أخر الأخبار
كذب رئاسي مباشر على الهواء !!
كذب رئاسي مباشر على الهواء !!

كتب محمد رشيد : 

 

 

لا يمكن تذكير الدكتاتور ، اي دكتاتور بواقعه ، لأنه عبارة عن خلطة شيطانية ، تجتمع فيها نزعات و أمراض و مصالح ، و المهمة تصبح أكثر تعقيدا ، بل و مستحيلة مع مرور الزمن ، لان الحاكم الدكتاتور ينمي مواهب جديدة ليست لصنفنا نحن بني البشر فيصبح نصف اله هذا طبعا إن تواضع ، و تكشف عنه الحجب ، ليبلغ مرحلة التنوير الكلي ، فيصرخ في وجه من هم حوله " أني أرى ما لا ترون و اعرف ما لا تدركون " ، كل ذلك و أكثر يحدث قبل أن يقع الدكتاتور على رأسه ، و حتى عند ذاك ، يبتدع لنفسه " مهرب " الإنكار وعدم الاعتراف بالحقائق الجديدة التي تتداعى من حوله ، يُشبع " قفاه " ضربا ، لكنه لا يسلم بمرارة الهزيمة ، بل يعتبر نفسه مظلوما تعرض للخيانة !! 
 التاريخ يثبت بان عباس كان المحرض الأكبر لـ " خلع " الزعيم عن الحكم أولا ، ثم عن الدنيا لاحقا ، لكني اقترح مخلصا ، على كل من يريد قراءة ما اكتب هنا ، أن يشاهد مقابلة عباس أو يقراها على الأقل 
في مقابلة محمود عباس التلفزيونية مع قناة الميادين و رئيس تحريرها الصحفي غسان بن جدو ، دروس وعبر كلاسيكية عن شخصية دكتاتور صغير أوصلته قدرة أمريكا و سموم إسرائيل إلى المقعد الفلسطيني الأول ، و لا زال متشبثا بذلك الكرسي " الحرام " ، منذ أكثر من ثماني سنوات ، مع ادعاء كاذب لا ينقطع ، بأنه يرغبُ في ترك الكرسي ، مع انه يعمل لانتزاع آخر كرسي حكم لا يشغله مباشرة ، كرسي رئاسة الحكومة ، و بذلك تجتمع له كل مصادر النفوذ و التحكم ، فبعد رئاسة الحكومة ، لم يعد ما هو خارج سيطرة عباس ، إلا رئاسة اتحاد المرأة ، و هي ليست عصية عليه إن رغب !!
سلسلة من الأكاذيب ، و مسلسل من التزوير ، لعشرات الوقائع و الأحداث ، لا يجوز لها أن تمر ، أو تمرر ، خاصة على النشئ الفلسطيني الجديد ، و هو جيل يتربى لسبب مفهوم " عرفاتيا " رُغم تغيب الزعيم منذ ثمانية أعوام و أكثر ، بل إن دافع عباس للقبول بهذه المقابلة أو غيرها ، هو إعادة كتابة مفاصل رئيسية في التاريخ الفلسطيني ، وزرع تلك المفاصل في أذهان الناس ، علها تكون بديلا ، لما حدث في الواقع ، أو على الأقل ، تصبح هناك روايتان متوازناتان أمام الناس ، لكنهما روايتين مختلفتين تماماً .
من العسير جداً معالجة كل أكاذيب و ثغرات تلك المقابلة ، لذا سوف أركز على ما أنا متأكد منه بنسبة دقة كاملة ، في أحداث و وقائع عشتها شخصيا ، لكني أيضاً سوف استبعد ما كنت أنا الشاهد الوحيد عليه ، خاصة في ما يخص خلافاته مع ياسر عرفات ، و أسباب تلك الخلافات ، و كيف كانت في النتيجة ، سببا من الأسباب المباشرة لقتل ابو عمار ؟! 
