أخر الأخبار
أوقفوا ” المرمطة ” .. او واجهوا الانفجار !!
 أوقفوا ” المرمطة ” .. او واجهوا الانفجار !!

 

كتب محمد رشيد : 
الإضرابات الفلسطينية بدات من القطاع الحرج  ، من قطاع التعليم ، من السلاح الاساسي للفلسطينيين ، فالتعليم بالنسبة لاي اب او ام فلسطينية يعتبر باهمية الحياة نفسها ، وذلك إنذار غير عادي يوجهه المعلم الفلسطيني الى الشعب كله ، ان لم اجد ما أطعم به صغاري ، فمن المحال والمستحيل ان استطيع تعليم أولادكم ، ولن يمضي وقت طويل قبل ان تنضم باقي القطاعات الحيوية الى الاضراب ، وقد يصل الامر الى الشلل التام ، وليس لاحد مصلحة في ذلك ، بما في ذلك المحتل الاسرائيلي ، فالمأزق برمته يحمل ارتدادات لا احد يستطيع التكهن مسبقا بمداها.
الفلسطينيون الصامدون داخل وطنهم المحتل كلهم ، يواجهون اليوم معركة الحياة ، معركة الكرامة الانسانية  ، معركة رغيف الخبز ، وأساسيات البقاء على قيد الحياة ، ولليوم الواحد بعد الخمسين ينتظر المعلم الفلسطيني ، الدكتور والمهندس ، وابسط موظف في السلم الرسمي الحكومي معاشه الشهري ، ليحمل لأطفاله الخبز والحليب ، ليس اكثر ، لان معظم اطفال فلسطين لا يحلمون بابعد من ذلك ، وبحكم الواقع نسي معظمهم الفاكهة والحلوى ، دعك من لعب التسلية و الملابس الشتوية .
ابو عمار أنشأ صندوق الاستثمار ليوفر القرش الابيض لليوم الاسود ، وإدارة الصندوق تقدر قيمته بـ 1500 مليون دولار ، فلماذا لا يكرس الان للشعب
هذا وضع خطير جداً ، خطر للجميع ، فليس " أذل " لرب الاسرة ، من عجزه عن إجابة أسئلة جوع صغاره ، او إحساسهم ببرد شتاء قاسي ، يخترق عظامهم الطرية ، انه أقسى من رصاص المحتل بكل تأكيد ، وكل ذلك يحدث في ظل قيادة مترفة ، فاقدة للأمانة والإحساس ، تستسهل تصدير الازمة كلها ، رمي مسؤولية كل شيء على الخارج ، قيادة أوصلت نفقات حكمها ، وخدماتها الامنية لاسرائيل ، الى حدود مالية  خيالية ، تفوق كل طاقة الشعب الفلسطيني ، حدود انفاق أكل الاخضر واليابس ، حتى يكاد ان يحول  الشعب الى جموع من الجياع .
نحن نتحدث عن احتياج قريب من250 مليون دولار شهريا ، اي 3000 مليون دولار سنويا ، لتامين  قدرة الاستجابة المعقولة لمتطلبات الحد الأدنى ، بل اقل من الحد الأدنى ، وتلك المبالغ كانت تؤمن في ما مضى ، من مصادر متعددة ومختلفة ، ومع ذلك الأزمة كانت قائمة حتى عندما كان هناك انتظام في وصول أموال الضرائب والمنح ، فإسرائيل " حسب بيانات السلطة " ،  كانت تحول الجبايات الضريبية والجمركية بواقع 1200 مليون  دولار سنويا على الاقل .
إضراب المعلمين إنذار خطير للقيادة الفلسطينية ولكل العالم ، وحين يعجز المعلم عن إطعام صغاره لن يكون قادرا على تعليم أطفال فلسطين
الاتحاد الأوربي بدوره كان يقدم قرابة 500 مليون دولار ، المساعدة العربية من جانبها كانت تقترب من 400 مليون دولار ، مع افتقاد الانتظام  ، اما الولايات المتحدة ، فقد كانت ، وحسب تصريحات لمحمود عباس منشورة في وكالة معا  ، تقدم سنويا قرابة 750 مليون دولار امريكي ، في حين كانت الجباية الضريبية الداخلية تصل الى حدود 250 مليون دولار امريكي ، ومجموع تلك الأرقام تعادل ،  كما هو واضح حاجز ال 3000 مليون دولار امريكي ، وهو الرقم الذي تستهدفه الحكومة الفلسطينية اليوم .
