الجاسوسية... تفكيك الشيفرة في عالم الديجتال
وسط حروب وصراعات بين الدول للكشف عن أسرار العدو، عُرفت الجاسوسية وانتشر مفهوم حرب المعلومات من أجل إحراز السبق، والتقدم على النظم العسكرية والاقتصادية للخصم، وحرب المعلومات قد تتضمن جمع المعلومات الاستراتيجية، التأكد من صلاحية المعلومات الموجودة، نشر دعايات أو معلومات خاطئة لاحباط العدو أو الشعب.
ليس حديثاً أو غريباً أن تعمل الأجهزة الأمنية العالمية على استخدام أي مهنة كغطاء على نشاطات عملائها، فقد شاع استغلال بعض منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية وأحياناً استغلال بعضا الصحفيين من ذوي النفوس الضعيفة تحت ضغط الحاجة المادية أو الابتزاز الأخلاقي ليكونوا أدوات تدور في فلك حرب المعلومات بين الدول، وتؤشر تجربة التاريخ إلى أن العديد من أجهزة الاستخبارات العالمية استخدمت مهنة الصحافة للتغطية على نشاطات عملاءها, أو تجنيد العديد من الصحفيين للعمل لصالحها، على سبيل المثال الصحفيين (نيكولاس جونز وغاريث جونسون) الّلذين عملا لصالح المخابرات الإيرانية تحت غطاء التلفزيون الإيراني، والصحفي اليهودي/الأمريكي (إيلات غرابيل) الذي عمل لصالح الموساد والقي القبض عليه في مصر، والصحفي اليهودي/الدنماركي (هيربرت بوندك)، الذي عمل في خدمة الموساد كان رئيساً لتحرير صحيفة “السياسي الدنماركية”، وأشار تقرير صادر عن وكالة الاستخبارات المركزية CIA إلى أن 40 % من معلوماتها عن العراق سواء في الحرب الأولى 1991 أو الحرب الثانية 2003، تمّ الحصول عليها عبر صحفيين عراقيين وعرب، فمن هم هؤلاء؟؟؟
اليوم نستعرض أبرز المحطات في حياة أخطر جواسيس الصحافة في المنطقة العربية، السيرة الذاتية لأخطر جواسيس CIA من العراق إلى واشنطن.
الجاسوس الذي حمل بطاقة الصحافة، نظام عبد الفتاح محمود مهداوي، تمتد جذور أسرة "نظام" إلى بلدة شويكة شمال محافظة طولكرم في فلسطين، عاشت في الأردن وتحمل الجنسية الأردنية، انتقل والده إلى الكويت في ستينات القرن الماضي للارتقاء بالمعيشة والعمل، وهناك ولد نظام عام 1966، ونمى وترعرع، في العام 1984 التحق بجامعة الكويت قسم العلوم السياسية، وتخرج منها عام 1988.
بتاريخ 7/4/1987 تزوج في الكويت من ماجدة حسن مصطفى عبد القادر، تحمل الجنسية الأردنية، وفي أواخر الثمانينات غادر إلى العراق، وهناك أنجب ابنته البكر روان بتاريخ 28/9/1990، في بداية التسعينات هاجر إلى الولايات المتحدة وحصل على جنسيتها، وهناك أنجب ابنته الثانية سارة بتاريخ 25/1/1992، انتهت حياته الأسرية مع ماجدة عبد القادر بالطلاق لأسباب سنأتي على ذكرها.
في العام 1991 أسس صحيفة الوطن كمطبوعة توزع أسبوعياً في الولايات المتحدة، وفي العام 1996 أطلق موقعاً الكترونياً بتوجيهات من جهاز الـ CIA، من العام 2002 – 2005 عمل مراسلاً للجزيرة من واشنطن، ومن 2005- 2010 عمل مراسلاً لقناة أبو ظبي من واشنطن، ثم عمل في تلفزيون الحرة الأمريكي، وفي العام 2008 أسس شركة Sun Tradingأدار من خلالها صفقات تجارية، كان كل عمل من هذه الأعمال يستخدم كغطاء يحمل هدفاً معيناً مرتبطاً في إدارة حرب المعلومات بين الدول.
بعد انتهاء حياته الأسرية مع ماجدة تزوج من لينا عمر حمدي زعيتر، أردنية الجنسية مواليد 14/3/1973، تقيم معه في أمريكيا، وأنجب منها بدر وفارس، العلاقة بين نظام ولينا غير مستقرة وتشهد حالة من الخلافات المستمرة لأسباب مختلفة لها علاقة بالسلوك الأخلاقي ذات الطابع الأمني، الحلقات القادمة سوف تعمل على تفكيك رموز هذه الخلافات.
نتيجة طبيعية لانشغال "نظام" بقضاياه ومشاكله المتعددة، وابتعاده عن ابنتيه (روان وساره) التي تعيشا مع والدتهما في الأردن، أن تعيشا في مناخ ينطوي في سلوكهن على انحراف كامن حين يجد الفرصة سانحة في أي زمان ومكان، وعبر عن نفسه وصار سلوكاً ممارساً ملموساً في تصرفات ابنته روان أثناء اقامتها في الأردن وقبل الانتقال للإقامة معه في الولايات المتحدة، ما أدى إلى فسادها الأخلاقي الذي مهد الطريق لسقوطها الأمني، إضافة إلى تطور العلاقة بينه وابنته سارة ما أدى إلى نشوء علاقة غير سويه بينهما.
أردنا من خلال هذه المقدمة أن نلقي الضوء على أبرز المحطات في حياة أخطر جواسيس المنطقة العربية، ولكن تفاصيل كل محطة سوف يتخللها فك شيفرة الكثير من القضايا التي مازالت برسم الإجابة.
انتظرونا في الحلقة الأولى: الكويت مرحلة الترشيح والتجنيد.