 في المقابلة يقول عباس بانه ذهب إلى المستشفى في باريس ليكون قريبا من أبو عمار و الواقع يؤكد ان عباس لم يأت الى فرنسا الا بعد ان تأكد من موت ابو عمار  و رفض دخول " المقاطعة " قبل التاكد الموثوق ان لا نجاة لابي عمار من الموت. 
يتخذ عباس في هذه المقابلة التلفزيونية منزلة " المنزل " ، القادر على إصدار أحكام قطعية ، على زعيم أصبح بين يدي الرحمن ، زعيم سيبقى خالدا في ضمير شعبه إلى يوم الدين ، و يقول محاولا وصف علاقته مع أبي عمار ، " كنت أركز على الجوانب الإيجابية ، و أتعامل معه على هذا الأساس ، لذلك تاريخيا لم يحصل بيني و بينه خلافات لا شخصية و لا سياسية " .
في تلك الفقرة من مقابلة عباس ، و البالغة اثنتين و عشرين كلمة لا أكثر ، كذبٌ و ادعاءٌ و فوقية فارغة ، الى جانب كل ما فيها ، من تحد لعقول و معلومات الكثير من الناس ، العشرات ، إن لم نقل الآلاف من الفلسطينيين ، يعرفون جيدا إننا لا نتحدث عن علاقة متوازنة بين متساويين ، فلقد كانت العلاقة اقرب ، لعلاقة " صبي " مع " معلمه " ، و كلنا كنا نعرف ذلك ، و نعرف بان عباس أمضى دهرا من الزمن ، تحت الحماية الشخصية للزعيم الراحل ، فقد كان بحاجة اليه لما يسمى بالأعمال " القذرة " ، و الكل يعلم بان عباس سقط بصورة مخزية في مؤتمر " فتح " أغسطس 1989 ، و أن ابي عمار تدخل شخصيا ، لإعادته الى اللجنة المركزية ، و بالتالي لا يمكن الحديث عن علاقة متوازنة . 
ارئيل شارون ابلغني ، بأنه يريد محمود عباس رئيسا للحكومة ، و نظيرا له ، رافضا خيارات أبو عمار في سلام فياض و ابو علاء. 
أما قوله بأنه لم يختلف معه تاريخيا ، لا شخصيا و لا سياسيا ، ففيه الكثير من الكذب ، بل كله كذب صريح ، و يكفي أن نعرف بان عباس ، وقف ضد عودة الزعيم إلى وطنه بعد اتفاق اوسلو ، ذلك الحق الذي مارسه هو شخصيا لاحقا ، و كان يومها في قطيعة كاملة مع الزعيم ، قطيعة من طرف واحد ، من طرف عباس ، أما من استقبله و أمنه و رعاه في قطاع غزة ، فقد كان القيادي الفتحاوي محمد دحلان ، في حين قمت شخصيا ، بتامين سكنه و احتياجاته ، لأننا كلينا الدحلان و انا ، كنا نعلم بان ابي عمار يريدنا ان نفعل ذلك حتى ان لم يقل ، فتلك كانت الأخلاقيات الحاكمة لعلاقاتنا الداخلية .
أما قصة اختياره الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية ، فقد كتبتها سابقا ، و لا أرى لزوما لإعادة الرواية هنا ، سوى التذكير ، بان ابي عمار كان تحت ضغوط هائلة ، من الخارج ، و من الداخل ، لأسباب مختلفة ، و للأسف ، منا نحن في الداخل ، مني و من الدحلان ، لأننا كنا نعتقد انه لا بد من تامين الشرعية ، و مواقف أبو اللطف السياسية لم تكن تساعد ، في تفادي ذلك الخطأ التاريخي ، لكن ابو عمار ، كان يرى الاحتفاظ بابي اللطف ، رجلا ثانيا في منظمة التحرير الفلسطينية ، فلم يكن رحمه الله قابلا بوضع ثقته الكاملة في أوسلو ، كم كان على حق ، و كم كنا على خطا ، رحمة الله عليه .