لكن الحكومة الفلسطينية تتحدث عن عجز قائم اصلا بقيمة 2200 مليون دولار ، وجزء كبير من ذلك العجز عبارة عن مديونيات للبنوك العاملة في فلسطين ، اي انها ودائع و " تحويشات " المواطنين ، قرشهم الابيض لليوم الاسود ، واذا حدث انهيار مالي للسلطة الفلسطينية لا سمح الله ، فان القطاع المصرفي الفلسطيني هو الاخر سيواجه خطر الانهيار ، وبذلك سيفقد المواطن الفلسطيني اخر ملاذ قد يلجأ اليه .
نفقات الرئاسة الفلسطينية تأكل 10% من الموازنة ، ولماذا تسعى الرئاسة الى طائرة ثالثة جديدة وكبيرة ، والناس ليس لديهم ما يأكلونه
الكلام دائماً سهل ، لكن الحلول هي الاختبار الحقيقي لأية قيادة تمتلك الرؤية والإرادة ، ولأية حكومة رشيدة تمتلك العزيمة والوسائل المقنعة ، وامام القيادة والحكومة الفلسطينية تحد كبير ، فهل تستطيع ان تكون مقنعة لشعبها ، وللمانحين العرب وغير العرب ؟ ، ذلك هو السؤال الذي يجب الاجابة عليه بوضوح ، وليس بالكلام و رمي المسؤولية خارج جدران مكاتبهم ، فلا احد من الخارج سيهب نخوة ليحل الأزمة ، وحتى ان فعلت السعودية او قطر ، او الاتحاد الأوروبي ، فإنها ستفعل لتخفيف الألم وليس لوقف النزيف .
من الضروري تسمية الاشياء بأسمائها ، والكف عن عمليات التهييج والتجييش ، كما لا ينبغي الافتراض بان هذه الأزمة مربوطة بزمن محدد ، او انها ناتجة عن قرار عقابي إسرائيلي لا أخلاقي بوقف التحويلات المالية ، والاكتفاء برمي " القاذورات " على الجانب الاسرائيلي وحده ,  فذلك عدا عن انه غير كاف ، فهو غير مقنع أيضاً ، لا للمواطن ولا للمانح ، لان ما تحتجزه اسرائيل من أموال ، غير كافية لحل الأزمة حتى على المدى القصير ، كما لا ينبغي التهييج على المانحين العرب ، لان حساسية العرب من مظاهر " نكران الجميل " تخطت الأنظمة ، فبات المواطن العربي نفسه حساسا للغاية ، فلا بد من الحذر الشديد من مفهوم  " ضربة لازم " .
من المنطقي التوقع بان اسرائيل سترفع حجر الشهور الاربعة عن أموال الضرائب الفلسطينية ، ليس كبادرة أخلاقية او رسالة مودة ، بل لان انهيار الاقتصاد الفلسطيني يؤذي اسرائيل ، ربما بالقدر الذي يؤذي فلسطين ، و بالمناسبة ، لا بد من وضع الكلمات الصحيحة في الجمل المفيدة ، فإسرائيل قالت مسبقا بان خطوتها مؤقتة ولاستيفاء مديونيات لم ينكرها الجانب الفلسطيني ، لان التهويل بان القرار الاسرائيلي دائم ، هو تهويل  يضر ولا ينفع ، ولا يجوز تضليل المواطن والمانح انه لولا ذلك القرار الاسرائيلي لكنا في وضع سليم ، او اننا بإنهائه سنعود الى الوضع السليم ، ذلك وهم لا يجوز أشاعته .
