أخر الأخبار
هكذا مرَّ الربيع العربي بالأردن !
هكذا مرَّ الربيع العربي بالأردن !

خلافاً لما يرى ويعتقد كثيرون فإن «الربيع العربي» قد مرَّ ببلدنا ،الأردن، كما مرَّ في العديد من الدول العربية ولعل ما يتذكره البعض أن قوافل الصحافيين والمخبرين والفضوليين قد إنتقلت من تونس ومن ليبيا وأيضاً من مصر إلى عمان وإنَّ أسئلة كثيرة كنا نسمعها من هؤلاء وإنه كانت تطرح علينا مليئة بالغمز واللمز والإستفسارات الخبيثة عن أمورٍ تعتبر بالنسبة إلينا من المحرمات التي لا يجوز التفكير فيها أو الإقتراب منها.
ولعل ما يتذكره البعض أيضاً أن «المؤلفة قلوبهم» منْ بيننا قد سارعوا لإرخاء ذقونهم وإطالتها والحرص على المبالغة في تملق الإخوان المسلمين ومشاركتهم أفراحهم الصاخبة بالفوز الذي حققه «إخوانهم» المصريون وإنتخاب محمد مرسي رئيساً لجمهورية مصر العربية الذي من سوء طالعه أنه لم يصمد في هذا الموقع إلاَّ نحو عام واحد وأنه الآن يعيش خلف القضبان التي كانت تغمره السعادة وهو يرى حسني مبارك ممدَّداً على سرير الإعياء والمرض وراء هذه القضبان.
هناك من كان رفع شعار :»إننا قادمون» وهناك من تجاوز حجمه وإمكانياته وذهبت به شطحات الخيال إلى حدّ أنه بات يتصور نفسه وصدره «متروساً» بالأوسمة والنياشين وهو يترأس مجلس قيادة الثورة ويناقش مع منْ هُم على شاكلته من زملائه الإستعداد لفتح أبواب السجون والزنازين وتحضير أعواد المشانق للمتهمين برموز «الثورة المضادة»!!.
كنَّا نُواجَهُ بالأسئلة الخبيثة التي كنا نعرف أنها عبارة عن أمنيات مريضة وليست أسئلة هدفها الوصول إلى الحقائق والمستجدات التي ترتبت على «الربيع العربي» وكانت إجاباتنا أن بلدنا يختلف عن البلدان التي تحوَّل ربيعها إلى عواصف عاتية ومدمرة بأنه بدأ عملية الإصلاح مبكراً وأنه إستعاد المسيرة الديموقراطية بقناعة المؤمنين بها قبل أكثر من عقدين من الزمن وأنه بالأساس بقي يتمتع بسلم إجتماعي مميز وبعلاقات يسودها التفاهم والتكامل والوقوف على أرضية واحدة بين المعارضة والموالاة وإن عندنا طوفاناً حزبياً مدعوماً من الدولة تجاوز عدد أحزابه الثلاثين حزباً موزعة على كل الإتجاهات السياسية المعروفة وغير المعروفة.
لقد كانت هناك قناعة ،لدى الذين لم يسارعوا لركوب أمواج الربيع العربي لإقتناص فرصٍ ظنوا أنها غدت سانحة، بأنَّ هذا البلد سيستوعب كل هذه المستجدات وأنه سيأخذ من هذا الربيع العربي أجمل أزهاره والسبب أن الأردنيين لم يتعرضوا على مدى تاريخ بلدهم وتاريخ نظامهم الملكي ولو إلى بعض ما تعرض له أشقاؤهم في العديد من الدول العربية ،القريبة والبعيدة، وأن التسامح بقي سائداً حتى في مراحل الإضطرابات الإقليمية والعالمية والإنقسام إلى معسكرين متصارعين معسكر شرقي بقيادة الإتحاد السوفياتي السابق ومعسكر غربي بقيادة الولايات المتحدة.
وهكذا فإن الربيع العربي قد وجد عندما وصل إلى بلدنا أنه ليس طارئاً ولا غريباً لا على هذا البلد ولا على هذا الشعب وأنَّ الأردنيين يتمتعون ،إن ليس بكل ما جاء به فبأغلبه، وأن الملك عبد الله يعيش بين أبناء شعبه وليس في الأبراج العاجية كما يعيش الذين أوصلوا بلدانهم إلى الدمار والخراب وأن التعامل حتى مع الذين تمادوا كثيراً في معارضتهم كان على أساس أنهم أبناء وأُخوة لابد من إحتضانهم وإستيعاب حتى نزواتهم التي تعتبر في دول الحزب الواحد والقائد الأوحد جرائم يقتضي الرد عليها بالصواريخ والمدافع.