الحقائق العلمية ، تقول أن الفيروسات و الأوبئة تنشط ، و تصبح أكثر عدوانية ، حين يضعف الجسد ، فيفقد دفاعاته المتينة و الحصينة ، و سيعرف محمود عباس ، و اعتبارا من انهيار مفاوضات كامب ديفيد ، في تموز يوليو 2000 ، بان الزعيم و بحكم مواقفه السياسة الحاسمة و العنيدة بات مكشوفا و الأمر يتطلب التخلي التدريجي عنه ، و تركه ليغرق ، في موجات المد الامريكي الاسرائيلي المتعاقبة .
انطلقت " الخيانة " ، و بدأت بالترويج ، لفكرة صدامه و خلافه مع الزعيم ابو عمار ، حول نشاط " كتائب الأقصى " ، و المكانة المميزة ، التي بدا يشغلها ، القيادي مروان البرغوثي ، ففي تلك المرحلة كان عباس يُحمل الرئيس الراحل علنا و على رؤوس الأشهاد مسؤولية العمليات التي نفذتها " كتائب الأقصى " ، و الزعيم لم يكن بالرجل الذي يُرفض مثل تلك المسؤولية ، فلقد آمن في تلك المرحلة من التاريخ بان واجبه التاريخي الفاصل يفرض عليه مقاومة السقوط الجماعي ، في أفخاخ إيهود باراك و ارئيل شارون .
لاحقا ، أبو عمار كان على اطلاع شامل و كامل ، على كل لقاءات و اجتماعات وزيارات عباس الخارجية ، و كان يدرك جيدا بأنه لاحق بأبي جهاد وابي اياد ، كانت التقارير و المعلومات تأتي اليه بانتظام ، و دون أدنى شك كان ابو عمار قادرا على إنهاء ظاهرة محمود عباس بساعات ، لكن ابو عمار لم يكن ذلك النوع من الزعماء ، فاحتفظ بقدسية الدم الفلسطيني ، حتى مع من أهدر دمه ، كان يعرف كل شيء ، لكنه قرر ان لا يفعل اي شيء ، لم يكن مستسلما للقدر ، بقدر ما كان عجزا إنسانيا و أخلاقيا عن الدم الحرام !!
وقت ابو عمار كان يمضي سريعا ، بل سريعا للغاية بالمقابل كان عباس يشعر ببطء الزمن ، و اللحظة الفاصلة كانت بيد الإرادة الخارجية ، بيد جورج بوش و ديك تشيني و كوندليزا رايس ، و قبلهم جميعا ارئيل شارون و الذي كان قد ابلغني ، بأنه يريد محمود عباس رئيسا للحكومة ، و نظيرا له ، رافضا خيارات أبو عمار في سلام فياض و ابو علاء ، فقد كان المسرح قد تم تجهيزه ، و كل أدوات التمثيل ، من سيناريو و مكياج و إنارة و موسيقى أعدت جيدا ، و لم يكن هناك مكان أو وقت للتراجع ، أو حتى المراجعة . 
ابو عمار كان قادرا على إنهاء ظاهرة عباس لكنه قرر ان لا يفعل اي شيء لم يكن مستسلما للقدر ، بقدر ما كان عاجزا إنسانيا و أخلاقيا عن الدم الحرام !! 
قبل ابو عمار الاقتراب خطوة إضافية من المأساة ، من مصيره النهائي ، واثقا من قدرته على تدارك النهاية ، ربما كان في ذلك استخفاف بخصمه الداخلي ، أو ربما إيمان غير مبرر ببقايا الوطنية و الرجولة لدى هذا الخصم الداخلي ، فسلمه الكثير الكثير من مقاليد الحكم و التحكم ، قبل ان يكتشف او ربما ليكتشف ، ان عباس يريد اكثر فاكثر ، و ان عباس يريد ان يرى الزعيم يوقع على نهايته راضيا مرضيا ، و لم يكن ابو عمار ليفعل ذلك ، فقرر أن على عباس حمل ارث الخطيئة التاريخية ، فحملها عباس دون رمشة جفن ، و رحل ابو عمار دون خيانة .