من المنطقي أيضاً رؤية قدر اعلى من الالتزام العربي بقرار توفير " نصف " شبكة الأمان المالي ، و ربما بادرت دولة عربية ،  او اثنتان الى بعض المساعدات الاستثنائية ، وهناك أنباء عن مبادرة قطرية تصل لمئات الملايين من المساعدات الاستثنائية النقدية ، ومن المنطقي توقع مواصلة الاتحاد الأوروبي لدعمه المعتاد او زيادته قليلا ، كما ان الرئيس الامريكي باراك اوباما ، ان أراد الحفاظ على الدور والتأثير الامريكي ، فسيكون مضطرا الى استخدام حقوقه القانونية مع الكونغرس ، لتسيل المنحة الامريكية مجددا .
ليس الهدف هنا إنعاش التفاؤل ، او التقليل من حجم الخطر ، فعلى العكس من ذلك ، المقصود هنا ان كل ذلك ، و كل تلك التطورات المنطقية ، تظل عاجزة و قاصرة عن حل الأزمة على المدى المتوسط او الطويل ، اي من سنة الى ثلاث سنوات ، ما لم تترافق مع خطوات فلسطينية داخلية ، مثلما فعلت كل الحكومات في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية ، من عمليات ضغط الإنفاق ، واستنفار الموارد السيادية وتجييرها لصالح حل الأزمة ، و اعادة النظر بأهمية تشغيل مؤسسات ليست حيوية ، و تحديد الاولويات بدقة متناهية ، دون الأضرار بمقدرات ذوي الدخل المحدود الى المتوسط .
السؤال الوجيه الذي ينبغي التفكير فيه جيدا ، هل لدى السلطة الفلسطينية قدرة ضغط الإنفاق ، و موارد سيادية قادرة على الإسهام في حل الأزمة او التخفيف منها ؟
نعم ، و بكل تأكيد ، ان كان ما نسمع ونقرا ليس كذبا او تدليسا ، فلدى السلطة اولا ، الصندوق السيادي " صندوق الاستثمار الفلسطيني " الذي أنشاه الرئيس الراحل ياسر عرفات ، ووضعه تحت مسؤولية وزير المالية ، و اخر البيانات المقدمة من إدارة هذا الصندوق ،  و الصادرة قبل ثلاثة او اربعة اشهر تعلن قيمة الصندوق بحدود 1500 مليون دولار امريكي ، وذلك كان " قرش عرفات الابيض لهذا اليوم الاسود " ، وبالتالي يجب اعادة الصندوق لمالكيه الحقيقيين " الشعب " ، وبصورة فورية ، واعادة تصحيح أوضاعه القانونية التي انتهكت بتجريد وزارة المالية من صلاحية الاشراف عليه ، كما ينبغي مراجعة نفقات إدارة الصندوق بصورة فعالة وتنسجم مع مستوى الأزمة .
كما ينبغي الشروع فورا بخفض أنفاق مؤسسة الرئاسة الفلسطينية التي تأكل عشر الموازنة العامة ، بين تكاليف باهظة ، وميزانيات سرية ، لا احد غير الله يعلم الى اين تذهب ، فلماذا شعب يطحن في مثل هذه الأزمة ، عليه ان يتقبل سلوكا ماليا رئاسيا غير مسؤول ، ولماذا السعي مثلا الى امتلاك طائرة كبيرة جديدة ، والرئاسة اصلا لديها طائرتان ، في حين ان الشعب لا يجد ما يأكل .
حكومة فياض مطالبة بوقف الإنفاق على منظمة التحرير الفلسطينية ، والمنظمة لديها موارد كبيرة وكثيرة متروكة للعبث و التلاعب و خارج أية رقابة وطنية
 
كما ينبغي على رئيس الوزراء ووزير ماليته ،  اتخاذ تدابير استثنائية مؤلمة ، اولها وقف تمويل منظمة التحرير الفلسطينية على النحو الحاصل اليوم " اكثر من 10 مليون دولار شهريا " ، فلدى المنظمة موارد كبيرة و كثيرة ، متروكة للتلاعب والعبث في ايد غير امينة ، وذلك ملف يجب ان يخضع فورا للجنة وطنية ، و يجب ان يوضع على طاولة اللجنة التنفيذية ، و اجندة حوارات الاطار القيادي للمنظمة ، و المنتظرة في القاهرة قريبا .
