الكاشف نيوز - وكالات
قد تكون من عشاق أفلام الجريمة والغموض، ولكن عندما تكون الجريمة واقعية والأشخاص حقيقيين فقد لا تتحمل عواقب ما تشاهده، وستحتاج إلى الكثير من الشجاعة لمشاهدة آخر إصدارات شبكة نتفليكس، وهو فيلم وثائقي جديد بعنوان "جريمة قتل أميركية: عائلة الجيران" (American Murder: The Family Next Door)
يبحث الفيلم في حادثة اختفاء الأميركية شانان واتس (38 عاما) وطفلتيها: بيلا (4 سنوات)، وسيليست (3 سنوات)، والأحداث الصادمة التي وقعت بعدها. ويعرض مقاطع فيديو حقيقة وغير معدلة، لتسرد قصة واحدة من أبشع جرائم العنف الأسري في المجتمع الأميركي.
"مرحبا يا رفاق، اسمي شانان واتس وأعيش في ولاية كولورادو"، هكذا بدأت شانان أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها على حسابها في فيسبوك في بداية طريقها، لتصبح واحدة من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن بعدها امتلأت صفحة شانان بالعديد من الصور والفيديوهات لها رفقة زوجها كريستوفر واتس وابنتيهما، حيث تظهر سعادتها البالغة بأسرتها الصغيرة وحبها لزوجها الذي اعتبرته المنقذ لها بعدما مرت بالعديد من الصعوبات قبل أن تقابله، ثم جاء هو لتبدأ معه حياتها المليئة بالنعم، كما وصفت.
في وسط ضحكات شانان وابنتيها وتغطيتها لحياتها -التي بدت سعيدة على أكمل وجه- بشكل يومي، لم يكن لأحد على الإطلاق أن يتخيل أن وراء هذه الصورة المثالية العديد من المشكلات، وأن هذه الأسرة السعيدة تنتظرها نهاية مؤلمة غير متوقعة.
في 14 أغسطس/آب 2018، تواصلت إحدى صديقات شانان مع الشرطة للإبلاغ بأنها متغيبة ولا ترد على اتصالاتها على غير عادتها، لتبدأ الشرطة رحلة البحث عنها ويبدأ زوجها كريستوفر البحث معهم وإعرابه عن قلقه الشديد من أن تكون أسرته أصابها مكروه أو في مكان غير آمن.
وخلال بحث الشرطة عن القاتل، لم يكن في الحسبان أن يكون هذا الزوج المحب لأسرته والذي تمتلئ صفحات شانان بفيديوهات تعبر عن حبها له وتعلق بناتها الشديد به، هو من وراء كل ما يحدث وهو الوحيد الذي يعرف مصيرهم.
أخيرا وبعد أيام من التحقيق، أقرّ كريستوفر في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بقتل زوجته الحامل وابنتيهما، وكيف تخلص من الجثث في حقل نفط صناعي بالقرب من منزلهما.
قد لا تصدق ما حدث، فلا عقل يمكنه أن يجمع بين الصورة المثالية التي تنشرها شانان عن زوجها، وهذه النهاية المأساوية التي لم تخطر على بال أحد، ولا حتى القاتل نفسه.
يتميز الفيلم بعرضه القصة بغير الشكل المعتاد لأفلام الجريمة الوثائقية، فبدلا من سرد القصة عن طريق عرض التواريخ مع وجود راوٍ، ويتخلل ذلك بعض المقابلات العاطفية؛ اختارت المخرجة البريطانية جيني بوببلويل أن يكون الفيلم بالكامل من اللقطات الأرشيفية التي كانت تنشرها شانان باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحقيقات الشرطة، ورسائل شانان لزوجها وصديقتها.
ومن أكبر نقاط القوة في الفيلم، هو إظهار الجانب الإنساني المتخبط لشانان، إذ تظهر في مقطع فيديو وهي تحتفل مع أولادها برأس السنة ووالدهم يرتدي ملابس بابا نويل ليفاجئهم والسعادة تغمر البيت، ولكن ما لم يعرض في الفيديو أن شانان في هذا الوقت كانت تراسل صديقاتها بشأن مشاكلها الزوجية المؤلمة والمتفاقمة، ليظهر الواقعان المتناقضان بشكل متتالٍ يصعب تصديقه، ولكنها الحقيقة.
ومن بين الصورة المثالية لعلاقة الزوجين على موقع فيسبوك، وما يحدث خلال تحقيقات البحث عن شانان، انتهت التحقيقات باعتراف زوجها بقتلها، بعدما بيّن جهاز كشف الكذب أنه لا يقول الحقيقة، قبل أن يعترف لاحقا بقتل ابنتيه خنقا، ليكون الوثائقي بذلك خير مثال للمسافة الواسعة التي يصعب إدراكها بين ما يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي وما تخفيه الحقيقة.
ويعتبر الفيلم حميما بشكل مخيف، إذ إنه يسلط الضوء على مجموعة من أهم القضايا الاجتماعية في ما يخص الزواج وخداع وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى فحص ثاقب للعنف الأسري الذي تتعرض له الكثيرات حول العالم.
"هذه ربما تكون أكثر جريمة غير آدمية ووحشية عملت عليها من بين آلاف القضايا التي رأيتها، وأي شيء أقل من أقصى عقوبة سيقلل من خطورة هذه الجريمة، خذوا المتهم إلى الحجز ليقضي بقية حياته في السجن"، هكذا انتهت قصة الزوجين السعيدين بالحكم على الزوج الأب القاتل كريستوفر بقضاء ما تبقى من عمره في السجن.