في مقابلة الميادين ، يقول عباس ، بانه ذهب إلى المستشفى في باريس ، ليكون قريبا من أبو عمار ، و الواقع يؤكد ان عباس لم يأت الى فرنسا الا بعد ان تأكد من موت ابو عمار ، ، بل الوقائع تسبق الكذب الفاضح ، فعباس رفض دخول " المقاطعة " قبل التاكد الموثوق ان لا نجاة لابو عمار من الموت ، بعد ان أبلغه بوش و شارون بذلك ، خوفا من انهيار السيناريو المرسوم ، و حين حضر الى باريس رفض إلقاء النظرة الأخيرة على الرجل الذي حماه طوال حياته ، بل وورثه الحكم ، و كان قادرا أن لا يفعل !
كما انه يكذب بصفاقة ، و يقول بانه كان مع ابي علاء فقط ، الواقع يقول انه كان برفقة ابو علاء ، وروحي فتوح و ياسر عبد ربه و نبيل شعث و صائب عريقات و غيرهم ، لكنه ايضا يأبى القول ، بانه لم يأت الا بعد الحاح الدحلان عليه اثر عودته من باريس ، و اتصالي الشخصي به ، و الحاحي على اهمية مجيئه ، فهل ينسى كل ذلك ؟ ، ذلك ممكن ، فالعمر له أحكامه ، و ربما أيضاً هو يكذب كعادته المعروفة ؟ .
في مقابلة " الميادين " ، اكاذيب اخرى ، مثل جهله بوجود الاخ ابو اللطف في تونس خلال زيارته الاخيرة لها ، فقد كان يعلم تماماً بوجود ابو اللطف في تونس ، او قوله ، بانه لم يكن راغبا بموقع رئاسة الحكومة ايام ابو عمار ، او قوله بانه لن يترشح مرة اخرى ، لكن تلك اكاذيب على الهواء ، لكنها تبقى محدودة مقارنة بدوره في حرب تصفية ابو عمار .

لا يمكن تذكير الدكتاتور ، اي دكتاتور بواقعه ، لأنه عبارة عن خلطة شيطانية ، تجتمع فيها نزعات و أمراض و مصالح ، و المهمة تصبح أكثر تعقيدا ، بل و مستحيلة مع مرور الزمن ، لان الحاكم الدكتاتور ينمي مواهب جديدة ليست لصنفنا نحن بني البشر فيصبح نصف اله هذا طبعا إن تواضع ، و تكشف عنه الحجب ، ليبلغ مرحلة التنوير الكلي ، فيصرخ في وجه من هم حوله " أني أرى ما لا ترون و اعرف ما لا تدركون " ، كل ذلك و أكثر يحدث قبل أن يقع الدكتاتور على رأسه ، و حتى عند ذاك ، يبتدع لنفسه " مهرب " الإنكار وعدم الاعتراف بالحقائق الجديدة التي تتداعى من حوله ، يُشبع " قفاه " ضربا ، لكنه لا يسلم بمرارة الهزيمة ، بل يعتبر نفسه مظلوما تعرض للخيانة !! 
 التاريخ يثبت بان عباس كان المحرض الأكبر لـ " خلع " الزعيم عن الحكم أولا ، ثم عن الدنيا لاحقا ، لكني اقترح مخلصا ، على كل من يريد قراءة ما اكتب هنا ، أن يشاهد مقابلة عباس أو يقراها على الأقل 
في مقابلة محمود عباس التلفزيونية مع قناة الميادين و رئيس تحريرها الصحفي غسان بن جدو ، دروس وعبر كلاسيكية عن شخصية دكتاتور صغير أوصلته قدرة أمريكا و سموم إسرائيل إلى المقعد الفلسطيني الأول ، و لا زال متشبثا بذلك الكرسي " الحرام " ، منذ أكثر من ثماني سنوات ، مع ادعاء كاذب لا ينقطع ، بأنه يرغبُ في ترك الكرسي ، مع انه يعمل لانتزاع آخر كرسي حكم لا يشغله مباشرة ، كرسي رئاسة الحكومة ، و بذلك تجتمع له كل مصادر النفوذ و التحكم ، فبعد رئاسة الحكومة ، لم يعد ما هو خارج سيطرة عباس ، إلا رئاسة اتحاد المرأة ، و هي ليست عصية عليه إن رغب !!
