في الوقت الذي تقدم ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن الجزرة الى ايران في موضوع الاتفاق النووي بدل عصا ترامب الذي انسحب منه ابان ولايته تظهر على السطح لعبة عض الاصابع ومن يتحمل اكثر.
بعد اتفاق تاريخي عرف ب 5+1 اي بمشاركة اوروبية والولايات المتحدة تمكن الرئيس الامريكي الاسبق اوباما من ابرام اتفاق يمنع ايران من امتلاك سلاح نووي على المدى المنظور مقابل رفع العقوبات الاقتصادية، سارع خلفه ترامب للانسحاب منه دون مشاورة شركائه الاوروبيين الذين حاولوا ثنيه عن القرار محاولين التمسك به، الا ان الضغوط والتهديدات الامريكية انذاك حالت دون ذلك.
وها هو بايدن يعيد اتفاق رئيسه اوباما الى السطح والمواجهة معينا مبعوثا لذلك، وبنفس الوقت يسعى الى تحسين الشروط وتضمين الاتفاق موضوع الصواريخ البازلتية.
ومن خلال المشهد يبدو ان الوضع الايراني وشروطها التفاوضية في وضع افضل من السابق، مصرة على عدم العودة الى الوراء او الدخول بمفاوضات او شروط جديدة، مؤكدة على الاتفاق السابق، داعية بنفس الوقت الولايات المتحدة الى العودة الى الاتفاق الذي انسحبت منه ابان ترامب حسب تصربحات مسؤوليها.
اتفاق تعارضه إسرائيل بقوة بعد ان توحدت اقطاب معارضتها اتجاهه لمنع العودة الى الاتفاق وبنفس الوقت تهدد ايران بضرب مفاعلها في حال واصلت تخصيب اليورانيوم، بعد ان اغتالت المهندس الرئيسي للمفاعل النووي.
وضع صعب وغاية بالتعقيد لكيفية الانخراط بمفاوضات جديدة او اضافة بنود جديدة او تقديم تنازلات من طرف ما، يحفظ امن منطقة الخليج ويراعي مصالحه التي تعهد بها بايدن من جهة، وبنفس الوقت يرضي الإسرائيليين ويريح الاوروبيين الذين يضغطون بقوة لانهاء الملف.
ولا تتوقف اهمية الاتفاق عند هذا الحد من المعنيين، لان هناك عاملا اخر يتعلق بانهاء الحرب اليمنية التي تعتبر ايران لاعبا اساسيا فيه من خلال علاقتها مع الحوثيين ودعمها لهم حيث تدرك الولايات المتحدة بانه لن يكون هناك حل دون تدخل ايراني، بعد ان اعلنت الاولى عن نيتها لشطب الحوثيين من قائمة الارهاب وقد بدأت فعلا باجراءات التنفيذ مخطرة الكونجرس بذلك.
ان التحركات الامريكية في هذا الشأن جاءت اسرع من التوقعات التي كانت تشير الى ان الادارة الامريكية ستنشغل بعض الوقت بملفاتها الداخلية ومشاكلها التي خلفها الرئيس السابق واثار كورونا على حساب الشرق الاوسط والانخراط بقضاياه.
الا انه ومن خلال الاحداث والمجريات التي تشي بان الادارة الحديدة اشتبكت مع جميع الملفات الخارجية بما فيها ملفات الشرق الاوسط خاصة الملف الايراني والقضية الفلسطينية بعد تأكيدها على موقفها السابق ومبدا حل الدولتين دون ان تتطرق الى صفقة القرن التي يبدو انها ذهبت مع عرابها ومطلقها.
مما يشير بان الملف الايراني لن يطول كثيرا وكذلك موضوع اليمن الذي تصر الادارة الجديدة على ايجاد حل سريع له.
اشتباكات كثيرة وسريعة تسعى خلالها الادارة الجديدة لاعادة الولايات المتحدة الى وضعها الطبيعي باعتبارها لاعبا رئيسيا في جميع ملفات وقضايا المنطقة وانسجاما مع مصالحها وتعزيز نفوذها بعد ان تخلت عنها الادارة السابقة لصالح المال.