أخر الأخبار
مصر.. قادة الجيش السابقون يسعون إلى السيطرة على البرلمان القادم
مصر.. قادة الجيش السابقون يسعون إلى السيطرة على البرلمان القادم

القاهرة - الكاشف نيوز : منذ نجاح الجيش المصري في عزل الرئيس السابق محمد مرسي، والإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان، في 3 يوليو/ تموز الماضي، يحاول الكثير من الجنرالات المتقاعدين اختراق الحياة السياسية في مصر، للسيطرة عليها عبر إقامة أحزاب سياسية، وهو الأمر الذي لم يكن موجودًا بهذه الكثافة في السابق.
تباينت الآراء حول الأحزاب السياسية التي أسسها جنرالات سابقون في الجيش المصري، ما بين عسكرة الحياة الحزبية، وحقهم الدستوري في ممارسة العمل السياسي، وإثراء العمل السياسي في مصر.
فيما وصف بأنه "عسكرة" للحياة السياسية في مصر، بعد سيطرة الجيش على مقاليد السلطة، زادت ظاهرة تأسيس القادة السابقين في الجيش لأحزاب سياسية، لاسيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، وبلغت تلك الظاهرة ذورتها مع إعلان الفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس العسكري، الذي أدار البلاد في أعقاب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير/ شباط 2011، حتى انتخاب الرئيس السابق محمد مرسي في يونيو/ حزيران 2012، مع إعلانه تأسيس حزب سياسي جديد باسم "مصر العروبة".

وقال عنان في بيان له: "إيمانًا منا بضرورة الحوار والسعي إلى بناء سياسي اجتماعي صحي، يتشارك فيه كل المصريين على أرضية المصلحة الوطنية الجامعة، نقوم بتأسيس حزب "مصر العروبة"، الذي سيكون له ــ بعون الله ومشيئته وتوفيقه ــ دور بارز في هذا الحوار والبناء"، مشيرًا إلى أنه "من هذا المنطلق فقد تواصلنا مع قوى سياسية خلفها قواعد حزبية وشعبية كبيرة للتشاور في هذا الإطار، وكان المُنطلق هو التأكد أن جميع هذه الجهات تسعى إلى العمل الوطني مُعليةً مبدأ إنكار الذات".

لم يكتف عنان بالإعلان عن تأسيس حزب واحد، بل أعلن أيضًا أن حزبه سوف يضم تحالفًا مع أحزاب أخرى. وقال: تحالف مصر العروبة "سيكون مجموعًا لقوى حية على الأرض، ولن ننتظر من يتحدث من خلاله، بل سيتحدث هذا التحالف عن نفسه الذي سوف يسعى بمشيئة الله إلى إنجاز وإنجاح حياة سياسية مرنة قادرة على استيعاب وتحقيق أحلام وطموحات وتطلعات الشعب المصري في إطارٍ من الديمقراطية والحرية وإعلاء كرامة المواطن المصري".

سبق مراد موافي، رئيس جهاز الاستخبارات السابق، عنان في السعي نحو تأسيس حزب سياسي، بل وتحالف حزبي ضخم مع الأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى.

وأسست مجموعة أخرى من الجنرالات السابقين أحزابًا بأسماء شتى، إلا أنها لم تختبر بعد عمليًا في الحياة السياسية في مصر، ومنها: حزب "حماة مصر"، الذي أسسه الفريق جلال هريدي مؤسس وحدة الصاعقة في الجيش المصري. هريدي أسس حزبًا آخر أسماه "حماة الوطن"، بعد الخروج من حزب "حماة مصر"، الذي يترأسه اللواء مدحت الحداد رئيس نقابة العسكريين المتقاعدين. وأسس اللواء عبد الرافع درويش، حزب "فرسان مصر".

مع تضاؤل فرص عودة أحمد شفيق، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، الذي أسس حزب الحركة الوطنية، تسعى قيادات الحزب إلى التفاوض مع جنرال آخر لترأس الحزب وقياداته في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو اللواء حسام خيرالله وكيل جهاز المخابرات السابق. وسبق للواء محمد علي بلال قائد القوات المصرية في حرب الخليج، تأسيس الحزب القومي المصري.

