أخر الأخبار
دعوة إلى أحزابنا
دعوة إلى أحزابنا

نقرأ في كتاب د. رفعت السعيد: تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر من 1900-1925 فالحزب الوطني وكان رئيسه محمد فريد عقد في اوروبا - وكان في المنفى – مؤتمراً عام 1917 في برن بسويسرا، وآخر في لوسرن 1919 دعا اليه قادة اشتراكيون مرموقون في اوروبا، الى جانب مؤتمرات مبكرة في مصر، وقد قدمت فيها مجموعة تقارير وابحاث منها:
- مستقبل مصر لحامد العلايلي
- الامتيازات الاجنبية في مصر لمصطفى الشوربجي
- التعليم في مصر لرفعت رفيق
- التشريع في مصر لعبدالسلام ذهني
- دور الصحافة في مصر لعبدالرحمن الرافعي.
- الصناعة في مصر لعلي ثروت.
- حالة الجيش المصري لعدد من الضباط لم ترد اسماؤهم.
- الصحة العامة في مصر لمنصور رفعت.
- الحالة الاجتماعية في مصر لطه العبد.
ان اشغال القارئ بهذه العناوين، وكنا نهدف منها الاطلاع على العمل الحزبي في مصر قبل مائة عام، كيف كانوا يدرسون وضع بلدهم! كيف كانت مؤتمراتهم في مصر او في سويسرا! ودعوة قادة احزاب اشتراكية ايام الدولية الثانية، الامر الذي لا نجد اهتماماً يماثله من احزابنا الاردنية والعربية، فأي حزب قديم او حديث انشغل بدراسة جدية عن مستقبل الاردن او الصناعة والصحة والتعليم والتشريع والصحافة فيه، ونحن الآن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين؟
اننا نشكو من كثرة الاحزاب، ومن انطفائها السريع بعد اشهر على تأسيسها، ونشكو من محدودية تأثيرها في المجتمع، واذا توسعنا اكثر فان هناك احزابا في الاردن همها الدفاع عن نظرائها واصولها من الاحزاب الحاكمة في سوريا او العراق او مصر.. وعقد مؤتمرات هي حالة من حالات المناسبة الخطابية!.
في مصر كان الحزب الوطني قبل قرن يتعامل مع شعب مصر بالمبادرات والدراسات الفكرية، وعندنا الآن في مصر وفي المنطقة تهتم الاحزاب بالتظاهرة والشعارات والانتخابات. الامر الذي ادى الى اصابة اعضائها بالاحباط.. فهل من المعقول ان تبقى احزاب تسمي نفسها معارضة تجيّش اعضاءها طيلة سنوات ثلاث للتظاهر امام المسجد الحسيني في عمان او مساجد اخرى في المدن الاردنية تحمل اللافتات ذاتها، والشعارات ذاتها، لكن حزبا واحداً لم يقدم لنا دراسة عن هذا الاصلاح المطلوب، او عن مكافحة الفساد، او عن معالجة الفقر والبطالة؟!.
تستطيع بعض الاحزاب الزعم بأن الحكومات كانت تقمعها، ولذلك فقد كانت تحت الارض، ولم تعد اية دراسة لمشاكل الوطن وموجوداته.. لكن اكبر حزب لم يطاله أي قمع منذ تأسيسه في اربعينات القرن الماضي، وان عودة الديمقراطية منذ عام 1989 كانت الدولة فيها تشجع تأليف الاحزاب، ومشاركتها في الحياة السياسية، لكن احزابنا اختارت البقاء في الشارع، واختارت التحريض العاطفي بدل اثارة العقل والفكر والقضايا الملحة المطروحة.. طبعا الى جانب الشكوى من القمع والتهميش واستعداء كل المؤسسات المشبوهة في العالم على الوطن!.
ننصح احزابنا وبخاصة الذين رفعوا شعارات الاشتراكية والشيوعية ان يعيدوا قراءة تاريخ الاحزاب قبل قرن ليس عندنا طبعا، ولكن في مصر وسوريا ولبنان..ويعيدوا اليها المهمات الفكرية الثرية التي كانت لها، فنحن الآن احوج ما نكون الى الفكر القومي والموروث البشري الراقي.. لنفهم المرحلة، ولنستدل على دورنا فيها!.