القاهرة - الكاشف نيوز
مرت قرابة الساعة قبل أن تستوعب الست صالحة صاحبة 49 عاما ما حدث، نظرت حولها وهي داخل المستشفي بمنطقة إمبابة وتأملت جثة ابنها الصغير المسجاة أمامها قبل أن تنطلق في نوبة بكاء وصراخ هيستيرية مرددة بلا انقطاع "أنا اللي قتلته.. أنا اللي قتلت ابني".
"قالتلي السجن أهون من اللي أنا فيه" يقول "عماد" أحد الجيران في المنطقة، فأثناء جلوسه صباح الأربعاء الماضي، فوجئ بالطفل "محمد"، طالب الإعدادي، يهرول إليه وهو يبكي، ويطلب منه وباقي الجيران إنقاذ شقيقه الأصغر "إسلام"، طالب الابتدائي، فهو يعاني من حالة إعياء شديدة، ووالده غير موجود.. حينها انطلق عماد وعدد من الجيران لنجدة الطفل.
حمل "عماد" ومعه الأم "صالحة" وعدد من الجيران الطفل إلي أقرب صيدلية بشارع مراد في الكيت كات، وهناك حاولت الطبيبة الصيدلية إنعاش قلب الصغير، لكنه لم يستجب إطلاقا، فوجهتهم للذهاب إلي المستشفي، تحركت الأم والجيران إلي هناك بتوكتوك بأقصي سرعة، لكن بعد وصولهم تأكدوا من حقيقة أن الطفل فارق الحياة.
"كنا فاكرينه مات موتة طبيعية" يقول "عماد"، لكن في المستشفي فوجئوا بالأم تنهار بشدة وتقول بأنها قتلته خنقا، حاول جمع الجيران تهدئة السيدة لكن دون طائل، فهي ظلت تردد "أنا قتلت ابني" دون انقطاع.. تدخل عماد حينها قائلا "هتدخلي السجن" لترد "الست صالحة": السجن أهون من اللي بشوفه بكتير" وبعدها ألقت الشرطة القبض عليها لقتلها ابنها خنقا.
وعن حياة الأم يقول "عم محمد"، الرجل الأربعيني من سكان المنطقة، إن "الست صالحة" تقيم بالمنطقة منذ أكثر من 20 عاما، فهي من أسوان وتزوجت وانتقلت للحياة في إمبابة، لكن خلافاتها مع زوجها لم تنقطع طوال تلك الفترة، حتي أنها تركت له المنزل منذ مدة واستأجرت غرفة لتعيش فيها بمنطقة "الجزيرة" في إمبابة.. لكنها عادت منذ شهر ونصف فقط.
"بنتها الكبيرة بردو كانت تاعباها وعالطول في خناق معاها" يضيف "عم محمد، فالفتاة أتعبت أمها بشدة في فترة مراهقتها وبعدها ارتبطت بشاب عاطل وتزوجته رغم رفض أمها، لكن الزيجة لم تستمر وعادت الابنة لشقة أسرتها بعد زواجها بشهر واحد.. واستمر مسلسل مشاكلها مع والدتها.
يلتقط "شهاب"، صاحب محل لبيع الخردوات بالمنطقة طرف الحديث، ويقول إن الأم لم تقتل ابنها بسبب فشله دراسيا كما يشاع، لكنها أضطرت أن تقول ذلك لتغطي علي السبب الحقيقي لجريمتها، فبداية المشكلة كانت من الليلة السابقة، فالجيران جميعهم سمعوا بمشاجرتها مع ابنتها ويبدو أن المشكلة كانت كبيرة وضغطت علي الأم بشكل كبير.
يضيف "شهاب" أنه في اليوم التالي لم تنته المشكلة وتشاجرا مرة أخري، ويبدو أن الطفل الصغير تدخل في الحديث بشكل ما، لتصب الأم جام غضبها عليه وتقبض علي رقبته بشدة، ولم تترك رقبة الصغير إلا وقد فارق الحياة.
"طول عمرها ست محترمة جدا وعمرنا ما سمعنا عنها حاجة وحشة.. لكن هي شافت كتير في حياتها" يواصل "شهاب" حديثه، فالست صالحة معروفة بطيبتها في المنطقة، وكل الجيران يحبونها، لكنها لم تتحمل كثرة مشكلات أسرتها لتنفجر في النهاية وتقتل صغيرها.
وينهي "شهاب" حديثه قائلا "والله شكلها في المستشفي كان يصعب بالرغم من إنها قتلت ابنها.. بس كانت منهارة وبتصرخ من اللي هي فيه".
ومن جانبها، أمرت النيابة العامة في شمال الجيزة بحبس الأم علي ذمة التحقيقات، لاتهامها بقتل طفلها صاحب ال12 عاما.
واصطحبت النيابة الأم لسكنها بالعقار رقم 68 في شارع مراد بإمبابة ومثلت جريمتها بالكامل، وأقرت في التحقيقات بأنها لم تقصد قتل طفلها، لكنها كانت تعاقبه بسبب فشله دراسيا، وخنقته حتي فارق الحياة.