قيادات الجيش جزء من الشعب المصري، ولهم كل الحقوق، وعليهم واجبات أيضًا، وليس هناك ما يشينهم، حتى لا يخوضوا غمار الحياة الحزبية. وقال اللواء طلعت موسى، الجنرال السابق، والخبير العسكري إن قيادات الجيش المتقاعدين هم جزء من هذه الدولة، ومن حقهم خوض التجربة الحزبية، مشيرًا إلى أن المؤسسة العسكرية التى كانوا ينتمون إليها ليست منفصلة عن المجتمع، كما يحدث في تركيا أو جنوب أفريقيا. ولفت إلى أن هذه الأحزاب الوليدة لا تقتصر على العسكريين وضباط الجيش المتقاعدين فقط، بل تضم كل فئات وتيارات المجتمع.

تأسيس قادة الجيش المصري السابقين أحزابًا سياسية حق يكفله الدستور. وقال الدكتور شوقي السيد الخبير الدستوري، إن اتجاه عدد من قيادات الجيش المتقاعدين إلى تأسيس أحزاب سياسية هو حق دستوري مطلق. وأضاف إن هذه التجربة لم تنضج بعد، مشيرًا إلى أنها سوف يكتب لها النجاح، إذا عملت وفقًا لأصول العمل الحزبى البعيد عن التعصب والطائفية والدجل السياسي.

وينصح بضرورة أن تخضع القيادات العسكرية السابقة التي قررت خوض تجربة العمل الحزبي إلى دورات تدريبية في كيفية خلق جسور من الثقة بينهم وبين الجماهير، والعمل الحزبي، وكيفية إدارة الحملات الإنتخابية البرلمانية أو انتخابات المحليات.

في المقابل، يرى السياسيون أن تأسيس القيادات العسكرية أحزابًا سياسية يدخل في إطار ما يصفونه بـ"عسكرة الحياة الحزبية". وقال أمين اسكندر، القيادي في حزب الكرامة والتيار الشعبي، إن اقتحام العسكريين السابقين للعمل الحزبي، يمكن وصفه بـ"محاولة عسكرة العمل الحزبي"، مشيرًا إلى أن هناك من سيعملون على تصدر هذه الأحزاب للمشهد السياسي في مصر، تحقيقًا لمصالح خاصة. ونبه إلى أن هذه الأحزاب ستكون لها كتلة تصويتية عالية، لوجود عدد كبير من قيادات الوطني المنحل وعائلاتهم ضمن التنظيم السياسي لها.

ولفت إلى أن هذه الخطوة ستنعكس بالسلب على المسار الديمقراطي وستجعل الحياة السياسية كلها من أصول عسكرية، متوقعًا ألا تشكل إضافة إلى العمل الحزبي في مصر. وشكك في مدى قدرتها على تحقيق أية مكاسب في البرلمان المقبل.

التيار الإسلامي يعتبر أن تأسيس قيادات عسكرية سابقة لأحزاب سياسية ملمح طبيعي من ملامح "عسكرة الدولة". وقال الدكتور محمد أبو سمرة، الأمين العام لحزب التحالف الإسلامي، إن ما يحصل أمر طبيعي، في ظل عودة العسكر إلى صدارة المشهد السياسي من جديد والغياب الكامل للديمقراطية.

مشيرًا إلى أن قيادات هذه الأحزاب تسعى إلى الحصول على امتيازات اقتصادية أو مناصب شخصية في البرلمان المقبل، وتتنافس على لعب الظهير السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضاف أن هذه الأحزاب السياسية ستصبح مثل نوادي القوات المسلحة التي تضم عائلات ذات نفوذ وقوة، متوقعًا أن يتم تمويل هذه الأحزاب لتسيطر على الحياة السياسية، وتكون بديلًا من الأحزاب التقليدية سواء الإسلامية أو الليبرالية.

لم تختبر أحزاب العسكريين السابقين بعد، ولم تدخل في أية معركة سياسية، ومن المتوقع أن يكون أول اختبار لها في الإنتخابات البرلمانية المقبلة، التي تسعى جديًا إلى الحصول على الغالبية فيها، حتى تتمكن من السيطرة على البرلمان، وتشكيل الحكومة الجديدة.