أخر الأخبار
حب - الأردن.. أكثر من «هاش تاغ»
حب - الأردن.. أكثر من «هاش تاغ»

المبادرة التي أطلقتها جلالة الملكة رانيا العبد الله على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان (حب الأردن)، والمتمثلة بإمكانية إرسال الصور لأردنيين وهم يقومون بعملهم احتفالاً بعيد العمال في الأول من أيار، هي مبادرة نتاجها ونحتاج لمثيلاتها في مثل هذا الوقت من عمر الأردن، وفي مثل هذا الظرف الإقليمي المليء بالعنف والقتل.
ما فعلته جلالة الملكة بهذه المبادرة البسيطة بطرحها والعميقة بدلالاتها ومآلتها أنها فتحت باباً للجميع كي يعبر عن حبه لوطنه، ورابطة ذلك بالعمل، فالعمل المنتج كل من أشكال حب الوطن، وكذلك فهو فرصة لنا جميعاً كي نقدر الآخرين لما يقومون به من عمل، بعضها لا يحظى بفرصة حقيقية للظهور على المستوى العام، وبذلك يتحول المواطن الأردني الذي يؤدي عمله إلى بطل واقعي يغادر لوهلة مساحته الخاصة إلى الفضاء العام، ليصير كثيرون منا أبطال حكاياتهم وعملهم.
ولا تقف أهمية المبادرة عند هذا الحد بل تبدو لي أنها تأخذنا إلى مسافات أبعد، فما يمر به الأردن من ظروف محلية وإقليمية ساعد على تراكم حالة من الجفوة بين المواطن والوطن، فكثر التذمر وعدم الارتياح، واستمرار الاعتراض، والنقد بصورة أثقلت القلب.
وتعاظم حالة الشكوى وتزايد الاتهامية للدولة، أسرنا بخطاب محبط وسلبي، ساعد على انتشار شكل من أشكال خطاب الكراهية للوطن، فلم نعد قادرين على قراءة المفردات الإيجابية في الدولة، وغير قادرين على تلمس أماكن النجاح، وغير قادرين على تحويل سلوكنا كمواطنين نحو الأفضل، وهو ما أحدث ضرراً في ذهنية المواطن وصورة الدولة، وصرنا في الحقيقة جميعنا مسؤولين عما آلت إليه العلاقة بين المواطن والدولة.
فحالة الغضب الدائم من الدولة، وحالة المطلبية العالية الموجهة ضد الدولة، والتي يدعمها طيف كبير من الإعلام كسباً للشعبية على حساب الدولة وعلاقة المواطن بها، أفقد الدولة أدواتها القادرة على أن تسوق مشروعها ودورها وما تقوم به بصور إيجابية.
ولما بدأ الاعلام عاجز في كل منعطف عن إنتاج خطاب إعلامي يتسم بالمحبة، ظهرت هذه المبادرة لتحاول سد تلك الفجوة الكبيرة.
فانتشار حالة القنوط واليأس المبثوثة في وسائل الإعلام المختلفة سببها خطاب الكراهية المنتشر في الإعلام نفسه، وهو ما ينتج مواطناً غير فاعل وغير منتمٍ للأردن، وأرى أن مبادرة (حب الأردن) تأتي في إطار المشروع الكبير المتمثل باستعادة الأردني لحساسيته الوطنية وحبه للمكان الذي يحضنه، قد تكون خطوة صغيرة ولكنها هي الخطوة التي تضعنا على أول الطريق الصحيح.
ما ينقصنا في الإعلام الأردني هو خطاب المحبة، ولا يعني ذلك الابتعاد عن النقد، ولكن كلنا يعرف أن النقد الصادر عن المحب له صيغته وأسلوبه وغايته، والنقد الصادر عن غير المحب له صيغته وأسلوبه وغايته أيضاً، وشتان بين الإثنين، وبث الكراهية كوضع السم في الدسم، والزجاج المكسور في الطعام، فهو يقتل ببطء وبألم، ولا تستطيع العودة عنه من دون ألم وخسائر.
تعالوا نحب الأردن، ونتناقل حبنا فيما بيننا، ونبدأ صباحنا بالقول صباح الأردن، وفي المساء حين نتلاقى نمسي على بعضنا بـ(مساء الأردن)، فالأردن جميل بكل ما فيه، من منا لا يرى أمه سيدة الجمال والمحبة، ومن منا لا يحن إلى طعام أمه، الأردن أمنا، أجمل الأمهات وأبهاههن.
جلالة الملكة رانيا العبد الله التي تبدع في تعبيرها عن حب الأردن، صباح الأردن.