أخر الأخبار
||إعترفت بإسرائيل وتجاهلت الإخوان || وثيقة حماس وتنازلات الوقت الضائع
||إعترفت بإسرائيل وتجاهلت الإخوان || وثيقة حماس وتنازلات الوقت الضائع

رام الله-الكاشف نيوز:قبل 48 ساعة من اللقاء المرتقب بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض، أعلنت حركة حماس عن وثيقتها الجديدة التي شهدت عدة تنازلات منها عن مبادئها الأساسية وأهمها انتمائها وتبعيتها لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى رؤيتها لإسرائيل ككيان مُغتصب يجب أن يُحارب ويتم تدميره.

أثارت حماس الجدل والتساؤلات بإطلاقها وثيقة سياسية جديدة، تتضمن العديد من التبدلات والتغيرات تجاه كثير من القضايا والمواقف والرؤى التي قررت الحركة تغيير مواقفها فيها منها القبول بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وهواعتراف ضمني بوجود دولة أخرى خارج تلك الحدود، حتى لو لم تذكر إسرائيل صراحةً.

تحول جذري

تحول جذري من تحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، والتصدي للمشروع الصهيوني واعتبار صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود"، وأن مفاوضات السلام مع إسرائيل مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق، إلى كثير من التنازلات، يصفها البعض بتنازلات "الوقت الضائع".


أدخلت حركة حماس، مساء الإثنين 1 مايو/ أيار 2017، للمرة الأولى، تعديلاً على برنامجها السياسي، ووافقت على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، مشدّدةً على الطابع السياسي غير الديني للنزاع مع إسرائيل، موقف رآه الكثير من المتابعين، محاولة حمساوية للدخول في لعبة المفاوضات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

30 عامًا ضائعة والنتيجة!

الدكتور جهاد الحرازين، المتحدث باسم حركة "فتح" الفلسطينية، قال تعليقا على الوثيقة، أن حماس أضاعت ما يقرب من 30 عاما في تشاور وتباحث حتى تصل إلى ذات المبادئ التي أعلنتها حركة "فتح" من قبل.


وأوضح أنها جاءت مشابهة إلى حد كبير بالوثيقة الخاصة بحركة "فتح" والتي أعلنتها في عام 1948، موضحا أن الوثيقة أصبحت تتوافق مع الواقع الذي يدور في فلسطين.


متناقضات حماس

الوثيقة التي تضمنت 42 بندًا مقسمة على 11 عنوانًا، تحدثت فيها "حماس" عن تعريف نفسها ومشروعها ورؤيتها لمشروع التحرير والنظام السياسي، وحملت مبادئ أساسية بالقضية الفلسطينية ووحدة الشعب والأرض والقضية وتعريف النظام السياسي، كما حملت عدة تناقضات في مبادئ الحركة.


الوثيقة حملت بندين متناقضين، فجاء البند الثاني في الوثيقة مخالفًا للبند رقم 20، حيث عرفت الحركة "أرض فلسطين" فيه بأنها بحدودها من نهر الأردن شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا، ومن رأس الناقورة شمالاً إلى أمّ الرشراش جنوبًا وحدة إقليمية لا تتجزّأ، وهي أرضُ الشعب الفلسطيني ووطنُه، إلا أنها أكدت موافقتها على إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو 1967، في البند الـ20.

الباحثة الفلسطينية، الدكتورة نعيمة أبو مصطفى، قالت إن نصوص الوثيقة ناقصة وغير صريحة، وحملت تناقضات كبيرة، خاصةً فيما يتعلق بحدود فلسطين، فالبيان التأسيسي لحماس طالب بكامل التراب الفلسطيني وهو جميع الأراضي الفلسطينية "أراضي 48".

