أخر الأخبار
الملك يحذر من تداعيات الوضع السوري على دول الجوار والمنطقة
الملك يحذر من تداعيات الوضع السوري على دول الجوار والمنطقة

لوس انجلوس - الكاشف نيوز : واصل جلالة الملك عبدالله الثاني لقاءاته في الولايات المتحدة الأميركية، حيث التقى يوم أمس الأربعاء في مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا، أبرز ممثلي منظمات المجتمع المدني في الساحل الأميركي الغربي.

وأكد جلالته، خلال اللقاء الذي تناول أخر المستجدات الإقليمية والعالمية، حرص الأردن على العمل والتنسيق والتعاون المستمر مع جميع الأطراف والقوى الدولية الفاعلة للتعامل مع قضايا الشرق الأوسط، وبما يرسخ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
واستعرض جلالته الموقف الأردني من الأزمة السورية، محذرا في هذا الصدد من مخاطر استمرار انسداد أفق الحل السياسي لها على الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.
وحذر جلالته من تداعيات الوضع السوري على دول الجوار والمنطقة ككل جراء تصاعد حدة العنف والاقتتال وتفاقم معاناة الشعب السوري ودفعهم للجوء عن بلادهم، ما شكل تحدياً كبيراً لدول الجوار، خصوصاً الأردن الذي يستضيف نحو 3ر1 مليون منهم على أراضيه.
وأشار جلالة الملك إلى حجم الأعباء الاقتصادية التي يعاني منها الأردن جراء استضافة اللاجئين والتي انعكست على التوازنات الاجتماعية من جهة، وزادت الضغط على البنية التحتية والخدمات من جهة أخرى، خصوصا في مدن محافظات شمال المملكة.
ولفت جلالته إلى الحجم الكبير والمتزايد للضغوط التي يواجهها الأردن، نتيجة لما تتعرض له موارده وإمكاناته المحدودة أصلا في التعامل مع أزمة اللجوء السوري، ما يتطلب دعماً أكبر من قبل المجتمع الدولي ومختلف الجهات الإقليمية والدولية المانحة، ليتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية للاجئين السوريين.
وفي هذا الصدد، أكد جلالة الملك أن خدمات الصحة والتعليم تتعرض لضغوطات كبيرة، تتعامل معها المملكة بكل كفاءة لضمان استمرار تقديم الخدمات للمجتمعات المحلية، إضافة إلى اللاجئين، حيث عملت وزارة التربية والتعليم على رفع نسبة المدارس التي تعمل بالفترتين إلى 41 بالمئة لاستيعاب الطلبة السورين في المدارس الأردنية.
ولفت جلالته إلى أن عدد الطلاب السوريين الذين استوعبتهم المدارس الحكومية الأردنية بلغ 120 ألف طالب "ولازال الآلاف منهم على قائمة الانتظار".
وقال جلالة الملك "الأردن يتعامل مع الأزمة السورية حسب الاستطاعة، وبكل كفاءة رغم صعوبة الظروف"، مؤكدا ضرورة أن يقدم المجتمع الدولي المساعدات للمملكة للتعامل مع تداعيات أزمة اللجوء السوري.

وفيما يتعلق بجهود تحقيق السلام وإيجاد حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أكد جلالة الملك مجددا على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة دعم ومساندة كل الجهود لحلها بشكل عادل ودائم، يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة ويلبي تطلعاته في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وفق حل الدولتين.
وأشار جلالته في هذا الإطار إلى ضرورة دعم المجتمع الدولي لمسار عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أميركية، استنادا إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، لتعالج جميع قضايا الوضع النهائي، بما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
وعلى صعيد عملية الإصلاح الشامل التي تنتهجها المملكة، استعرض جلالته خلال اللقاء الخطوات التي قطعها الأردن في هذا المجال، والتي بدأت بالتعديلات الدستورية، ورسخت مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات واستحداث مجموعة من المؤسسات الدستورية والرقابية ومنظومة نزاهة وطنية متكاملة، بما يلبي طموح الأردنيين والأردنيات وتطلعاتهم في مستقبل أفضل.
وأكد جلالة الملك أن الخارطة الإصلاحية في الأردن، تسير بثبات وتدرج، وتهدف إلى تعزيز مسيرة التنمية والتحديث والتطوير، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار، وصون حقوق المواطنين وحرياتهم.
وشدد جلالته على أن التحديات الإقليمية التي شهدتها المنطقة في مرحلة الربيع العربي، شكلت فرصة كبيرة للأردن للمضي في مسيرته الإصلاحية بجميع جوانبها، لافتا إلى أن المملكة تمتاز بنعمة الأمن والاستقرار التي عززها وعي الشعب الاردني وحسهم بالمواطنة الإيجابية الفاعلة.
وقال جلالة الملك إن الأردن يلعب دورا مهما في صنع السلام في المنطقة والعالم، ويقود جهود تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، "الذي نحتاجه في هذا الوقت الذي يزداد فيه التوتر والعنف"، منوها جلالته إلى القيم الايجابية التي يتمتع بها الأردنيون والأردنيات، والتي هي جزء أصيل من الثقافة الوطنية الأردنية الجامعة.
واستعرض اللقاء مجمل التحديات التي تواجه المملكة خصوصا الاقتصادية منها، والمرتبطة لحد كبير بقطاعات الطاقة والمياه والنقل.
بدورهم، أعرب ممثلو منظمات المجتمع المدني في الساحل الأميركي الغربي عن تقديرهم لدور وجهود جلالة الملك المستمرة لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتعامل الأردن العقلاني والحكيم مع مختلف التحديات في المنطقة، ورؤية جلالته الإصلاحية نحو أردن حديث ومتطور وأكثر ديمقراطية.
وأشادوا بقدرة ومرونة الأردن، بقيادة جلالة الملك، على التعامل مع التحديات بما يحمي مصالح الشعب الأردني، ويحقق مستقبلا أفضل له.
كما أعربوا عن فخرهم الكبير والعميق لاستقبال جلالة الملك "لدوره المهم في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتحقيق الأمن فيها".

