عمان - الكاشف نيوز
لم يمض من ربيع عمرها سوى ثلاثة عشر عاما لتودع الحياة على يد شقيقها البالغ من العمر ستة عشر عاما بعد ان اقدم–في حادثة ليست الاولى بمسلسل القتل داخل الاسرة–على خنقها.
ادارة البحث الجنائي كشفت ملابسات مقتل الفتاة على يد شقيقها بعد محاولة اخفاء الجريمة بالادعاء انها انتحار ليتبين انها توفيت خنقا على يد شقيقها.
لم تظهر نتائج التحقيق بعد الاسباب التي دفعت لقتل الفتاة خنقا الا ان اللافت هو محاولة الاسرة اخفاء الحقيقة والادعاء بان الفتاة اقدمت على خنق نفسها ليعيد التذكير باقدام اسر الضحايا على اخفاء هوية الجاني والادعاء بان ما حدث هو سلوك شخصي من قبل الضحية بهدف التستر على المجرم وهو في اغلب القضايا يكون الشقيق او الاب او الزوج، أو أحد الاقارب.
التستر على الجاني لا يخرج عن اطار محاولات الاسرة لابعاد الجاني عن حكم القانون وهو امر تكرر مرارا على مدار السنوات الماضية في حالات كانت تقتل بها فتيات باسباب عدة.
الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي والخبير في حقوق الانسان والوقاية من العنف قال ان وفيات الفتيات المراهقات بظروف غامضة او انتحارية داخل الاسرة تستوجب التحري والاستقصاء الشرطي ومن قبل النيابة العامة بما في ذلك اجراء الكشف التشريحي على الجثة بهدف نفي اي شبهة جنائية لنه في كثير من الاحيان يتم اخفاء جريمة قتل الفتيات داخل الاسرة خوفا من الوصمة الاجتماعية وخاصة اذا كانت الضحية فتاة وارتكب القتل بسبب سلوك قامت به وتم اعتباره انتهاكا لشرف العائلة مشيرا الى لأنه في عدة جرائم موثقة سابقا تم القتل من قبل شخص بالغ ودفع بشقيق الضحية للاعتراف بارتكاب الجريمة توقعا لتلقيه عقوبة مخففة.
واضاف جهشان: ان الجريمة هي الاعتداء العنفي الموجه ضد حياة الفتاة البالغة وان كان عمرها اقل من 18 عاما من قبل قريب لها بسبب اعتقاد تولد في نفسه بارتكابها فعل او تصرف مشين او لمخالفتها المعايير الاجتماعية للاسرة.
وبين ان الاسم الحقيقي الذي يجب ان يطلق على هذه الجرائم هو القتل العرفي حيث ان العرف هو نمط سلوكي سائد في ظروف اجتماعية محددة بعيدا عن القانون لان العرف السائد في مجتمعنا يحمل تناقضا واضحا ما بين العادات والتقاليد الايجابية التي تحمي الفرد والعائلة والمجتمع والتكافل والاصلاح الاجتماعي وما بين العرف الذي يربط شرف العائلة وسلوك الفتاة وتقبل قتلها اذا اعتقد انها انتهكت المعايير التي وضعت لها من قبل الاسرة والمجتمع مشيرا الى ان هذا التناقض لا يمكن تقبله باي شكل من الاشكال ومن غير المنطقي ان يتحول العرف الى جريمة وان تتحول الجريمة الى عرف.
واشار الى ان هذا النوع من الجرائم تكون الفتاة به هي المستهدفة وهو ليس عشوائيا اذ ان الخطر يكمن في كونها انثى والملفت للانتباه تبعا للجهشان هو محاولات التستر عن هذه الجرائم من قبل الاسرة والتسليم بوجودها بالمجتمع وقبول حدوثها دون احتجاج او ندم.
وبين جهشان ان مفهوم الذكورة لدى القاتل هو ان على الرجل ان يحمي ويراقب ويدافع عن الفتاة قريبته ويفسر هذا الامر بانه لمصلحتها فاذا لم يقم به فانه يكون قد اخل بصورته كرجل امام المجتمع وليحقق ذلك يقوم باتخاذ انماط سلوكية قهرية للسيطرة التامة على الفتاة والتي قد تصل لارتكاب جريمة قتل.
وقال جهشان يجب الاعتراف بان الخدمات الاجتماعية والقانونية والطبية والادارية التي تقدم للمعرضات للخطر من النساء والفتيات قد تطورت بالمجتمع بشكل ايجابي خلال السنوات الماضية الا انه بذات الوقت لا يمكن القضاء على جرائم قتلهن داخل الاسرة دون التخلص من الثقافة السائدة والعرف السلبي المنتشر بالمجتمع.
واكد ان هذا يتطلب اضافة لتشديد العقوبات الجزائية تشريعات تمنع اسقاط الحق الشخصي الذي يؤدي للافلات من العقاب اضافة الى ضرورة التركيز على برامج التوعية التي يخطط لها وتنفذ من قبل الجهات الحكومية خاصة وان هذه البرامج التي تقدم من مؤسسات المجتمع المدني للمطالبة بحقوق المراة والتوعية الاجتماعية تنتهي بانتهاء التمويل الخارجي لها ولا ينتج عنها بالعادة تغيير ايجابي حقيقي في اتجاهات ونظر المجتمع للفتاة والمراة.
وخلص الدكتور جهشان الى ان قاتل الفتيات بمثل هذا العمر هو مجرم يستوجب العقاب وان كان حدثا بهدف الردع العام بالمجتمع حيث ان القاتل بحد ذاته لا يعتبر انه انتهك حقوق الانسان وحقوق الطفل وحقوق المراة فهذه الحقوق انتهكت لعدم توفير الجهات المعنية برامج الكشف المبكر عن الحالات المهددة بالخطر او العنف او السلوكيات السلبية بالمجتمع اضافة لعدم قيامها بالتنفيذ المستمر لبرامج التوعية وتمكين الفتيات والنساء والاستمرار بتراخيها في التخلص من الافلات من العقاب.
وفي ذات السياق عملت وزارة التنمية الاجتماعية مؤخرا لافتتاح دار النساء المعرضات للخطر » فوق الثامنة عشرة » اللواتي قضين سنوات بالسجون ومراكز التاهيل بهدف حمايتهن من القتل وبسبب الخطر الواقع عليهن في حال خروجهن من السجون بحيث تم استفادة 26 امرأة بخدمات الدار كن بالسجون لفترات طويلة.
في المحصلة فان التهديد بالقتل وارتكاب جرائم بحق النساء والفتيات لا يزال قائما فاما ان تقتل داخل اسرتها على يد احد افراد الاسرة او ان توضع بالسجون لحين زوال اسباب الخطر والتهديد على حياتها.
يبقي قتل طفلة بعمر ثلاثة عشرة عاما على يد شقيقها ومحاولات اخفاء هوية الجاني من داخل اسرتها وصمة عار حقيقية بحق الطفولة والانتهاك الواضح لكرامة الفتيات وحقهن بالحياة.... هذا الحق الذي ينتهك مرتين الاولى بقتلها والثاني بتستر اسرتها عن شقيقها الجاني