وهناك ايضا ملف البعثات الدبلوماسية ، و الوفود و البعثات الخارجية ، صحيح ان الدكتور سلام فياض ، ووزير المالية الدكتور نبيل قسيس اتخذا بعض الإجراءات الصعبة ، لكن الطريق لا زالت طويلة ومؤلمة ، وينبغي مراجعة كافة التعيينات التي حصلت بطريقة ملتبسة في السلك الدبلوماسي الفلسطيني ، كما حصلت الترقيات الكيفية في المؤسسة الأمنية الفلسطينية .
انهيار السلطة ماليا سيؤدي الى انهيار النظام المصرفي الفلسطيني تماما ، واغلب مديونيات السلطة للبنوك هي في الاصل من ودائع الشعب 
ثروة الاراضي قد تكون عاملا انقاذيا كبيرا ، وذلك ليس عيبا على الاطلاق ، وكل دول العالم تفعل ذلك ، سواء كانت لمشاريع استثمارية او للتملك الشخصي ، شريطة وضع ضوابط صارمة لعمليات التملك ، وهوية المالكين الجدد ، خاصة في الضفة الغربية ، حيث الأطماع المستمرة للاحتلال الاسرائيلي .
من الأهمية أيضاً ايجاد صيغة لحل ملف الوثائق الضريبية لتجارة قطاع غزة مع السوق التجاري الاسرائيلي ، القديمة منها والجديدة ، والانقسام لا يجب ان يكون سببا في بقاء تلك الاموال في الخزانة الاسرائيلية ، وذلك أيضاً ملف اخر ينبغي وضعه على أجندة الإطار القيادي الفلسطيني في القاهرة قريبا .
المهم الان ، هو الإسراع الى منع الانهيار  ، واتخاذ إجراءات تعزز ثقة المانحين ، والأهم طبعا وقف هذه " المرمطة " التي لا يستحقها الشعب الفلسطيني أبدا ، لا من قيادته ، ولا من العالم اجمع ، وان لم يفعلوا فالانفجار سيكون رهيبا على الجميع .

كتب محمد رشيد : 
الإضرابات الفلسطينية بدات من القطاع الحرج  ، من قطاع التعليم ، من السلاح الاساسي للفلسطينيين ، فالتعليم بالنسبة لاي اب او ام فلسطينية يعتبر باهمية الحياة نفسها ، وذلك إنذار غير عادي يوجهه المعلم الفلسطيني الى الشعب كله ، ان لم اجد ما أطعم به صغاري ، فمن المحال والمستحيل ان استطيع تعليم أولادكم ، ولن يمضي وقت طويل قبل ان تنضم باقي القطاعات الحيوية الى الاضراب ، وقد يصل الامر الى الشلل التام ، وليس لاحد مصلحة في ذلك ، بما في ذلك المحتل الاسرائيلي ، فالمأزق برمته يحمل ارتدادات لا احد يستطيع التكهن مسبقا بمداها.
الفلسطينيون الصامدون داخل وطنهم المحتل كلهم ، يواجهون اليوم معركة الحياة ، معركة الكرامة الانسانية  ، معركة رغيف الخبز ، وأساسيات البقاء على قيد الحياة ، ولليوم الواحد بعد الخمسين ينتظر المعلم الفلسطيني ، الدكتور والمهندس ، وابسط موظف في السلم الرسمي الحكومي معاشه الشهري ، ليحمل لأطفاله الخبز والحليب ، ليس اكثر ، لان معظم اطفال فلسطين لا يحلمون بابعد من ذلك ، وبحكم الواقع نسي معظمهم الفاكهة والحلوى ، دعك من لعب التسلية و الملابس الشتوية .
