القاهرة-الكاشف نيوز: صرَّح عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، بأن الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة من عُمر الإدارة الأمريكية الحالية كانت تريد إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الرئيس أوباما كان يريد الذهاب إلى مجلس الأمن لإصدار قرار شامل لإنهاء القضية الفلسطينية، لكن ما واجهه هذا الموقف من صعوبات أدت إلى أن ترى الإدارة ضرورة تدخُّل مجلس الأمن من أى زاوية ممكنة، والزاوية الأهم والأكبر تأييدًا من المجتمع الدولي كله هي قضية المستوطنات.
وقال موسى: إنه كان معروفًا أن الولايات المتحدة مُقْدِمة على تسهيل استصدار هذا القرار بالامتناع عن التصويت، بصرف النظر عن أنها فى الأيام الأخيرة لإدارتها، خاصة بعد أن أعلنت فرنسا الدعوة لمؤتمر دولي يوم 15 يناير، أي قبل 5 أيام من نهاية هذه الإدارة الأمريكية، والتى سوف تشارك فى المؤتمر الفرنسي بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأكد موسى، في تصريحات صحفية، أن إدارة أوباما تأخرت في هذه الخطوة، وربما كان ممكنًا أن تأتى منذ عام، لكن أن تأتي الخطوة متأخرة أفضل من ألّا تأتي أبدًا، فلا بد من احترام الهدف الذي يعمل العالم من أجله الآن وهو إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية.
وأوضح أنه رغم كل ذلك فإنه قرار يحمل رمزية قوية، فرئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم لن يستطيع أن يعمل على إلغاء القرار كما أعلن، لأنه صدَر بإجماع وترحيب كبير من مجلس الأمن؛ لأن الاستيطان ماهو إلا ظلم فادح من قِبل إسرائيل، ولا يمكن إجراء مفاوضات تجاهه من قِبل أي دولة تحترم نفسها.
وأشار إلى أن جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، أكد أن كل العقبات التي تقف أمام إنشاء دولة فلسطينية جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، يجب أن تزول، ووجَّه رسالة لإسرائيل بأن سياستها في استمرار بناء المستوطنات سياسة خائبة وسوف تضر الولايات المتحدة؛ وهو كلام منطقي ويحظى بالتأييد الدولي، بصرف النظر عن رد فعل نتنياهو وأنصاره فى أمريكا.
وأضاف موسى أن مجلس الأمن أيّد بشدةٍ مشروع قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلي، بل إن الوفود الرسمية بادرت بالتصفيق له مع أن هذا ممنوع عليها، وهذا ردُّ فعل عالمي قوي وإشارة على بداية عزلة لإسرائيل، وعقابها دوليًّا، ففي اللحظة التي استشعر فيها العالم أن الأمريكان نزعوا القبة السياسية الحديدية التى كانت موضوعة فوق إسرائيل، تحرَّك لإيقاف إسرائيل.
وتابع: "لا نستبعد أن نفاجأ بعد فترة بمشكلة أخرى، وهي أن دونالد ترامب يريد الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وقد يزورها، لذلك لا بد من إعداد موقف من الآن، فالسياسة تتطلب المواقف المدروسة؛ لأن هذا القرار لو اتخذ سيمثل نوعًا من الخفة السياسية؛ لأنه لا يمس الفلسطينيين والإسرائيليين فقط، وإنما يمس كل الدول والشعوب العربية والدول الإسلامية، بل المسيحية أيضًا، حيث لا نستبعد أن يتخذ الڤاتيكان موقفًا قويًّا إزاء هذه القضية".
وتوقَّع موسى سياسة جديدة قادمة مع الرئيس ترامب ولكن هذا لا يعني أن الإدارة الحالية ليس لها الحق فى أن تصحح موقفها وأن تؤكد موقفًا صحيحًا فيما يتعلق بالاستيطان، وتساعد المجتمع الدولى على إرساء أسس واضحة من أعلى سلطة تتعلق بالأمن والسلم الدوليين؛ فهذه خطوة كبيرة جدًّا، وإن كان نتنياهو يظن أن هذا يمكن إلغاؤه بعد تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فهو من أصعب ما يكون؛ لأنه مهما كانت الضغوط فمجلس الأمن به العديد من الدول المحترمة التى سوف ترفض مثل هذه المواقف.
وفيما يخص العلاقات المصرية الأمريكية طالب موسى باستمرار السياسة التى تحافظ على أفضل العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وأن هذا يتطلب عدة أمور، أولها أن تبادل أمريكا مصر نفس الرغبة، وثانيًا أن مصر تقدم نفسها للإدارة الجديدة باعتبارها دولة رائدة فى العالم العربي، وليست هاربة من العالم العربي، ومقدمة وقادرة على إعادة التوازن مرة أخرى، وقوة إقليمية لها اعتبارها وسياسة محترمة محددة، فنحن دولة كبيرة ستصبح 100 مليون نسمة أثناء تولى ترامب رئاسة أمريكا.