتكبر.. جلست الفتاة مطرقة الرأس أمام والدها وهو يعنفها بكلماته «يعنى ايه خطيبك مش عايز يتجوزك بعد سنة كاملة من الخطوبة»، اغرورقت عيناها بالدموع وهى تجيبه بصوت مبحوح من أثر البكاء «ضحك على وخدعنى و... و....» نظر إليها شذرا وانتفخت أوداجه من الغضب «ضحك عليكى إزاى» غلف الصمت المكان وعجزت عن النطق، انتفض من مكانه واقفا و صفعها على وجهها بقوة «عايزة تقولى ايه، اتكلمى»، تحجرت الكلمات فى حلقها وراحت تلطم وجهها قبل ان يتعالى نحيبها مرة أخرى.. دارت به الدنيا وتثاقلت رأسه بعدما تكشفت له الحقيقة، شعر بطعنة غادرة اغتالت شرفه.. ابنتى.. احب الناس الى قلبى هى من كسرتنى.. لوثت سمعتى التى كافحت طوال عمرى لصونها، لا بد أن تنال عقابها.. هنا صرخت زوجته فى وجهه «كفاية، انت كده اللى هتفضحنا، لازم نحل الموضوع بهدوء».. رد عليها بحدة متسائلا «إزاى، أعمل ايه فى المصيبة دى»، صمتت لحظات قبل ان تجيبه «اطلب مقابلته فى البيت ونحاول نتفاهم معاه، يمكن يوافق يتجوزها».
دق جرس الباب معلنا وصول كمال، انتزعت الام ابتسامة عريضة لترسمها على وجهها وهى ترحب به «اتفضل يا بنى، عمك إبراهيم فى انتظارك».. قادته إلى غرفة الجلوس حيث كان يجلس على أحر من الجمر، بادره بتحية مقتضبة، ثم ساد الصمت بينهما لحظات قبل ان يقطعه صوته الخشن «هبة قالت لى على كل حاجة والمشاكل اللى بينكم».. رد عليه بلا مبالاة «كل شىء قسمة ونصيب يا عمى» ..نظر إليه الرجل متمالكا أعصابه «بس الجوازة دى لازم تتم، وأنا هتساهل معاك فى كل المصاريف، اللى عايز تجيبه هاته وانا هكمل».. نظر إليه الشاب مبتسما «يا عمى أنا مش جاهز للجواز ومش معايا فلوس».. ضغط إبراهيم على أسنانه غيظا وارتفع صوته محتدا «مش جاهز ،آمال بتخطب بنتى ليه، وبتضحك عليها ،لازم تصلح غلطتك وتتجوزها».. نظر إليه الشاب مستغرباً «الجواز مش بالعافية ،واحنا مش مناسبين لبعض».. هب الرجل واقفاً من الغضب ثم دفعه بيده وهو يصرخ «بنات الناس مش لعبة، لازم تاخد عقابك» دفعه الشاب بيده ليسقط أرضا وهو يسبه وهم بالخروج من المنزل.. جن جنون إبراهيم بعد فشل خطته فى إتمام الزواج وستر عاره، فاستل سكينا وطعنه فى صدره عده مرات وهو يصرخ «لوثت شرفى، انت لازم تموت».