وأضافت أبو مصطفى أن البند رقم "21" في وثيقة حماس، أكد على رفض حماس لاتفاقات أوسلو وملحقاتها، وما ترتب عليها من التزامات تضر بمصالح شعبنا، وخاصة التنسيق (التعاون) الأمني، إلا أنها اعترفت بأراضي 4 يونيو 1967 والتي قامت عليها اتفاقية أوسلو من الأساس.


وتابعت: "من الواضح أن حماس من كثرة الضغوط التي تعرضت إليها اضطرت إلى عمل موائمات سياسية بتحول إلى فصيل سياسي وليس مقاوم".


كذلك، تؤكّد حماس في وثيقتها أنّ "الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم، وحماس لا تخوض صراعاً ضد اليهود لكونهم يهوداً، وإنَّما تخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين".


ويدعو ميثاق حماس الذي صدر سرّاً عام 1988، أي بعد عام على تأسيس الحركة، إلى تدمير إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية على فلسطين التاريخية كاملةً، ويصف الصراع بأنه ديني.


حماس تتجاهل الإخوان ولا تتبرأ منها

الكثير من المراوغة واللعب بالألفاظ والجمل الإنشائية، كان سبيل مشعل للإعلان عن الوثيقة، فلم يعلن رسميًا تخلي حركته عن جماعة الإخوان المسلمين، عكس ما استبقته عدد من وسائل الإعلام العالمية.


"حماس" ليست لديها رغبة حقيقية في الانفصال عن جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه في ظل انهيار التنظيم الدولي لـ"الإخوان"، اضطرت "حماس" إلى تجاهلها.


وتجاهلت حركة "حماس" في وثيقة المبادئ الأساسية، ذكر جماعة الإخوان المسلمين، على عكس ما جاء في المادة الثانية من ميثاق الحركة، في بيانها الأول، والذي أكدت فيه تبعيتها لـ"الجماعة".


الجميع كان ينتظر من "حماس" التبرؤ صراحة من جماعة الإخوان المسلمين، قبل إعلان الميثاق، إلا أن ضغوطًا محتملة عليها أدت إلى تخفيف موقفها والاكتفاء بتجاهل ذكر الإخوان.

تجاهل "حماس" ذكر جماعة الإخوان يعني أنها تسعى لاتخاذ موقف سياسي مفاده أنها ليس لها علاقة تنظيمية أو سياسية بجماعة الإخوان المسلمين في مصر أو التنظيم الدولي، باستنثناء أن أفكارها متسقةٌ معها.


الوثيقة جاءت مخالفةً للبيان التأسيسي بشأن العلاقة بالإخوان، حيث ذكرت أنها حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينيَّة إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيَّتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها، بخلاف البيان التأسيسي عام 1987 التي أعلنت فيه أنها جناح من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين.


كما أنها بدأت البيان بمقولة لمؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا: "ستقوم إسرائيل وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام كما أبطل ما قبلها".


"تنازل محسوب" أم طأطأة رأس

صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، نشرت تقريرا بعنوان "حماس تتخلى عن الدعوة لتدمير إسرائيل"، موضحة أن هذا التخلي العلني محاولة لتغيير صورتها في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالبحث في إحياء جهود السلام في الشرق الأوسط.

وقالت: يبدو أن توقيت إعلان الوثيقة سببه منافستها لحركة فتح، فحماس تحاول الحصول على نصيب في السوق، وإصدارها للوثيقة تغيّر محسوب بدقة، فهي تسعى لأن تحل محل "فتح" كأكبر فصيل بـ منظمة التحرير الفلسطينية".

في حين وصفت صحيفة الجارديان البريطانية، موافقة حماس على قيام دولة فلسطينية بأنها أكبر تنازل منها "لأنها تتضمن القبول بوجود دولة أخرى خارج الحدود الواردة في الوثيقة، حتى إذا لم تذكر إسرائيل صراحة".


