أخر الأخبار
ما بحرث البلاد غير عجولها
ما بحرث البلاد غير عجولها

يقال أن ثمة خوفا على الهوية الوطنية الأردنية , ويقال أن هناك خوفا مبررا أيضا من قضية التوطين , ويقال أن بعض النخب السياسية خائفة ..من مشروع (كيري) .
هذا كله لا يعنيني , أنا يعنيني أمر واحد .. وهو الشخص الذي ابتكر المثل التالي :- (مابحرث البلاد غير عجولها) ...والمشكلة أننا حين نتحدث في مشروع الهوية الأردنية نطرق هذا المثل ونختم به النقاش , أحاول أن أتخيل نفسي  عجلا  وبعد إنتهائي من الحرث وقطعي شوطا مضنيا فيه وخوفا من تحولي إلى ثور يتم تحويلي إلى مسلخ عمان وبعدها  أعلق عند اللحام ويتم توزيع جسمي إلى كفته , ريش , كاستليتا , مفروم...الخ .
ويقال عني عجل بلدي , وتأتي سيدة في ربيع عمرها وتطلب لحمي وتصر على الفخذ بحكم أن لحمة الفخذ طرية ...
(مابحرث البلاد غير عجولها) ...أنا لست عجلا , أنا فتى من قرية بعيدة , شب على اللغة والغرام ...وتعلم فن الكتابة مبكرا , وأنا وظيفتي في البلاد ليست الحراثة ,لي وظائف أخرى ... ولي مهنة أعتاش منها , وأحصل على رغيف خبزي بتعبي وأحب البلاد ... هل بالضرورة أن تكون عجلا يستعمل للحرث حتى تكون عاشقا لوطنك .
ولكننا في لحظة من عمر هذا البلد , رضينا بالمثل وطأطأنا الرأس قليلا وقلنا في جلساتنا تعقيبا على الكلام المنثور في لجة المساء :- ( مابحرث البلاد غير عجولها) ...
من الذي قال هذا المثل ؟ ..لو أني أعرف الشخص الذي أطلق علينا هذا الوصف ورضينا به , لسجلت قضية قدح وذم وتشهير عليه في المحكمة ؟
تخيلوا لو أن جون كينيدي استبدل عبارته المشهورة: - ( لا تسأل ماذا قدم لك وطنك بل اسأل مالذي قدمته لوطنك)...بعبارة ( مابحرث البلاد غير عجولها ) ...فمالذي سيفعله الأمريكي الذي يستخدم العجل كمصدر مهم (للستيك ) , ولرياضة (المرافسة) عند الكاوبوي ...مالذي سيفعله الأمريكي ؟ حتما سيطيح بجون كينيدي .
لو أن مارتن لوثر كنج ..وفي خطابه المشهور حول الحقوق المدنية , ابتدأ الخطاب بدلا من جملته المشهورة :- (لدي حلم) ..والموجه للسود في كافة أرجاء الولايات المتحدة , بالمثل الأردني :- ( مابحرث البلاد غير عجولها) ...فمالذي سيحدث ؟ هل ستنهار حركة الحقوق المدنية ؟ أم سينهار مارتن لوثر كنج .
اتخيل نفسي في مسلخ عمان , اتخيل نفسي عجلا يعد للذبح ....أنا جسمي نحيل جدا ولا أظن أني سأنتج الكثير من اللحم فقد أرهقتني الحراثة , أتخيل نفسي في لحظة وقد أنهيت كافة المهمات الموكلة إلي , وتم تسميني بما يكفي , وأغادر العمر ..كي أوزع بين الكفته والمحاشي ...على الاقل العجول تختلف عنا في أنها لا تسكن القبور , بل تسكن الأفواه الجائعة , وأظن أنها خدمت البشرية ...حين تم إنتاج أغلى الوجبات في العالم عبرها وهي (الستيك) ...أما نحن فعجول حرثت وعبرت في الذاكرة دون أن تنتج شيئا .
يتعبني منظر العجل الذي يتمرد على وظيفته بعد أن أنهى الحراثة , أو تقاعد بالدرجة العليا منها ... ويبدأ بالحديث عن الهوية والتجنيس وكيري وإحياء الوطن البديل ...
هذا هو الأردن .. مر شخص عابر وقال لنا :- ما بحرث البلاد غير عجولها , ورضينا بالمثل ورضينا بالوصف .....ولو قدر لي فساضع على مقدمة المقال :- كتب العجل عبد الهادي راجي المجالي ...
.............و....ما بحرث البلاد غير عجولها .