ابو عمار أنشأ صندوق الاستثمار ليوفر القرش الابيض لليوم الاسود ، وإدارة الصندوق تقدر قيمته بـ 1500 مليون دولار ، فلماذا لا يكرس الان للشعب
هذا وضع خطير جداً ، خطر للجميع ، فليس " أذل " لرب الاسرة ، من عجزه عن إجابة أسئلة جوع صغاره ، او إحساسهم ببرد شتاء قاسي ، يخترق عظامهم الطرية ، انه أقسى من رصاص المحتل بكل تأكيد ، وكل ذلك يحدث في ظل قيادة مترفة ، فاقدة للأمانة والإحساس ، تستسهل تصدير الازمة كلها ، رمي مسؤولية كل شيء على الخارج ، قيادة أوصلت نفقات حكمها ، وخدماتها الامنية لاسرائيل ، الى حدود مالية  خيالية ، تفوق كل طاقة الشعب الفلسطيني ، حدود انفاق أكل الاخضر واليابس ، حتى يكاد ان يحول  الشعب الى جموع من الجياع .
نحن نتحدث عن احتياج قريب من250 مليون دولار شهريا ، اي 3000 مليون دولار سنويا ، لتامين  قدرة الاستجابة المعقولة لمتطلبات الحد الأدنى ، بل اقل من الحد الأدنى ، وتلك المبالغ كانت تؤمن في ما مضى ، من مصادر متعددة ومختلفة ، ومع ذلك الأزمة كانت قائمة حتى عندما كان هناك انتظام في وصول أموال الضرائب والمنح ، فإسرائيل " حسب بيانات السلطة " ،  كانت تحول الجبايات الضريبية والجمركية بواقع 1200 مليون  دولار سنويا على الاقل .
إضراب المعلمين إنذار خطير للقيادة الفلسطينية ولكل العالم ، وحين يعجز المعلم عن إطعام صغاره لن يكون قادرا على تعليم أطفال فلسطين
الاتحاد الأوربي بدوره كان يقدم قرابة 500 مليون دولار ، المساعدة العربية من جانبها كانت تقترب من 400 مليون دولار ، مع افتقاد الانتظام  ، اما الولايات المتحدة ، فقد كانت ، وحسب تصريحات لمحمود عباس منشورة في وكالة معا  ، تقدم سنويا قرابة 750 مليون دولار امريكي ، في حين كانت الجباية الضريبية الداخلية تصل الى حدود 250 مليون دولار امريكي ، ومجموع تلك الأرقام تعادل ،  كما هو واضح حاجز ال 3000 مليون دولار امريكي ، وهو الرقم الذي تستهدفه الحكومة الفلسطينية اليوم .
لكن الحكومة الفلسطينية تتحدث عن عجز قائم اصلا بقيمة 2200 مليون دولار ، وجزء كبير من ذلك العجز عبارة عن مديونيات للبنوك العاملة في فلسطين ، اي انها ودائع و " تحويشات " المواطنين ، قرشهم الابيض لليوم الاسود ، واذا حدث انهيار مالي للسلطة الفلسطينية لا سمح الله ، فان القطاع المصرفي الفلسطيني هو الاخر سيواجه خطر الانهيار ، وبذلك سيفقد المواطن الفلسطيني اخر ملاذ قد يلجأ اليه .
نفقات الرئاسة الفلسطينية تأكل 10% من الموازنة ، ولماذا تسعى الرئاسة الى طائرة ثالثة جديدة وكبيرة ، والناس ليس لديهم ما يأكلونه
الكلام دائماً سهل ، لكن الحلول هي الاختبار الحقيقي لأية قيادة تمتلك الرؤية والإرادة ، ولأية حكومة رشيدة تمتلك العزيمة والوسائل المقنعة ، وامام القيادة والحكومة الفلسطينية تحد كبير ، فهل تستطيع ان تكون مقنعة لشعبها ، وللمانحين العرب وغير العرب ؟ ، ذلك هو السؤال الذي يجب الاجابة عليه بوضوح ، وليس بالكلام و رمي المسؤولية خارج جدران مكاتبهم ، فلا احد من الخارج سيهب نخوة ليحل الأزمة ، وحتى ان فعلت السعودية او قطر ، او الاتحاد الأوروبي ، فإنها ستفعل لتخفيف الألم وليس لوقف النزيف .من الضروري تسمية الاشياء بأسمائها ، والكف عن عمليات التهييج والتجييش ، كما لا ينبغي الافتراض بان هذه الأزمة مربوطة بزمن محدد ، او انها ناتجة عن قرار عقابي إسرائيلي لا أخلاقي بوقف التحويلات المالية ، والاكتفاء برمي " القاذورات " على الجانب الاسرائيلي وحده ,  فذلك عدا عن انه غير كاف ، فهو غير مقنع أيضاً ، لا للمواطن ولا للمانح ، لان ما تحتجزه اسرائيل من أموال ، غير كافية لحل الأزمة حتى على المدى القصير ، كما لا ينبغي التهييج على المانحين العرب ، لان حساسية العرب من مظاهر " نكران الجميل " تخطت الأنظمة ، فبات المواطن العربي نفسه حساسا للغاية ، فلا بد من الحذر الشديد من مفهوم  " ضربة لازم " .