وأضافت أن حماس فضلت الإعلان عن الوثيقة في هذا الوقت، في ظل الحراك السياسي للإدارة الأميركية الجديدة، والتسريبات التي تجري عن تحركات عربية ودولية من أجل استئناف عملية السلام، ولفتح صفحة جديدة في أسرع وقت ممكن.


فيما ذكرأحد التقارير التي تم إعدادها عن وثيقة حماس ومواقفها التي ستتبعها، أن الوثيقة الجديدة أظهرت الجانب الـ"برجماتي" النفعي لحركة حماس، ما يعني أن ظروف المرحلة قد فرضت عليها أن "تطاطي راسها" أمام القوى الخارجية، وذلك بعدما رأت الجبهة السياسية داخل الحركة أن الاتجاه العام قد أصبح بشكل كبير ضد الحركة بشكل أو بأخر.


وأشار التقرير إلى أن وثيقة حماس تغازل الرأي العام العالمي، وخاصةً واشنطن، حيث تريد الحركة الخروج من عزلتها وتخليها عن العملية السياسية، بعد أن أصبحت محاصرة ومرفوضة من دول كثيرة بالعالم.

وثيقة خادعة

رغم هذا التحول الكبير في سياسة الحركة، إلا أن إسرائيل اعتبرت أن حركة (حماس) تحاول أن تخدع العالم بإصدار وثيقة سياسية جديدة.


رفضت إسرائيل الوثيقة التي أعلنت عنها حركة حماس أمس الاثنين واصفة إياها بأنها محاولة من حماس لخداع العالم بأنها تتحول إلى جماعة أكثر اعتدالا.


واتهم دافيد كيز المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي حركة حماس بمحاولة خداع العالم عبر الإعلان عن وثيقتها الجديدة أمس الاثنين، مضيفا أنها "لن تنجح في ذلك".

كما اعتبرت الهيئة المكلّفة بالأراضي المحتلة في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن "حركة حماس الإرهابية تهزأ من العالم عبر محاولتها تقديم نفسها عبر هذه المسماة وثيقة وكأنّها منظمة منفتحة ومتطورة".


هدية قيمة لـ"عباس"

الكاتب الفلسطيني، والوزير السابق، حسن عصفور، يرى أن وثيقة حماس الجديدة تعد هدية قيمة للرئيس عباس، قبل لقائه بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب،

فكانت "وثيقة حماس الجديدة"، والتي أعلنتها في مظهر "استعراضي فريد وغريب"، حاول خلالها خالد مشعل أن يشرح المكتوب باعتباره "طلاسم سياسية فكرية تحتاج مترجم اسلاموي"، رغم ان طالب ثانوية غير ذكي يمكن أن يقرأ رسائل حماس بأكثر سهولة مما قرأها مشعل..


وأضاف عصفور أن الرئيس عباس يستطيع أن يلخص "وثيقة حماس الجديدة" بفقرتين لا ثالث لهما، أن حماس تخلت عن برنامجها بتدمير "إسرائيل"، وانها مستعدة للتفاوض معه من أجل مسار سياسي يقود إلى دولة فلسطينية في حدود 1967، وهي عمليا تفوض "القيادة الفلسطينية" بفتح باب التفاوض لإقامتها.


ويتابع الوزير الفلسطيني السابق، أن وثيقة حماس، تعد موافقة على التفاوض، وتكليف لعباس باعتباره رئيس منظمة التحرير "الإطار الوطني" الذي اعترفت به حماس في وثيقتها، ولذا يمكن لعباس أن يطمئن ترامب على مستقبل "المفاوضات القادمة".

وأشار إلى أن المفاوضات المقبلة، يمكن أن تشهد ممثلين لحماس الى جانب رجال عباس.


في الختام لدينا تساؤل.. هل ستكون وثيقة النقاط الـ42 نهائية، أم أنها مجرد مقدمة لتعديلات جديدة في المستقبل القريب!، وهل هي في صالح القضية الوطنية، أم في صالح الحركة السياسية في طريقها للسلطة!