أخر الأخبار
تحديات الإصلاح السياسي في الأردن
تحديات الإصلاح السياسي في الأردن

يشكل الإصلاح السياسي في الأردن تحدياً وخصماً للعديد من القوى التي لا ترغب بتطوير وتفعيل الديمقراطية على حساب السلطوية، ولا ترغب أيضاً بتكريس مبدأ سيادة القانون على حساب الفساد والفوضى، ولا ترغب بتفعيل العدالة على حساب المحاصصة والواسطة، نعم يشكل الاصلاح السياسي خصماً عنيداً للكثير من القوى الرجعية ولهذا ستجد مهمة الإصلاح السياسي مقاومة لا بأس بها لأن أعداء وخصوم الاصلاح السياسي في الأردن كُثر ومتواجدون في كل مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية منها، وإذا ما أردنا الشروع في استكمال مشروع الإصلاح السياسي فهذا يتطلب جديةً أكبر وتحضيرات تتناسب وحجم المرحلة والتحديات التي تواجهها. 

قدم كل من البرلمان والحكومة ومجلس الأعيان خلال الأسبوع الماضي مبادرات تتعلق بحوار وطني حول الإصلاح السياسي وعلى الأرجح جاءت هذه المبادرات عطفاً على تأكيد جلالة الملك أهمية الشروع بعملية إصلاح سياسي شامله تضم في جنباتها تطويراً لقانون الانتخابات النيابية وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية. 

الحقيقة؛ أن تأتي هذه المبادرات بعد إعادة التأكيد الملكي على أهمية الشروع بعملية إصلاح سياسي تمس أهم القوانين الناظمة للعملية السياسية قد يعني أن جزء من قوى الشد العكسي موجود داخل هذه السلطات الثلاث وهو سبب تأخرها في طرح مبادراتها وهنا تكمن خطورة أن هذه المبادرات الإصلاحية من الثلاث جهات قد تكون لكسب الوقت ولذلك ندخل في دوامة من سينفذ مهمة الاصلاح وهل سيكون قادراً على أداء مهمته.

يجب أن تكون مهمة الاصلاح السياسي عمل جماعي بين جميع السلطات وأصحاب المصلحة حتى نصل إلى خارطة اصلاح سياسي متكاملة تحوي أهدافاً قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل، ويجب على جميع القوى الفاعلة التي تؤدي هذه المهمة أن تدرك أن هنالك تحديات في غاية الاهمية لعل أهمها البنية المجتمعية في الأردن التي أصبحت فاقدة للثقة بأي مبادرة أو أية وعود اصلاحية كما يجب إدراك أزمة الهوية الوطنية والهويات الفرعية التي تتزامن مع أي حديث عن الاصلاح السياسي وما لا يمكن تجاهله عند الحديث عن الإصلاح السياسي علاقة المواطن بمؤسسات الدولة بشكل عام حيث تغيرت هذه العلاقة في السنوات الأخيرة لدرجة أن بعض المواطنين أصبح يتعامل بعدائية كبيرة مع مؤسسات الدولة، كما يجب تدارك أهمية صعوبة الوضع الاقتصادي لدى المواطنين وكيف سيؤثر هذا الوضع على مزاج المواطنين وعلى قدرتهم ورغبتهم في التفاعل مع أي مبادرة إصلاحية، ويجب أن لا ننسى أيضاً أهمية من يديرون ويملكون الاقتصاد وعدم تجاهل هذا القطاع عند الحديث عن الإصلاح السياسي لأنهم أي أصحاب الأعمال والمستثمرين متأثرين بهذا الاصلاح إن حدث ومؤثرين وفاعلين في الحياة العامة حتى وان لم يتصدروا الاحزاب السياسية.

أخيراً؛ على جميع القوى الفاعلة سواء كانت حكومية أو برلمانية أو مؤسسات مجتمع مدني وغيرهم أن يؤمنوا بأن عملية الإصلاح السياسي لم تعد خياراً رفاهياً ولم يعد خطوة يمكن تأجيلها لأن بديل الإصلاح السياسي الحقيقي والفاعل يعني مزيداً من غياب العدالة والفوضى مما سيؤثر على التماسك المجتمعي وسيولد مزيداً من الهويات الفرعية ويخلق حراكاً فوضويًا لا يمكن ضبط إيقاعه السياسي والأمني ولا يمكن التحكم بسقوفه أو التنبؤ بنتائجه.