وقدم ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن اندرو هاربر عرضا حول أوضاع اللاجئين السوريين في المملكة والخدمات التي تقدمها لهم الحكومة الأردنية في مختلف المجالات.
وأكد أن الأردن يمثل واحة أمن واستقرار في منطقة تشهد تزايدا في الاضطرابات، منوها إلى التسهيلات التي تقدمها المملكة لاستضافة اللاجئين السوريين على أراضيها.
وقال إن ما يعاني منه السوريون ولجوئهم إلى دول الجوار، خصوصا الأردن، يعد مشكلة عالمية يجب على الجميع التعامل معها، لا أن نلقي بالأعباء على دول الجوار وحدها.
ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات عاجلة للأردن لمواجهة الاحتياجات الإنسانية والأساسية للاجئين السوريين في المملكة، خصوصا في مجال الصحة والتربية والتعليم.
وتم خلال اللقاء عرض فيلم أمام ممثلي منظمات المجتمع المدني في الساحل الأميركي الغربي، يصف معاناة اللاجئين السوريين في الانتقال من مناطق النزاع السورية إلى المملكة، والجهود الإنسانية التي تبذلها الأجهزة، خصوصا القوات المسلحة الأردنية، في التعامل مع جموع اللاجئين، والخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية التي تقدم لهم في المخيمات.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا) قال منظم اللقاء, أحد أعضاء منظمات المجتمع المدني الأمريكي مارك بورنتي، إن الأردن بفضل جهود جلالة الملك، والشعب الأردني الكريم، يعد واحة تمنح الأمل للمنطقة بأسرها، وأزمة اللاجئين السوريين أزمة حقيقية بحاجة إلى أن يتحمل العالم كله مسؤولياته تجاهها.
وأضاف أن المستقبل بالنسبة للسوريين مظلم فالأطفال بدون تعليم، وستؤدي الأزمة السورية إلى تحطيم الثقة، وستدفع حالة العداء إلى زعزعة أمن المنطقة ككل، معربا عن أمله أن يوصل الإعلام رسالة إلى المجتمع الأميركي حول حجم المساعدات التي يحتاجونها من العالم، ومقدار ما يتحمله الشعب الأردني من أعباء نتيجة استضافة اللاجئين السوريين.
وقال ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن اندرو هاربر لـ (بترا) في مقابلة مماثلة، إن لقاء جلالة الملك مع ممثلي منظمات المجتمع المدني في أميركا شكل فرصة لإيصال رسالة لقيادات المنظمات الأميركية حول الدور الذي يقوم به الأردن، بقيادة جلالة الملك، في تقديم الحماية والرعاية لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين رغم شح الموارد والإمكانات.
وأكد أن الأردن يقدم أكثر من المتوقع للاجئين السوريين، ومواصلة هذا الدور، يحتاج إلى توعية المجتمع الدولي باحتياجات الأردن لمواجهة أزمة اللاجئين وأهمية استمرار تقديم الدعم من قبل منظماته ومؤسساته.