سلسلة من الأكاذيب ، و مسلسل من التزوير ، لعشرات الوقائع و الأحداث ، لا يجوز لها أن تمر ، أو تمرر ، خاصة على النشئ الفلسطيني الجديد ، و هو جيل يتربى لسبب مفهوم " عرفاتيا " رُغم تغيب الزعيم منذ ثمانية أعوام و أكثر ، بل إن دافع عباس للقبول بهذه المقابلة أو غيرها ، هو إعادة كتابة مفاصل رئيسية في التاريخ الفلسطيني ، وزرع تلك المفاصل في أذهان الناس ، علها تكون بديلا ، لما حدث في الواقع ، أو على الأقل ، تصبح هناك روايتان متوازناتان أمام الناس ، لكنهما روايتين مختلفتين تماماً .
من العسير جداً معالجة كل أكاذيب و ثغرات تلك المقابلة ، لذا سوف أركز على ما أنا متأكد منه بنسبة دقة كاملة ، في أحداث و وقائع عشتها شخصيا ، لكني أيضاً سوف استبعد ما كنت أنا الشاهد الوحيد عليه ، خاصة في ما يخص خلافاته مع ياسر عرفات ، و أسباب تلك الخلافات ، و كيف كانت في النتيجة ، سببا من الأسباب المباشرة لقتل ابو عمار ؟! 
 في المقابلة يقول عباس بانه ذهب إلى المستشفى في باريس ليكون قريبا من أبو عمار و الواقع يؤكد ان عباس لم يأت الى فرنسا الا بعد ان تأكد من موت ابو عمار  و رفض دخول " المقاطعة " قبل التاكد الموثوق ان لا نجاة لابي عمار من الموت. 
يتخذ عباس في هذه المقابلة التلفزيونية منزلة " المنزل " ، القادر على إصدار أحكام قطعية ، على زعيم أصبح بين يدي الرحمن ، زعيم سيبقى خالدا في ضمير شعبه إلى يوم الدين ، و يقول محاولا وصف علاقته مع أبي عمار ، " كنت أركز على الجوانب الإيجابية ، و أتعامل معه على هذا الأساس ، لذلك تاريخيا لم يحصل بيني و بينه خلافات لا شخصية و لا سياسية " .
في تلك الفقرة من مقابلة عباس ، و البالغة اثنتين و عشرين كلمة لا أكثر ، كذبٌ و ادعاءٌ و فوقية فارغة ، الى جانب كل ما فيها ، من تحد لعقول و معلومات الكثير من الناس ، العشرات ، إن لم نقل الآلاف من الفلسطينيين ، يعرفون جيدا إننا لا نتحدث عن علاقة متوازنة بين متساويين ، فلقد كانت العلاقة اقرب ، لعلاقة " صبي " مع " معلمه " ، و كلنا كنا نعرف ذلك ، و نعرف بان عباس أمضى دهرا من الزمن ، تحت الحماية الشخصية للزعيم الراحل ، فقد كان بحاجة اليه لما يسمى بالأعمال " القذرة " ، و الكل يعلم بان عباس سقط بصورة مخزية في مؤتمر " فتح " أغسطس 1989 ، و أن ابي عمار تدخل شخصيا ، لإعادته الى اللجنة المركزية ، و بالتالي لا يمكن الحديث عن علاقة متوازنة . 
ارئيل شارون ابلغني ، بأنه يريد محمود عباس رئيسا للحكومة ، و نظيرا له ، رافضا خيارات أبو عمار في سلام فياض و ابو علاء. 
