القدس - الكاشف نيوز : غادر المبعوث الأميركي لعملية السلام، مارتن إنديك، إسرائيل في إجازة عيد «الفصح اليهودي»، التي تبدأ بعد يومين وتستمر أسبوعا، تاركا خلفه المجال واسعا لمزيد من التحليلات حول مصير العملية السياسية، وما يرتبط بها من تداعيات على الفلسطينيين الذين بدأت إسرائيل بخنقهم عبر مجموعة من العقوبات الاقتصادية، والإسرائيليين الذي بدأوا يستعدون لاحتمالات إجراء انتخابات مبكرة.
وتؤكد مصادر إسرائيلية وفلسطينية أن تقدما طرأ على المفاوضات الأخيرة بين الطرفين، التي تستهدف التوصل إلى صفقة شاملة تضمن تمديد المباحثات عاما آخر، لكن هذا التقدم لم يرقَ إلى مستوى اختراق.
ويوجد أمام الأطراف نحو أسبوعين منذ الآن للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية مهلة انتهاء المفاوضات في التاسع والعشرين من الشهر الحالي.
وتتركز المباحثات الحالية على إمكانية إطلاق سراح إسرائيل لأسرى فلسطينيين بينهم حملة هوية إسرائيلية، ووقف الاستيطان، مقابل تجميد توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، وتمديد المفاوضات، على أن تحصل إسرائيل كذلك على الجاسوس اليهودي المعتقل في الولايات المتحدة جوناثان بولارد.
ومن غير المعروف ما إذا كان إنديك سينجح بعد عودته في إحداث الاختراق المطلوب، لكن نجاح هذه المفاوضات وفشلها، على حد سواء، يبدوان كارثيين على الأطراف.
وقد بدأت الأحزاب في إسرائيل التحضير لاحتمال انتخابات مبكرة، بعد تهديد وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت بالانسحاب من الحكومة إذا ما جرى التوصل إلى صفقة مع الفلسطينيين.
وبينت هو شريك رئيس في حكومة نتنياهو، ويشغل حزبه (البيت اليهودي) 12 من 68 مقعدا للائتلاف الحاكم في البرلمان (الكنيست)، وإذا انسحب فإنه سيتعين على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن يجد شركاء آخرين للاحتفاظ بأغلبية في المجلس المكون من 120 مقعدا، أو إعلان انتخابات مبكرة، وهو الأمر الذي يدعمه شركاء آخرون مثل وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الشريك الأهم لنتنياهو.
وأكدت مصادر سياسية في إسرائيل أن ليبرمان بصدد التحالف مع وزير الاتصالات الليكودي السابق، موشيه كحلون، الذي أعلن أخيرا عودته إلى الحياة السياسية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مسؤولين في المعسكرين التقوا مرات عدة من أجل بحث سبل التوحد في الانتخابات المقبلة.
ويتمتع كحلون الذي يوصف بـ«رجل أخبار»، بشعبية كبيرة في إسرائيل، وقد يهدد إذا ما تحالف مع ليبرمان الذي يحظى بدعم اليهود الروس، مكانة نتنياهو.
وهاجم كحلون بشدة نتنياهو في مقابلة أجرتها معه صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ونشرت الجمعة، قائلا إنه صاحب نتائج غير جيدة ويولد لدى الإسرائيليين شعورا سيئا. كما هاجم كحلون حزب الليكود، الذي نشأ فيه، قبل أن يستقيل منه، قائلا: «اليمين المتطرف سيطر على الليكود. ليس هذا هو الحزب الذي قاده الراحل مناحيم بيغن، لم يعد هناك برنامج اجتماعي لليكود».
وأظهر أحدث استطلاع للرأي في إسرائيل أن ثمة تساويا فيمن يرون أن كحلون جدير برئاسة الوزراء ومن لا يرون ذلك. وقال 32 في المائة ممن جرى استطلاعهم إن الوزير كحلون جدير بالمنافسة على رئاسة الوزراء، مقابل 35 في المائة قالوا عكس ذلك، فيما قال الباقون إنهم لم يقرروا.
وعقبت رئيسة حزب ميرتس، زهافا غالؤون، بأن ما يجري من نقاشات وتهديدات حول الانسحاب من الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، يؤكد أن لا أحد في الائتلاف الحاكم يرى مصلحة في إنجاز اتفاق سلام. وقالت إنه يجب «الاستبدال بائتلاف الأشرار هذا، حكومة تهتم بدفع عملية السلام».
ويأتي الجدل في إسرائيل حول احتمال تفكك حكومة نتنياهو إذا ما عقدت صفقة سلام، في ظل تنفيذ الحكومة الإسرائيلية سلسلة من العقوبات الاقتصادية ضد السلطة الفلسطينية، ردا على توقيع الرئيس الفلسطيني خمس عشرة معاهدة دولية. وفي الوقت الذي تتهدد صفقة سلام ائتلاف نتنياهو، يتهدد فشل الصفقة السلطة الفلسطينية بالانهيار.
وستجد السلطة نفسها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها، إضافة إلى الالتزامات الأخرى، إذا ما مضت إسرائيل في قرار وقف تحويل عائدات الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة، وتقدر بـمائة مليون دولار شهريا.
وحضرت إسرائيل قائمة طويلة من العقوبات الأخرى دخل بعضها حيز التنفيذ، مثل وقف الاتصالات المدنية والاقتصادية مع السلطة. ويجهز مجموعة من القانونيين في إسرائيل، بدعم من بينت نفسه، لوائح اتهام ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمحاكمته في لاهاي. وكان بينت أعلن أنه ينوي محاكمة عباس بتهمة دعم القتلة.
ونشرت الصحف الإسرائيلية إعلانات لحملة ضخمة نظمها «المركز القانوني الإسرائيلي» ضد عباس. ويظهر عباس في الإعلان وهو خلف قضبان السجن، وكتب تحت صورته «سنقوم بإرهابه في لاهاي».
لكن وزير العدل الفلسطيني علي مهنا، قلل من أهمية ذلك، قائلا إن إسرائيل لا تستطيع تمرير أي قضية أمام محكمة لاهاي بسبب أنها غير موقعة على الميثاق.
ووصف وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، قرار الانضمام إلى مؤسسات دولية، بالحق الطبيعي للشعب الفلسطيني. وقال في بيان أمس: «إن محاولات دولة الاحتلال معاقبتنا على هذا التوجه تشكل استمرارا في سياسة الصلف والتعنت القائمة على خرق القانون الدولي والشرعية الدولية، والشعور بأنها دولة فوق القانون، تمارس القرصنة والعربدة السياسية، في ظل سياسة عدم المساءلة من قبل المجتمع الدولي، وتمتعها بالحماية والإفلات من العقاب، وإن من يجب أن تعاقب هي الدول التي تنتهك القانون الدولي، لا الدول التي تعلن التزامها به».
وطالب المالكي الدول الأعضاء في الاتفاقيات بتحمل مسؤولياتهم لإلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، والاحتكام إلى مواد الاتفاقيات الدولية، ووقف انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني، والانسحاب من أرض دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس الشرقية.