من جانب أخر، اجتمع جلالة الملك مع عدد من قيادات صناعة الأفلام الأميركية والعالمية، وبحث معهم سبل الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم ونقلها إلى السوق الأردنية الواعدة.
وقال جلالته إن الأردن حقق نجاحا مميزا في مجال صناعة الأفلام والإنتاج السينمائي، خصوصا في السنوات الأخيرة، لما يتمتع به من قدرات بشرية مؤهلة وخبرات في هذا المجال، وجيل من الشباب يتطلع إلى الإسهام بشكل أكبر في قطاع صناعة وإنتاج الأفلام.
ودعا جلالة الملك القيادات التي التقاها إلى الاستفادة من الإمكانيات الطبيعية التي يتميز بها الأردن، من مواقع سياحية مهمة مثل البترا وجرش، وطبيعية لا مثيل لها مثل البحر الميت ووادي رم، في صناعة وإنتاج الأفلام السينمائية.
وأكد جلالته استعداد الأردن للعمل وبالشراكة مع قيادات صناعة الأفلام العالمية، لتوفير أسباب النجاح لازدهار صناعة الأفلام والسينما في المملكة، بما يساعد على استقطاب المنتجين للاستثمار فيها، لاسيما بعد النجاح الذي شهده تصوير العديد من الأفلام العالمية هناك.
ويأتي لقاء جلالة الملك مع قيادات صناعة الأفلام العالمية، بالتوازي مع الجهود الكبيرة التي بذلتها الهيئة الملكية الأردنية للأفلام لتطوير هذه الصناعة والتي أثمرت عن إنتاج نحو 150 فيلما منذ عام 2003، ولدورها في توفير فرص عمل في السوق المحلية، وجذب استثمارات أجنبية نوعية لهذا القطاع.
بدورهم، أشاد الحضور بأجواء الأمن والاستقرار التي يتمتع بها الأردن في قلب منطقة ملتهبة, وأن للمملكة تاريخيا بصمات واضحة في معالجة المشاكل التي تواجه المنطقة بفضل حكمة وقيادة جلالة الملك، ما جعل منها منطقة جاذبة للاستثمارات، معربين عن تطلعهم لاكتشاف الفرص السينمائية في السوق الأردنية.
وأكدوا اهتمامهم في التوجه لإنتاج الأفلام السينمائية والتلفزيونية على أرض المملكة، لما تمتاز به من توفر الكوادر البشرية والفنية الشابة المؤهلة والتنوع الثقافي والطبيعي والتاريخي الذي يضيف بعدا جديدا لأعمالهم الفنية.
وفي مقابلة مع (بترا)، قال رئيس شركة وارنر برذرز العالمية الشهيرة ستيفن بابازيان "كانت لي فرصة مميزة أن أزور الأردن، وبعد ذلك قررت أن أنتج فيلما في وادي رم".
وأكد أن الأردن مكان ملائم كثيرا لصناعة الأفلام، وقال "إن المملكة من أفضل الدول في العالم في مجال التصوير السينمائي لما لديها من ألوان طبيعية خلابة وجمال المناظر وعمق التاريخ والحضارة، ونحن في وارنر برذرز نعتبر المملكة وجهة خلاقة للعاملين في صناعة الأفلام كونها توفر الكثير من المزايا".
وأشار إلى أن اللقاء مع جلالة الملك أوضح للشركات الأميركية العاملة في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني أن الأردن سيعمل على توفير كل التسهيلات للمحافظة على موقعه كوجهة مهمة لهذه الصناعة.
وفي مقابلة بعد اللقاء، قال مدير عام الهيئة الملكية الأردنية للأفلام جورج داوود إن اجتماع جلالة الملك مع قادة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني في لوس انجلوس، التي تعد مركزا لصناعة السينما العالمية، يثبت أهمية الدور الاقتصادي لهذه الصناعة في جذب الاستثمارات وخلق الوظائف.
وأضاف أن الهيئة تعكس الرؤية الملكية في صناعة الأفلام في الأردن ونقلها إلى مراحل متقدمة، لدورها في جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل، ولارتباطها بالكفاءات البشرية وللقيمة المضافة العالية فيها، ولذلك تم تدريب الآلاف من الكوادر البشرية العاملة في مجال السينما والتلفزيون بإشراف الهيئة حتى أصبحوا على درجة عالية من الاحتراف.
وبين أن الهيئة تنفذ حاليا برنامجا لتدريب المنتجين بالتعاون مع إتحاد المنتجين في أميركا بهدف تطوير صناعة الإنتاج السينمائي المحلية لطرح القضايا العربية برؤية عربية من جهة، ولأثرها الاقتصادي من جهة أخرى، منوها إلى أنه البرنامج الأول من نوعه الذي ينفذه الإتحاد خارج الولايات المتحدة.
وأشار إلى برنامج تدريبي أخر في مجال الإنتاج السينمائي، نفذته الهيئة بالتعاون مع شركة صن دانس العالمية، تمكنت من خلاله إنتاج أفلام حازت على جوائز في مهرجانات عالمية مرموقة.
وحضر اللقاءين رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، ووزير الصناعة والتجارة والتموين، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسفيرة الأردنية في واشنطن.