أما قوله بأنه لم يختلف معه تاريخيا ، لا شخصيا و لا سياسيا ، ففيه الكثير من الكذب ، بل كله كذب صريح ، و يكفي أن نعرف بان عباس ، وقف ضد عودة الزعيم إلى وطنه بعد اتفاق اوسلو ، ذلك الحق الذي مارسه هو شخصيا لاحقا ، و كان يومها في قطيعة كاملة مع الزعيم ، قطيعة من طرف واحد ، من طرف عباس ، أما من استقبله و أمنه و رعاه في قطاع غزة ، فقد كان القيادي الفتحاوي محمد دحلان ، في حين قمت شخصيا ، بتامين سكنه و احتياجاته ، لأننا كلينا الدحلان و انا ، كنا نعلم بان ابي عمار يريدنا ان نفعل ذلك حتى ان لم يقل ، فتلك كانت الأخلاقيات الحاكمة لعلاقاتنا الداخلية .
أما قصة اختياره الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية ، فقد كتبتها سابقا ، و لا أرى لزوما لإعادة الرواية هنا ، سوى التذكير ، بان ابي عمار كان تحت ضغوط هائلة ، من الخارج ، و من الداخل ، لأسباب مختلفة ، و للأسف ، منا نحن في الداخل ، مني و من الدحلان ، لأننا كنا نعتقد انه لا بد من تامين الشرعية ، و مواقف أبو اللطف السياسية لم تكن تساعد ، في تفادي ذلك الخطأ التاريخي ، لكن ابو عمار ، كان يرى الاحتفاظ بابي اللطف ، رجلا ثانيا في منظمة التحرير الفلسطينية ، فلم يكن رحمه الله قابلا بوضع ثقته الكاملة في أوسلو ، كم كان على حق ، و كم كنا على خطا ، رحمة الله عليه .
الحقائق العلمية ، تقول أن الفيروسات و الأوبئة تنشط ، و تصبح أكثر عدوانية ، حين يضعف الجسد ، فيفقد دفاعاته المتينة و الحصينة ، و سيعرف محمود عباس ، و اعتبارا من انهيار مفاوضات كامب ديفيد ، في تموز يوليو 2000 ، بان الزعيم و بحكم مواقفه السياسة الحاسمة و العنيدة بات مكشوفا و الأمر يتطلب التخلي التدريجي عنه ، و تركه ليغرق ، في موجات المد الامريكي الاسرائيلي المتعاقبة .
انطلقت " الخيانة " ، و بدأت بالترويج ، لفكرة صدامه و خلافه مع الزعيم ابو عمار ، حول نشاط " كتائب الأقصى " ، و المكانة المميزة ، التي بدا يشغلها ، القيادي مروان البرغوثي ، ففي تلك المرحلة كان عباس يُحمل الرئيس الراحل علنا و على رؤوس الأشهاد مسؤولية العمليات التي نفذتها " كتائب الأقصى " ، و الزعيم لم يكن بالرجل الذي يُرفض مثل تلك المسؤولية ، فلقد آمن في تلك المرحلة من التاريخ بان واجبه التاريخي الفاصل يفرض عليه مقاومة السقوط الجماعي ، في أفخاخ إيهود باراك و ارئيل شارون .
لاحقا ، أبو عمار كان على اطلاع شامل و كامل ، على كل لقاءات و اجتماعات وزيارات عباس الخارجية ، و كان يدرك جيدا بأنه لاحق بأبي جهاد وابي اياد ، كانت التقارير و المعلومات تأتي اليه بانتظام ، و دون أدنى شك كان ابو عمار قادرا على إنهاء ظاهرة محمود عباس بساعات ، لكن ابو عمار لم يكن ذلك النوع من الزعماء ، فاحتفظ بقدسية الدم الفلسطيني ، حتى مع من أهدر دمه ، كان يعرف كل شيء ، لكنه قرر ان لا يفعل اي شيء ، لم يكن مستسلما للقدر ، بقدر ما كان عجزا إنسانيا و أخلاقيا عن الدم الحرام !!
