أخر الأخبار
خطاب الوداع
خطاب الوداع

 

كتب يوسف الكويليت
الأسد خطب كعادته بمطولاته التي اعتادها، لكن ملامحه بدت غائرة، وليست بلاغة الصياغة والصوت الجهوري هما الحل وربما يكون خطاب الوداع ؛ لأن الرجل كابر لا بأوصافه ولا بطروحاته حيث أظهر نفسه بأنه المنتصر، وقبله من قال إنه فهم شعبه، وآخر نفى التوريث، وثالث شبههم بالجرذان وأُخرج من ماسورة صرف صحي، الأسد لم يستطع أن يكون واقعياً ليعترف بأنه سبب الأزمة وفي زواله حلها، وطبعاً هناك ما يوحي بأنه ذاهب إلى آخر نقطة حتى ولو حلت الكارثة عليه وعلى عائلته..
الحلول لم تعد تُصنع من الخارج لأن من يؤيدون الأسد هم متلازمون معه بالوجود، ولذلك لا تراجع عندهم سواء روسيا أو الصين أو إيران، بالمقابل من يدعمون المعارضة والجيش الحر ماضون إلى آخر نقطة.. وعملية مَن يحاور مَن ليست أكثر من سعي الأسد لأن يكون مصدر السلطات لتدور عمليات المصالحة والحوار والخيارات كلها من سلطته دون غيرها وهذا تجديف سياسي في سراب..
الثوار مجرمون، قطّاع طرق، مستورَدون من الخارج، لكن من وصلوا إلى عمق حلب ودمشق وحماة وغيرها لم يكونوا نبتاً شاذاً، لقد خرجوا على ظلم الأسرة والطائفة، وقبلوا التضحيات وهي ثورة بمقاسات الثورات التاريخية، فقد بدأت سلمية لكن الأسد قابلها بدباباته وهنا أخذت المسارات اتجاهاً آخر حيث إن تضامن الشعب مع نواة الجيش الحر والمعارضة هو الإضافة لأن تتوحد الفصائل بمختلف اتجاهاتها ومذاهبها لإسقاط النظام وهو خيار يريد الأسد التهوين منه ونفيه، بينما يناقض نفسه بطلب إلقاء السلاح ووقف الدعم للمقاتلين، أو الإرهابيين، على حد وصفه، في وقت لم يبق معه من جيشه الذي يريد رفع معنوياته إلا أقليته الطائفية وبعض المحاسيب من مرتزقته..
كل الطغاة يوهمون أنفسهم بالانتصار والأسد الابن الذي قُتل داخل مراكز حمايته أهم أركان سلطته السرية، ثم الوصول إلى مواقع حساسة في حرمه لابد أن من قام بذلك قوة تملك كيف تتحرك داخل مفاصل النظام، وتذرّعه بأنه قوي وأن الشعب السوري معه، لا يوهم إلا نفسه، ولو كان حكيماً وموضوعياً وأراد أن ينقذ نظامه، لاعترف بالواقع وتحرك على ضوئه، ولعل مؤيديه الذين أشاد بهم واتكأ على دعمهم لا يذهبون باستراتيجياتهم للرهان على شخص النظام وحده، وما يدور بالكواليس بين القوى العظمى رهان يختص بمصالحهم، والأسد جزء من لعبة تدار في ميدان سياسي كلّ يرسم حدود منفعته سواء أكانت روسيا والصين، أم أمريكا وأوروبا، وقد أُسقط غيره بفعل تلاقي الأهداف..
المعارضة وجيشها ماضون إلى النهاية والاعتراف بالائتلاف السوري من قبل دول العالم لم يأت لمجرد رؤية غير تحليلية، فالكل يرى بالبديل عن النظام هو من سيحل محله، وتقديرات تلك الدول تُبنى على قراءة ما يجري، لا استنتاجات خارج الواقع، وميدان المعارك الراهنة يتجه إلى التغيير القسري الذي لا يريد الأسد تصوره، ولذلك حشد أنصاره لسماع بلاغة خطابه، لكن الأمور لا تحل بمن يصفقون، وإنما بمن يحملون السلاح ويقفون على مشارف المدن لتحريرها من قسوة الدكتاتور ونظامه..
* نقلا عن "الرياض" السعودية

