أخر الأخبار
«إخوان الأردن» بين العزلة والعودة للصف الوطني
«إخوان الأردن» بين العزلة والعودة للصف الوطني

أدت هيمنة الجناح المتشدد للاخوان المسلمين في الاردن على الجماعة والحزب لوجستيا وسياسيا وإعلاميا وخصوصا مع بدايات موجات الربيع العربي ووصول نظرائهم في مصر وتونس الى الحكم، الى تشويه صورة جماعة الاخوان المسلمين داخليا وخارجيا بفعل السياسات المتعنتة والعنيدة التي انتهجوهها على أساس أنهم الاجدر بالسلطة وينبغي ان يفصل الدستور والقوانين على مقاسهم، متجاهلين بهذه السياسة القوى السياسية الاخرى وجموع المواطنين الغفيرة المناوئة لهم لدرجة ذهاب الصالح منهم بعروى الطالح حتى غدوا الآن اشبه بمن يحتضر في الرمق الاخير من عمره.
ولقد شكّل جلالة الملك لجنة الحوار الوطني ودعا كافة الفصائل السياسية للانخراط فيها والخروج بتوصيات متوافق عليها من جميع الاطراف تكون نواة عملية الاصلاح الشامل للوصول بالاردن الى مستوى الطموحات التي يريدها جلالته قبل المعارضة وعموم المواطنين، إلا ان رموز الجناح المتطرف المهيمن على كل شيء رفض المشاركة بحجة ان هذه اللجنة وما يصدر عنها لا يسمن ولا يغني من جوع وركبوا رؤوسهم وضربوا عرض الحائط بكل ما يطرح من حلول وقتذاك مستقوين باخوان مصر القابعين في السجون وقتئذ.
وكل الحكومات المتعاقبة وبتوجيهات من جلالة الملك كانت تعتبر وما زالت ان جماعة الاخوان المسلمين جزء لا يتجزأ من العملية السياسية الاصلاحية لا بل ومكون أساسي حتى وصل الامر بأن ذهب أحد رؤساء الوزراء الى مقرهم معزيا بوفاة احد قادتهم وتناول العشاء معهم ودعاهم الى طاولة الحوار الوطني مجددا للمضي قدما في مسيرة الاصلاح الهاشمية الذي ضمن مخرجاتها جلالة الملك شخصيا ولكن كالعادة كان الرفض ديدنهم، وكأني بهم لا يريدون الاصلاح بل يريدون أبعد من ذلك بدليل أنهم آثروا تجييش الشارع على الحوار واشاعة الفوضى على الاستقرار.
وبعد ذلك انتهجوا تكتيك الولوج الى القرى والمخيمات والتجمعات السكانية الكبيرة وحتى العشائر وكان المواطنون يتصدون لهم قائلين « حواركم ليس معنا بل مع أصحاب القرار» فأدار الناس لهم الظهور بعد ان كانت الحكومة فتحت لهم ابوابها على مصاريعها للانخراط في ادارة عجلة الاصلاح، ثم بعدئذ صارت الفتن تنتشر هنا وهناك وركبوا موجات الاعتصامات والمسيرات والفعاليات واعتلوا الفضائيات يكيلون الاتهامات جزافاً للاجهزة الامنية ويقلبون الحقائق ويهولونها ويصفون المناوئين لهم بالبطجية والسحيجة، ومع ذلك أمر جلالة الملك بتوفير حراسة شخصية لأبرز قادتهم ومن اتبع أسلوبهم على قناعة أو تغرير درءا للفتنة وحفاظا على اللحمة الوطنية.
وعليه، وبعد أن تغيرت الخارطة السياسية في مصر وما تلاها من إدراج تنظيمهم الدولي على قوائم الارهاب في السعودية وربما الحبل على الغارب، فإن على جماعة الإخوان المسلمين إذا أرادوا فكّ عزلتهم التي يعيشونها أن يعترفوا بأخطاء جناحهم المتشدد في الحقبة الماضية التي أوصلتهم الى هذه الحالة، ويقدموا اعتذارا للشعب عن وصفهم بالبلطجية والسحيجة، ويعيدوا ترتيب صفوفهم وهيكلة حزبهم وركن قادتهم المتهورين جانبا واستبدالهم بالقيادات المعتدلة وربما زمزم نموذجا، والاهم هو الالتفاف حول القيادة الهاشمية التي حمتهم واحتضنتهم ووفرت لهم أرضا خصبة لممارسة أعمالهم ونشاطاتهم على شتى أنواعها بكل حرية وكرامة..فإما العزلة أو الانضمام للصف الوطني اختاروا.