عمان - الكاشف نيوز : أكد ناشطون في مجال حقوق المرأة ضرورة تفعيل قانون الحماية من العنف الأسري، لضمان توفير الحماية اللازمة للنساء المعنفات.
وقال هؤلاء الناشطون خلال حلقة نقاشية نظمتها السفارة السويدية في الأردن حول “العنف ضد المرأة” بمناسبة زيارة النائب الاول لمجلس النواب السويدي سوزان ابرستاين إلى المملكة، “إن ضعف التبليغ عن حالات العنف والثقافة المجتمعية السائدة” يشكل عائقا امام تشخيص مشكلة العنف المبني على النوع الاجتماعي، ومن ثم ايجاد الحلول المناسبة لتلك المشكلة”، لافتين الى ان “الارقام المعلنة “نحو 4000 حالة عنف سنويا”، لا يعكس واقع العنف ضد المرأة.
وقالت ابرستاين خلال الجلسة ان “مشكلة العنف ضد المرأة بمختلف أشكاله، الجسدي أو اللفظي أو الجنسي، هي مشكلة عالمية، خصوصا ان نحو ثلث نساء العالم يواجهن هذه المشكلة”.
وأضافت ان “التعامل مع هذه المشكلة يتطلب المواجهة والحديث عنها بصوت مرتفع، اذ لا يمكن حلها بالصمت”، لافتة إلى انه يتم في بلادها تسجيل نحو 30 ألف حالة عنف مبني على النوع الاجتماعي سنويا، ورغم ذلك “فإن الكثير من الحالات لا يتم التبليغ عنها”.
وبينت أن “مواجهة العنف ضد المرأة يتطلب جهودا من الرجال كذلك، فمن غير الممكن ان تقف المرأة وحدها لمواجهة هذه المشكلة، التي ينتج منها العديد من التبعات الاقتصادية والاجتماعية والأسرية”.
بدورها قالت المديرة التنفيذية في مجموعة القانون من اجل حقوق الإنسان (ميزان) ايفا أبو حلاوة، انه رغم عالمية مشكلة العنف ضد المرأة فإن “هناك خصوصية لتلك في المشكلة في الأردن تتمثل بتبرير العنف ضدها”، فضلا عن عدم وجود رقم فعلي لأعداد المعنفات.
وتحدثت أبو حلاوة عما تم تحقيقه في مجال الحماية من العنف الأسري، والمتمثل بقانون الحماية من العنف الأسري للعام 2008 والذي يعد أول قانون من نوعه في المنطقة، فضلا عن ادارة حماية الأسرة التي تتعامل مع هذا النوع من الحالات وتتلقى الشكاوى.
وفي مجال المعيقات اشارت أبو حلاوة الى مشكلة الموقوفات الاداريات، مبينة انه رغم قناعة القضاة بأن “التوقيف الاداري ليس الحل الأمثل لحماية النساء المعنفات، لكنه يبقى احيانا الخيار الوحيد لعدم وجود بدائل”.
وفيما يخص قانون الحماية من العنف الأسري، بينت ان “القانون غير مفعل بالدرجة الكافية”، لافتة في ذلك إلى انه رغم ان القانون صدر في العام 2008 لكن الأنظمة اللازمة لتفعيله صدرت في العام 2010، فضلا عن عدم تفعيل لجان الوفاق الأسري، اذ لم تتجاوز الحالات التي تعاملت معها تلك اللجان عشر حالات من أصل 18 ألف حالة عنف أسري مسجلة منذ العام 2008.
واشارت إلى المادة 308 من قانون العقوبات الاردني، والتي يفلت بها المغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية.
واشارت ابو حلاوة كذلك إلى المشاكل المتعلقة بالنقص في اعداد العاملين للتعامل مع تلك الحالات، وعدم توفر التدريب اللازم لهم، فضلا عن ان المعنفات يفضلن عدم التبليغ أو التقدم بشكوى “لأنهن لا يرغبن في تغريم أو سجن المُعنِف”، وهو غالبا فرد من أفراد أسرتها سواء الزوج أو الاب أو الاخ.
وحول دور ايواء المعنفات، اشارت ابو حلاوة إلى وجود دارين، احداهما حكومية وهي دار الوفاق الأسري، والثانية دار الضيافة التابعة لاتحاد المرأة، لكن هذه الدور ليست كافية وهناك حاجة لافتتاح المزيد.
المديرة التنفيذية لجمعية النساء العربيات ليلى نفاع بينت أن “تعديل وتغيير القوانين في الأردن يواجه العديد من الصعوبات خصوصا مع طول الفترة الزمنية اللازمة لتعديل وإقرار القوانين”، مشددة على اهمية ضمان التطبيق الامثل للقوانين.
ولفتت إلى انشاء المحاكم الخاصة بجرائم الشرف في الأردن في العام 2009، مبينة انه منذ انشاء تلك المحاكم فإن الحد الادنى لعقوبة القاتل في جرائم الشرف هي 10 أعوام، وهذا بحد ذاته انجاز لجهة ضمان عدم افلات الجاني من العقوبة.
وشددت نفاع على اهمية تضمين المناهج المدرسية مواد توعية بحقوق المرأة ونبذ العنف المبني على اساس النوع الاجتماعي، رافضة في الوقت ذاته الصورة النمطية للمرأة لأردنية بأنها تقبل العنف.
من جهتها بينت مديرة منظمة الاصلاح الجنائي تغريد جبر أن “غالبية المعنفات لا يلجأن للتبليغ لعدم قناعتهن بالجدوى من ذلك خصوصا مع وجود نظرة مجتمعية سلبية للمرأة التي تبلغ، اضافة الى عدم توفير حلول فعلية”.
ولفتت إلى نوع آخر من العنف تتعرض له المرأة الأردنية، هو المتعلق بحرمانها من حقها بإعطاء جنسيتها لأبنائها في حال زواجها من غير الاردني، وما ينجم عن ذلك من صعوبات.
مديرة مركز رعاية فتيات الرصيفة والتابع لوزارة التنمية الاجتماعية رغدة العزة، لفتت إلى التحديات التي يواجهها العاملون في مجال الخدمة الاجتماعية والتي تتعلق بضغط العمل والنقص في اعداد العاملين، فضلا عن الثقافة المجتمعية التي تبرر العنف.
وتطرقت إلى الإشكالية التي تواجهها في التعامل مع قضايا العنف الجنسي، إذ ان الفتيات القاصرات اللواتي تعرضن للاغتصاب غالبا ما يرغبن في الزواج من الجاني وذلك للهرب من نظرة المجتمع السلبية، لافتة إلى ان غالبية تلك الحالات يكون الاغتصاب نفسيا قبل ان يصبح جسديا.
واشارت إلى الاشكالية الاخرى والتي تتمثل في التحفظ على الفتاة الضحية في دور الرعاية باعتبار ذلك البديل الوحيد لحمايتها، في حين ينعم الجاني بحرية التحرك في الخارج. وحضر الجلسة السفيرة السويدية في الأردن هيلينا جروندال ريتز وممثلة “مؤسسة امرأة لامرأة” السويدية في الأردن يوهانا واسهولم.
والى جانب كونها النائب الأول لرئيس مجلس النواب في السويد، فإن ابرستاين لديها اهتمام خاص بموضوع المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة، والجهود المبذولة للحد من العنف ضد المرأة كونها قاضية.
ويرافق ابرستاين في زيارتها إلى الاردن وفد مكون من النائب تومي وايلديليش وغوستاف هوفشيجت.