أخر الأخبار
من ينتصر على الحلبة (زمزم) vs (الإخوان)
من ينتصر على الحلبة (زمزم) vs (الإخوان)

منذ الإعلان عن مبادرة (زمزم) من قبل قيادات إخوانية كتبت متوقعاً أن يتم تقديمهم إلى محاكمة حزبية، وأن يتم فصلهم لاحقاً، وكنت أستغرب من يقول بعكس ذلك، بمن فيهم مؤسسو المبادرة وآباؤها الروحيون (الدكتور رحيل الغرايبة والدكتور نبيل الكوفحي وجميل هميسات)، فالقول أن بإمكانهم الوصول إلى تسوية تبقيهم داخل الجدران الإخوانية، واستمرارهم في ذات الوقت بقيادة (زمزم) هو قول لا يمكن قبوله وفقاً للمفهوم الحزبي، وبالتأكيد فإن جماعة الإخوان أكثر تشدداً من أن تقبل بمثل هذا (الانفلات التنظيمي).
وفي استرجاع تاريخي سريع نرى أن إشهار المبادرة الأردنية للبناء (زمزم) جاء في وقت ملتبس بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين وللإسلام السياسي ككل في المنطقة، سواء على مستوى المشروع أو على مستوى التطبيق، وفي وقت أصاب جدار الثقة بين الدولة والإخوان شرخ ضخم لا يمكن إصلاحه بسرعة، فحالة (التنمر) الإخوانية على الدولة في مرحلة (فورة) ما سمي جدلاً بـ(الربيع العربي) وتجاوزها لعدد من الخطوط الحمراء خلال تلك الفترة تظهر أن (الخزان) الفكري الإخواني لدى قياداته المستحدثة يهدف للانقضاض على التوافقات مع الدولة في أية لحظة قوة دون وجود (محرمات) في هذا الانقضاض.
وكان ظهور (زمزم) في تلك الفترة يعني لقيادات رئيسة ومؤثرة في جماعة الإخوان المسلمين، أن ما قام به (الزمزميون) يمثل انشقاقاً عنها، ومحاولة للتأثير عليها بقوى ضغط خارجية من قبل أولادها، أو في أحسن أحواله محاولة للهجوم على الكيان الإخواني ومحاولة إضعاف الجماعة عبر إنقلاب من الداخل.
فمبادرة (زمزم) ومنذ لحظتها الأولى ظهرت، للمراقبين الحياديين، محاولة من قبل مجموعة من قيادات الإخوان المسلمين، التي تم إقصاؤها عن المقاعد الأولى في جماعة الإخوان المسلمين عبر انتخابات داخلية أظهرت بوضوح حجم الهوة الفاصلة بين التكتلات داخل الجماعة، لتقديم تصورها بعيداً عن القيود الإخواني، على شكل حركة مشاغبة مزعجة، وقد تحولت هذه المبادرة من مبادرة (وطنية) كما يحب مطلقوها الإشارة إليها إلى خطة مواجهة ونيران بين أطراف متجاذبة داخل الجماعة.
الغرايبة وأخواه قرروا اتخاذ خطوات تنفيذية لإعلان مبادرة (زمزم) حين وصلوا لقناعة أن القيادات الإخوانية لا تريد قراءة المشهد بصورة صحيحة وتحاول تحويل الفشل السياسي إلى انتصارات وهمية، فبدأ التجهيز الهادئ لوثيقة زمزم، ولحظة إعلان وثيقة (زمزم) أدركت قيادات الجماعة الفخ الذي نصبه لهم (الزمزميون).
قرار الفصل بحق ثلاثة قياديين من جماعة الإخوان المسلمين بسبب تأسيسهم لمبادرة (زمزم) هو فرصة سياسية لمختلف الأطراف، فهو قد يساعد مبادرة (زمزم) على التحول إلى حالة تنظيمية واضحة، وأن يقطع المنضمون لها صلاتهم الحزبية والتنظيمية الأخرى، لتكون قادرة على السير نحو الأمام وملء فراغ ما زال شاغراً ولم يستطع أي حزب ملؤه حتى الآن في المشهد السياسي الأردني.
ولن يتم ذلك ما لم تجتهد المبادرة لتصبح موجودة على الأرض وتنال انتشاراً واضحاً وعدم الاستكانة للأعمال الفكرية عبر برامج سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، فعلى المبادرة الإجابة على السؤال المهم، ما هي، وتحدد أطرها التنظيمية وتعلن عن ذاتها مستقلة عن أي ظلال، وفي تهديد ذاتها بصورة (إيجابية) وليس التعريف عن ذاتها بصورة (سلبية)، أي عبر التعريف عن ذاتها بما عجز عنه الآخرون.
النتائج لخطوة الجماعة بفصل قياديين منها لا يمكن أن تحدث بين يوم وليلة، ولكن يمكن أن نتلمس ملامحها سريعاً، فهل سيخرج الغرايبة والكوفحي وهميسات من حالة الصدمة إلى حالة الفعل، وهل فعلاً أن الإخوان جاهزون للمعركة، وأن القيادات الثلاثة لا تأثير لهم على من هم داخل الجدران الإخوانية لحظة خروج القيادات من حماها، كل ذلك سيظهر خلال فترة قصيرة، فدعونا لا نستبق الأحداث.