أخر الأخبار
الأردن قبل المؤامرة وبعدها
الأردن قبل المؤامرة وبعدها

درس جديد من المؤامرة نتعلمه كأردنيين في هذه الحياة خلال مسيرة البقاء لنا ولبلدنا منذ قيامه قبل مئة عام والى اليوم وما تخلل عمر الدولة من احداث ومؤامرات شبيهة تعامل معها ملوك الاردن بتسامح وحزم وانتهت كما بدأت دون ان تترك في الدولة الاردنية ثغرة دائمة قد تستغل او عيباً لا يمكن اصلاحه، فما زال الاردن باقيا شوكة في حلق الحاسدين المتآمرين، وما زال النظام الهاشمي راسخاً وشعبياً ومحل اجماع الاردنيين رغم حملات التشكيك والتزييف، ولا زالت اية محاولة لزعزعة الثقة بهذا النظام محكومة بالفشل بفضل العيون الامنية الساهرة التي برهنت طوال العقود الماضية والان على انها الأقدر والاكثر حرفية وكفاءة في المنطقة.

هذا هو الدرس المهم بالنسبة لمن خانته الحكمة واعتقد أنه قادر على تغيير النظام معتمداً على سوء الظروف الاقتصادية وصعوبات الحياة التي يواجهها الاردنيون، وهو أيضاً درس مهم لمن بقي على قناعته بان النظام الهاشمي في بلدنا ثابت في عقل ووجدان الانسان الاردني مهما ضاقت به الحال؛ فهو يعي حقيقة ان هناك دولا وعملاء يسعون لاستغلال فقره من اجل تحقيق اهداف سياسية تخدم المشاريع التآمرية على الاردن وعلى القضية الفلسطينية.

صحيح انه درس مؤلم وغير مسبوق في بعض جوانبه؛ فالمؤامرة المفاجأة جاءت من الخاصرة، من شخصيات تربوا في كنف النظام واخذوا من الدولة الاردنية أضعاف ما يستحقون، وبعضهم فسد وأفسد ولم يحاسبوا على قراراتهم المدمرة واخطائهم التي ارتكبت بحق الاردن والاردنيين، بل وجدوا اليد المتسامحة تمتد لتنتشلهم من الوحل وتعفيهم من السؤال والمحاسبة، واليوم يتمادى هؤلاء ويعضون اليد التي اطعمتهم وقدمت لهم الرعاية والحماية،ولحساب من؟.

وصحيح ايضاً ان المؤامرة أحبطت كغيرها من المؤامرات التي مرت على هذا البلد الصامد من كافة الاتجاهات، ونجونا في الاردن من سقطة الى الهاوية العميقة لو نجح هؤلاء في تسليم البلد لأتباع ترامب وأزلام اسرائيل الجدد، لكن دعونا لا نستعجل الاحتفال بالانتصار، فالاهم ان نستفيد من الدرس العميق الذي شهدناه، والعبرة التي انتجتها محنة الايام الثلاثة؛ فالاردن بعد المؤامرة ليس الاردن ما قبلها، ولا يجب ان يكون هو نفسه الذي عرف بالتسامح الزائد عن الحد، فالأمور بعد اليوم يجب ان تتغير بعدما بتنا على قناعة اكيدة بأن هذه الارض لا يحرثها الا عجولها، وليس للحكم من حليف وفيّ صادق ومخلص في كل الظروف والاحوال الا الاردنيين الصامدين الصابرين على فقرهم وبؤس حالهم، الشهود على فساد النخبة والضحايا الكاظمين الغيظ بانتظار الفرج، هؤلاء هم الذين هزتهم المؤامرة خوفاً على بلدهم ومليكهم ونظامهم الهاشمي الذي عاهدوه على الوفاء وبايعوه دون ان يقسموا اليمين لنيل المناصب، فصدقوا الوعد واوفوا بالعهد، ولا زالوا على دينهم وقناعتهم وايمانهم الكامل بأن الهاشميين والاردن هم الوطن الواحد الذي لا يمكن قسمته. 

وصحيح ايضاً أن ما ينتظرنا قد يكون اشد وانكى؛ فالاعداء اليوم أطلوا برؤوسهم ولم يعودوا مجرد ممولين وداعمين، انهم متورطون في صفقة قذرة لحساب نتنياهو وحكومة الارهابيين في اسرائيل، والقدس دائماً هي العنوان، هذا قدرنا، وقد تحملنا من اجل فلسطين والقدس الكثير، وقد نواجه في قادم الايام مؤامرة أكبر حجماً ومتآمرين اكثر ذكاءً لتغيير مواقفنا واجبارنا على التراجع، وقد تستقطب المؤامرة اتباعاً جددا يضعون انفسهم وقدرات بلادهم في خدمة مشاريع الليكود الاسرائيلي وخطة ترامب التي احبطها الاردن بدعم المخلصين من قيادات الأمة، لن تنجح المؤامرة حتى لو كان المقابل اكذوبة الخروج من الازمة الاقتصادية ومليارات الدولارات، وسوف نتمسك بما نحن عليه من العزم والاصرار على وأد كل المخططات الشيطانية مهما بلغ حجمها، وسننفض غبار الزوبعة ونمضي ببلدنا الى برامجنا الوطنية الكبرى بالاصلاح ومحاربة الفساد محاربة حقيقية لا شكلية، ملتزمين بمواقفنا القومية التي لا نتزحزح عنها، ونحن بعد اليوم – كمواطنين - نحتاج الى تجديد دماء الوفاء فينا، لبلدنا أولاً قبل ان نطالب بها أصحاب القرار، ويجب علينا أن نجدد الثقة بالقيادة التي ما خيبت ظننا ابداً والا نترك ثغرة من الشك يتسلل منها المتربصون لاستغلال فقرنا، ولأننا نعلم علم اليقين بأن الاردن له من الاصدقاء والمحبين عشرات اضعاف الاعداء المختبئين في جحورهم، فأن ثقتنا بالنصر في جميع معاركنا اكيدة وثابتة، واذا كانت هناك من دلالة ساطعة على مكانة الاردن في العالم وما يحظى به جلالة الملك من تقدير واحترام قيادات الدول الشقيقة والصديقة فهذا الكم الهائل من التضامن معنا في المحنة وتأكيد حرص الدول الفاعلة على أمن واستقرار الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.