أبو ظبي - الكاشف نيوز:عجلت دول الخليج من خطواتها لبلورة موقف موحد تجاه الدور الإيراني في المنطقة، مستفيدة من مناخ دولي مهيأ لعزل إيران التي استفادت بشكل كبير من فسحة زمنية استثنائية وفرتها لها الإدارة الأميركية السابقة، وفوضى سياسية واستراتيجية غير مسبوقة في المنطقة
وجاءت الخطوة الإماراتية باستدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية في أبوظبي احتجاجا على تزويد إيران للميليشيات الحوثية بالأسلحة بطرق “غير مشروعة” كتذكير بخطورة الترسانة العسكرية الإيرانية على المنطقة، وبعد أيام من استعراض القوة الذي مارسته طهران بتجربتها لصاروخ باليستي يمكنه حمل رأس نووي مما أثار ردودا عنيفة في المنطقة وفي الغرب.
وتأتي ملامح التشدد الخليجي بعد فشل وساطة قادتها الكويت بتكليف من مجلس التعاون الخليجي لفتح حوار مع طهران ومعالجة القضايا العالقة. ولم يبد الإيرانيون اهتماما يذكر بالمبادرة ورفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حتى تأكيد وجود مثل هذه الوساطة.
وقالت أوساط خليجية إن قادة دول مجلس التعاون يعملون على بلورة موقف خليجي موحد من إيران ليس فقط في ما يتعلق بتدخلها في اليمن، ولكن في ملفات إقليمية مختلفة، وإن العواصم الخليجية تسعى للاستفادة من مناخ دولي مستاء من إيران في ضوء تغير الموقف الأميركي الكامل تجاه طهران بما في ذلك دورها في العراق، وسعي روسي جلي لمحاصرة دورها في سوريا.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن دول الخليج باتت في موقع أكثر قوة، وأنها جادة في الحد من التهديد الإيراني لأمنها القومي خاصة في اليمن، وذلك بعد مغادرة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما التي كانت تراهن على احتواء إيران مقابل تنازلات تسمح لها بلعب دور إقليمي على حساب الحلفاء التقليديين لواشنطن في المنطقة، وخاصة دول الخليج العربي.
وفي سياق تنسيق المواقف المشتركة، التقى الأربعاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في أبوظبي، وذلك بعد يومين من استقبال الشيخ محمد للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبنسر للصحافيين إن "اختبار إيران لصاروخ باليستي وتصرفاتها ضد سفن البحرية الأميركية لن تمضي دون رد".
ووعد الصحافيين بتزويدهم "بأي تفاصيل ترد بشأن الإجراءات تجاه طهران"، مشددا على أن "مستشار الرئيس للأمن القومي مايكل فلين كان واضحا في تحذيره، كي يتأكد من أن إيران فهمت أن تصرفاتها لن تمر دون رد".
وأضاف سبنسر إن “ترامب أراد أن يكون متأكدا من أن الإيرانيين يفهمون أننا لن نجلس بهدوء ونراقبهم دون أن نفعل شيئا”.
ويستغل الرئيس الجديد دونالد ترامب كل مناسبة ليشدد على أن ساعة الحساب قد اقتربت بالنسبة إلى إيران، آخرها بعد تجربة طهران لصاروخ باليستي جديد.
وذكّر ترامب إيران في تغريدة على تويتر الأربعاء بأنها “كانت على وشك الانهيار حين جاءت الولايات المتحدة وأنقذتها بواسطة اتفاق بقيمة 150 مليار دولار” في إشارة إلى المبلغ الذي تمثله العقوبات التي رفعت بموجب الاتفاق النووي.
وأشار في تغريدة أخرى إلى أن “إيران تتوسع سريعا أكثر فأكثر في العراق حتى بعد أن بددت الولايات المتحدة 3 تريليونات دولار هنالك منذ فترة طويلة”.
ويرى مراقبون أن تصريحات سبنسر تلخص إلى حد كبير التوجه الأميركي الجديد الذي يساوي في الأولوية بين داعش وإيران.
وتستفيد دول الخليج في موقفها الضاغط على إيران، من تغير واضح في المواقف العربية المستعدة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة إيران، ودعم تؤكد عليه مصر والسودان والمغرب والأردن.
واعتبر مراقبون أن المناخ الدولي الجديد يخدم أجندة دول الخليج في الضغط على إيران للتراجع عن خطتها لإثارة النزاعات الطائفية والتسلل عبرها للسيطرة على دول عربية، وأول اختبار للتحرك الخليجي سيكون في اليمن.
واستدعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، الخميس، القائم بأعمال السفارة الإيرانية في أبوظبي احتجاجا على تزويد إيران بأسلحة للميليشيات الحوثية معتبرة ذلك “انتهاكا لقرارات مجلس الأمن (…) واعتداء على الشرعية الدولية”.
وأشار عبدالرحيم العوضي مساعد وزير الخارجية الإماراتي لدى استدعائه القائم بالأعمال الإيراني إلى “أن السلاح الإيراني، ومن ضمنه الطائرات دون طيار التي قامت قوات التحالف باستهدافها مؤخرا، يعد مخالفة صريحة للقرارات الدولية ذات الصلة”.
وكانت القوات الجوية الإماراتية العاملة ضمن قوات التحالف العربي الداعمة للشرعية في اليمن، قد أعلنت السبت الماضي عن تدمير “طائرة عسكرية من دون طيار” إيرانية، شمال المخا على ساحل البحر الأحمر.
وقالت مصادر مطلعة إن المتمردين الحوثيين كانوا على وشك إطلاق الطائرة من منصة متحركة بهدف تصوير أماكن تمركز قوات التحالف العربي والجيش الوطني وإرسال إحداثيات يمكن استخدامها في توجيه صواريخ من نوع “زلزال” وهي إيرانية الصنع.
وقال صالح أبوعوذل رئيس تحرير صحيفة اليوم الثامن في تصريح لـ”العرب” إن “الطائرة المسيرة كانت معدة لمهمة كشف مواقع القوات الحكومية ومراقبة السفن واستهدافها”.
وتشير الكثير من الوقائع إلى ارتفاع وتيرة تهريب الأسلحة النوعية الإيرانية للحوثيين، حيث تم ضبط العديد من شحنات السلاح الإيرانية قبل وصولها إلى الحوثيين بحرا وبرا، ومن بين الأسلحة التي دأبت إيران على إرسالها لهم صواريخ حرارية وقطع غيار لصواريخ باليستية، إضافة إلى طائرات من دون طيار تستخدم في أعمال التصوير والاستطلاع.