القاهرة - الكاشف نيوز
لم أتوقع أبدًا أن تكون نهاية والدتى على يد فلذة كبدها، «أنا نجلها الصغير»، كما يقولون «آخر العنقود»، فهى كانت دائماً تدلل فىّ وتقول لى انت الابتسامة والفرحة اللى انتظرتها من الدنيا سنوات عديدة، تعذبت كثيراً وسمعت كلمات لوم وعتاب من والدى، لأنها كانت دائماً تنجب له بنات، وكانت كل مرة تظل تبكى من أجل «صبى»، هذا بجانب غضب والدى منها عقب الولادة وعتابه لها بالسب والألفاظ الجارحة لأنها لم تستطع أن تنجب «ولداً»، كان دائماً يهددها بأنه سيتزوج من أخرى، لتنجب له ولداً يحمل لقب الأسرة.
بابتسامة ساخرة، قال «كريم» المتهم بقتل والدته من أجل شراء المواد المخدرة: كانت أسرتى تتعذب من أجل «صبى» ليحمل لقب الأسرة ولم تعلم أننى سوف أجلب لهم العار، وبدلاً من رفع رأس الأسرة دفنت رؤوسهم فى الرمال، بسبب جريمتى البشعة.. كيف يعقل أن شاباً يقتل والدته؟
بكى «كريم»: أمى كانت كل حياتى ولم أتحمل أى أحد يسىء لها حتى لو بنظرة واحدة، فهى تحملت من أجلى وشقيقاتى الثلاث متاعب الحياة وكافحت من أجل دراستنا، رفضت أن يخرج أحد منا من المدرسة لمساعدتها هى ووالدى فى المعيشة، وقررت أن تعمل هى لمساعدة والدى الذى كان يعمل موظفاً بسيطاً، حتى نتفرغ نحن لدراستنا، مرض والدى وظلت تكافح عملت فى كل المجالات رغم أنها سيدة غير متعلمة. فارق والدى الحياة واستمرت رحلة كفاح والدتى، كانت دائماً تجلس معى، وتروى لى بكاءها ليالى ودعاءها فى صلاتها من أجل أن تنجب ولداً، ويوم أن علمت بحملها الرابع كانت تشعر بنور وأمل أن بين أحشائها ولداً، وقررت أن يكون اسمى «كريم» لأنه كرم من الله برزقها بطفل بعد عدة سنوات عذاب.
كانت فرحتها لم تقدر، اعتقدت أن الدنيا ابتسمت لها مرة أخرى وأنها ملكت الكون، ولكن للأسف حبها الشديد لى أكثر من شقيقاتى وتدليلها لى كان هو نفسه سبب شقائها، كانت تخاف على من كل شىء، لم تتركنى أعتمد على نفسى أو أتحمل معها المسئولية بعد وفاة والدى، أنا لم أحقق لها أملها وحصلت على دبلوم وقامت بالحصول على قرض لكى تتمكن تحقيق حلمى بفتح محل.
وقامت بتأجير محل لى افتتحته مكتبة صغيرة كانت فى البداية تحقق لى أرباحاً كثيرة، وأقوم بسداد أقساط القرض، وطلبت من والدتى أن تترك العمل لأننى أصبحت رجلاً يعتمد عليه وقررت أن تزوجنى من أجل أن تحقق باقى رسالتها، تعرفت على بعض أصدقاء السوء عن طريق المكتبة وكانوا يجلسون ينتظروننى بعد عملى للجلوس حفلات السهر معهم، وفى أحد الأيام فى خطوبة صديق لنا وأثناء الاحتفال قاما أحضر أصدقائى الحشيش ولفافات الهيروين، وطلبوا منى أن أجرب فى البداية رفضت ولكنهم ظلوا يسخرون منى ويقولون لى: «يا ننوس عين ماما» ونجحوا فى استفزازى وقررت أن أثبت لهم أنى رجل، أخذت جرعة هيروين، وكانت بدايتى لطريق الضياع، حياتى دُمرت تماماً تحولت إلى مدمن هيروين.
كنت أحصل على أرباح المكتبة لشراء المخدرات، وبذلك تعثرت مادياً ولم أستطع سداد أقساط البنك حتى تم الحجز على المكتبة، وعلمت والدتى بأننى مدمن، وكانت صدمة كبيرة لها، حاولت أكثر من مرة أن تأخذنى للمصحة للعلاج، ولكنى كنت أهرب، وكنت أستغل كبر سن أمى واعتدى عليها بالضرب وأحصل على عفش المنزل لبيعه من أجل شراء المخدرات.
استكمل القاتل الصغير حديثه أصعب شىء هو وقت انسحاب المخدر من جسدى وأتحول إلى مجنون لم أستطع أن أتحكم فى أعصابى ولم أر أمامى وبعد أن أتناول الجرعة أستعيد وعى وأبكى وأحتضن والدتى وأعتذر لها عما حدث وأعدها بأننى سوف أقلع عن الإدمان، ولكن للأسف لم أستطع أن أحقق وعودى لها.
لم يتبق فى المنزل غير سرير والدتى وتربيزة صغيرة تضع الأدوية الخاصة بها عليها، حاولت أن أسرق حقائب السيدات بالشارع ولكنى فشلت، اقترضت أموالاً كثيرة، وأصبحت مهدداً بالسجن، ولم أجد أمامى غير طريقة واحدة لحل كل مشاكلى وهى بيع الشقة التى أعيش فيها مع أمى.
وفى يوم الحادث انتهزت فرصة خروج والدتى لإحضار المعاش وبحثت عن عقد الشقة فى كل مكان ووقت ذلك شعرت بأن المخدر ينسحب من جسدى، انتابنى حالة من الرعشة والجنون وعادت أمى للمنزل، طلبت منها إعطائى عقد الشقة رفضت وتوسلت لى أن أترك الشقة التى تحمينا من الشارع، ولكنى رفضت مؤكداً لها أن بيع الشقة هو الوسيلة الوحيدة لجلب الأموال، ولكنها رفضت وهددتنى بإبلاغ الشرطة عنى وإيداعى فى المصحة، حاولت أن أسرق منها المعاش ولكنها رفضت، ولم أر أمامى غير شبح المخدرات وأنا أحاول أن أحصل عليه بأى شكل، لم أشعر بنفسى أحضرت السكين طعنت أمى عدة طعنات متفرقة بجسدها وأثناء محاولتها فتح الباب للهروب، هشمت المنضدة على رأسها، سقطت غارقة فى دمائها، صدمت عندما رأيت الدماء تندفع من رأس أمى وجدت نفسى أصرخ أصرخ.. أمى أمى، سقطت على الأرض بجوارها احتضنها لم أصدق ما فعلته.
تابع حديثه: لست أخاف من الإعدام لأننى ميت منذ أن أصبحت مدمناً للهيروين، أمنيتى قبل الإعدام أن أرى أمى لكى أطلب منها السماح.