من المنطقي التوقع بان اسرائيل سترفع حجر الشهور الاربعة عن أموال الضرائب الفلسطينية ، ليس كبادرة أخلاقية او رسالة مودة ، بل لان انهيار الاقتصاد الفلسطيني يؤذي اسرائيل ، ربما بالقدر الذي يؤذي فلسطين ، و بالمناسبة ، لا بد من وضع الكلمات الصحيحة في الجمل المفيدة ، فإسرائيل قالت مسبقا بان خطوتها مؤقتة ولاستيفاء مديونيات لم ينكرها الجانب الفلسطيني ، لان التهويل بان القرار الاسرائيلي دائم ، هو تهويل  يضر ولا ينفع ، ولا يجوز تضليل المواطن والمانح انه لولا ذلك القرار الاسرائيلي لكنا في وضع سليم ، او اننا بإنهائه سنعود الى الوضع السليم ، ذلك وهم لا يجوز أشاعته .
من المنطقي أيضاً رؤية قدر اعلى من الالتزام العربي بقرار توفير " نصف " شبكة الأمان المالي ، و ربما بادرت دولة عربية ،  او اثنتان الى بعض المساعدات الاستثنائية ، وهناك أنباء عن مبادرة قطرية تصل لمئات الملايين من المساعدات الاستثنائية النقدية ، ومن المنطقي توقع مواصلة الاتحاد الأوروبي لدعمه المعتاد او زيادته قليلا ، كما ان الرئيس الامريكي باراك اوباما ، ان أراد الحفاظ على الدور والتأثير الامريكي ، فسيكون مضطرا الى استخدام حقوقه القانونية مع الكونغرس ، لتسيل المنحة الامريكية مجددا .
ليس الهدف هنا إنعاش التفاؤل ، او التقليل من حجم الخطر ، فعلى العكس من ذلك ، المقصود هنا ان كل ذلك ، و كل تلك التطورات المنطقية ، تظل عاجزة و قاصرة عن حل الأزمة على المدى المتوسط او الطويل ، اي من سنة الى ثلاث سنوات ، ما لم تترافق مع خطوات فلسطينية داخلية ، مثلما فعلت كل الحكومات في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية ، من عمليات ضغط الإنفاق ، واستنفار الموارد السيادية وتجييرها لصالح حل الأزمة ، و اعادة النظر بأهمية تشغيل مؤسسات ليست حيوية ، و تحديد الاولويات بدقة متناهية ، دون الأضرار بمقدرات ذوي الدخل المحدود الى المتوسط .
السؤال الوجيه الذي ينبغي التفكير فيه جيدا ، هل لدى السلطة الفلسطينية قدرة ضغط الإنفاق ، و موارد سيادية قادرة على الإسهام في حل الأزمة او التخفيف منها ؟
نعم ، و بكل تأكيد ، ان كان ما نسمع ونقرا ليس كذبا او تدليسا ، فلدى السلطة اولا ، الصندوق السيادي " صندوق الاستثمار الفلسطيني " الذي أنشاه الرئيس الراحل ياسر عرفات ، ووضعه تحت مسؤولية وزير المالية ، و اخر البيانات المقدمة من إدارة هذا الصندوق ،  و الصادرة قبل ثلاثة او اربعة اشهر تعلن قيمة الصندوق بحدود 1500 مليون دولار امريكي ، وذلك كان " قرش عرفات الابيض لهذا اليوم الاسود " ، وبالتالي يجب اعادة الصندوق لمالكيه الحقيقيين " الشعب " ، وبصورة فورية ، واعادة تصحيح أوضاعه القانونية التي انتهكت بتجريد وزارة المالية من صلاحية الاشراف عليه ، كما ينبغي مراجعة نفقات إدارة الصندوق بصورة فعالة وتنسجم مع مستوى الأزمة .