كتب يوسف الكويليت
الأسد خطب كعادته بمطولاته التي اعتادها، لكن ملامحه بدت غائرة، وليست بلاغة الصياغة والصوت الجهوري هما الحل وربما يكون خطاب الوداع ؛ لأن الرجل كابر لا بأوصافه ولا بطروحاته حيث أظهر نفسه بأنه المنتصر، وقبله من قال إنه فهم شعبه، وآخر نفى التوريث، وثالث شبههم بالجرذان وأُخرج من ماسورة صرف صحي، الأسد لم يستطع أن يكون واقعياً ليعترف بأنه سبب الأزمة وفي زواله حلها، وطبعاً هناك ما يوحي بأنه ذاهب إلى آخر نقطة حتى ولو حلت الكارثة عليه وعلى عائلته..
الحلول لم تعد تُصنع من الخارج لأن من يؤيدون الأسد هم متلازمون معه بالوجود، ولذلك لا تراجع عندهم سواء روسيا أو الصين أو إيران، بالمقابل من يدعمون المعارضة والجيش الحر ماضون إلى آخر نقطة.. وعملية مَن يحاور مَن ليست أكثر من سعي الأسد لأن يكون مصدر السلطات لتدور عمليات المصالحة والحوار والخيارات كلها من سلطته دون غيرها وهذا تجديف سياسي في سراب..
الثوار مجرمون، قطّاع طرق، مستورَدون من الخارج، لكن من وصلوا إلى عمق حلب ودمشق وحماة وغيرها لم يكونوا نبتاً شاذاً، لقد خرجوا على ظلم الأسرة والطائفة، وقبلوا التضحيات وهي ثورة بمقاسات الثورات التاريخية، فقد بدأت سلمية لكن الأسد قابلها بدباباته وهنا أخذت المسارات اتجاهاً آخر حيث إن تضامن الشعب مع نواة الجيش الحر والمعارضة هو الإضافة لأن تتوحد الفصائل بمختلف اتجاهاتها ومذاهبها لإسقاط النظام وهو خيار يريد الأسد التهوين منه ونفيه، بينما يناقض نفسه بطلب إلقاء السلاح ووقف الدعم للمقاتلين، أو الإرهابيين، على حد وصفه، في وقت لم يبق معه من جيشه الذي يريد رفع معنوياته إلا أقليته الطائفية وبعض المحاسيب من مرتزقته..
كل الطغاة يوهمون أنفسهم بالانتصار والأسد الابن الذي قُتل داخل مراكز حمايته أهم أركان سلطته السرية، ثم الوصول إلى مواقع حساسة في حرمه لابد أن من قام بذلك قوة تملك كيف تتحرك داخل مفاصل النظام، وتذرّعه بأنه قوي وأن الشعب السوري معه، لا يوهم إلا نفسه، ولو كان حكيماً وموضوعياً وأراد أن ينقذ نظامه، لاعترف بالواقع وتحرك على ضوئه، ولعل مؤيديه الذين أشاد بهم واتكأ على دعمهم لا يذهبون باستراتيجياتهم للرهان على شخص النظام وحده، وما يدور بالكواليس بين القوى العظمى رهان يختص بمصالحهم، والأسد جزء من لعبة تدار في ميدان سياسي كلّ يرسم حدود منفعته سواء أكانت روسيا والصين، أم أمريكا وأوروبا، وقد أُسقط غيره بفعل تلاقي الأهداف..
المعارضة وجيشها ماضون إلى النهاية والاعتراف بالائتلاف السوري من قبل دول العالم لم يأت لمجرد رؤية غير تحليلية، فالكل يرى بالبديل عن النظام هو من سيحل محله، وتقديرات تلك الدول تُبنى على قراءة ما يجري، لا استنتاجات خارج الواقع، وميدان المعارك الراهنة يتجه إلى التغيير القسري الذي لا يريد الأسد تصوره، ولذلك حشد أنصاره لسماع بلاغة خطابه، لكن الأمور لا تحل بمن يصفقون، وإنما بمن يحملون السلاح ويقفون على مشارف المدن لتحريرها من قسوة الدكتاتور ونظامه..
* نقلا عن "الرياض" السعودية