وقت ابو عمار كان يمضي سريعا ، بل سريعا للغاية بالمقابل كان عباس يشعر ببطء الزمن ، و اللحظة الفاصلة كانت بيد الإرادة الخارجية ، بيد جورج بوش و ديك تشيني و كوندليزا رايس ، و قبلهم جميعا ارئيل شارون و الذي كان قد ابلغني ، بأنه يريد محمود عباس رئيسا للحكومة ، و نظيرا له ، رافضا خيارات أبو عمار في سلام فياض و ابو علاء ، فقد كان المسرح قد تم تجهيزه ، و كل أدوات التمثيل ، من سيناريو و مكياج و إنارة و موسيقى أعدت جيدا ، و لم يكن هناك مكان أو وقت للتراجع ، أو حتى المراجعة . 
ابو عمار كان قادرا على إنهاء ظاهرة عباس لكنه قرر ان لا يفعل اي شيء لم يكن مستسلما للقدر ، بقدر ما كان عاجزا إنسانيا و أخلاقيا عن الدم الحرام !! 
قبل ابو عمار الاقتراب خطوة إضافية من المأساة ، من مصيره النهائي ، واثقا من قدرته على تدارك النهاية ، ربما كان في ذلك استخفاف بخصمه الداخلي ، أو ربما إيمان غير مبرر ببقايا الوطنية و الرجولة لدى هذا الخصم الداخلي ، فسلمه الكثير الكثير من مقاليد الحكم و التحكم ، قبل ان يكتشف او ربما ليكتشف ، ان عباس يريد اكثر فاكثر ، و ان عباس يريد ان يرى الزعيم يوقع على نهايته راضيا مرضيا ، و لم يكن ابو عمار ليفعل ذلك ، فقرر أن على عباس حمل ارث الخطيئة التاريخية ، فحملها عباس دون رمشة جفن ، و رحل ابو عمار دون خيانة .
في مقابلة الميادين ، يقول عباس ، بانه ذهب إلى المستشفى في باريس ، ليكون قريبا من أبو عمار ، و الواقع يؤكد ان عباس لم يأت الى فرنسا الا بعد ان تأكد من موت ابو عمار ، ، بل الوقائع تسبق الكذب الفاضح ، فعباس رفض دخول " المقاطعة " قبل التاكد الموثوق ان لا نجاة لابو عمار من الموت ، بعد ان أبلغه بوش و شارون بذلك ، خوفا من انهيار السيناريو المرسوم ، و حين حضر الى باريس رفض إلقاء النظرة الأخيرة على الرجل الذي حماه طوال حياته ، بل وورثه الحكم ، و كان قادرا أن لا يفعل !
كما انه يكذب بصفاقة ، و يقول بانه كان مع ابي علاء فقط ، الواقع يقول انه كان برفقة ابو علاء ، وروحي فتوح و ياسر عبد ربه و نبيل شعث و صائب عريقات و غيرهم ، لكنه ايضا يأبى القول ، بانه لم يأت الا بعد الحاح الدحلان عليه اثر عودته من باريس ، و اتصالي الشخصي به ، و الحاحي على اهمية مجيئه ، فهل ينسى كل ذلك ؟ ، ذلك ممكن ، فالعمر له أحكامه ، و ربما أيضاً هو يكذب كعادته المعروفة ؟ .
في مقابلة " الميادين " ، اكاذيب اخرى ، مثل جهله بوجود الاخ ابو اللطف في تونس خلال زيارته الاخيرة لها ، فقد كان يعلم تماماً بوجود ابو اللطف في تونس ، او قوله ، بانه لم يكن راغبا بموقع رئاسة الحكومة ايام ابو عمار ، او قوله بانه لن يترشح مرة اخرى ، لكن تلك اكاذيب على الهواء ، لكنها تبقى محدودة مقارنة بدوره في حرب تصفية ابو عمار .