كما ينبغي الشروع فورا بخفض أنفاق مؤسسة الرئاسة الفلسطينية التي تأكل عشر الموازنة العامة ، بين تكاليف باهظة ، وميزانيات سرية ، لا احد غير الله يعلم الى اين تذهب ، فلماذا شعب يطحن في مثل هذه الأزمة ، عليه ان يتقبل سلوكا ماليا رئاسيا غير مسؤول ، ولماذا السعي مثلا الى امتلاك طائرة كبيرة جديدة ، والرئاسة اصلا لديها طائرتان ، في حين ان الشعب لا يجد ما يأكل .
حكومة فياض مطالبة بوقف الإنفاق على منظمة التحرير الفلسطينية ، والمنظمة لديها موارد كبيرة وكثيرة متروكة للعبث و التلاعب و خارج أية رقابة وطنية
 
كما ينبغي على رئيس الوزراء ووزير ماليته ،  اتخاذ تدابير استثنائية مؤلمة ، اولها وقف تمويل منظمة التحرير الفلسطينية على النحو الحاصل اليوم " اكثر من 10 مليون دولار شهريا " ، فلدى المنظمة موارد كبيرة و كثيرة ، متروكة للتلاعب والعبث في ايد غير امينة ، وذلك ملف يجب ان يخضع فورا للجنة وطنية ، و يجب ان يوضع على طاولة اللجنة التنفيذية ، و اجندة حوارات الاطار القيادي للمنظمة ، و المنتظرة في القاهرة قريبا .
وهناك ايضا ملف البعثات الدبلوماسية ، و الوفود و البعثات الخارجية ، صحيح ان الدكتور سلام فياض ، ووزير المالية الدكتور نبيل قسيس اتخذا بعض الإجراءات الصعبة ، لكن الطريق لا زالت طويلة ومؤلمة ، وينبغي مراجعة كافة التعيينات التي حصلت بطريقة ملتبسة في السلك الدبلوماسي الفلسطيني ، كما حصلت الترقيات الكيفية في المؤسسة الأمنية الفلسطينية .
انهيار السلطة ماليا سيؤدي الى انهيار النظام المصرفي الفلسطيني تماما ، واغلب مديونيات السلطة للبنوك هي في الاصل من ودائع الشعب 
ثروة الاراضي قد تكون عاملا انقاذيا كبيرا ، وذلك ليس عيبا على الاطلاق ، وكل دول العالم تفعل ذلك ، سواء كانت لمشاريع استثمارية او للتملك الشخصي ، شريطة وضع ضوابط صارمة لعمليات التملك ، وهوية المالكين الجدد ، خاصة في الضفة الغربية ، حيث الأطماع المستمرة للاحتلال الاسرائيلي .
من الأهمية أيضاً ايجاد صيغة لحل ملف الوثائق الضريبية لتجارة قطاع غزة مع السوق التجاري الاسرائيلي ، القديمة منها والجديدة ، والانقسام لا يجب ان يكون سببا في بقاء تلك الاموال في الخزانة الاسرائيلية ، وذلك أيضاً ملف اخر ينبغي وضعه على أجندة الإطار القيادي الفلسطيني في القاهرة قريبا .
المهم الان ، هو الإسراع الى منع الانهيار  ، واتخاذ إجراءات تعزز ثقة المانحين ، والأهم طبعا وقف هذه " المرمطة " التي لا يستحقها الشعب الفلسطيني أبدا ، لا من قيادته ، ولا من العالم اجمع ، وان لم يفعلوا فالانفجار سيكون رهيبا على الجميع .