أخر الأخبار
الأردنيون يحتفلون باستقلال المملكة
الأردنيون يحتفلون باستقلال المملكة

عمان - الكاشف نيوز

يتطلّع الأردنيون، وهم يحتفلون اليوم، بالعيد السادس والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، بعزيمة وأمل نحو مستقبل أكثر إشراقاً وإنجازاً لوطنهم، عاقدين العزم على مواصلة مسيرة العمل والعطاء لدولتهم العزيزة التي دشنت مئويتها الثانية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وعلى يمينه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد.
ويفخر الأردنيون في عيد الاستقلال، بوطنهم ومليكهم، ويمضون قُدماً لتعزيز مسيرة بناء الأردن، بخطى واثقة، نحو التحديث السياسي ومسارات الإصلاح الاقتصادي والإداري، ضمن منظومة متكاملة ومتناغمة.
وفي كل عام، يُباهي أبناء الأردن وبناته العالم بهذا اليوم الوطني الأغر، بما حققّوه من إنجازات وطنية، وما سطروه بقيادتهم الهاشمية من قصص نجاح، جعلت من الأردن واحة أمن واستقرار، وليكون عيد الاستقلال، محطة احتفال بـ (الإنجاز) وانطلاقة جديدة في مسيرة إصلاح مستمرة ترتكز على قيم ومبادئ ثابتة، مُستلهمة من مبادئ ومنطلقات الثورة العربية الكبرى.
وتشهد محافظات المملكة، على مدى 3 أيام، احتفالات بهذه المناسبة العزيزة على قلوب الأردنيين.
وفي هذه الذكرى الخالدة خلود الوطن، تسطع صفحات مُشرقة من المجد والسعي الدؤوب لحياة فُضلى، كما تفتح هذه الذكرى العزيزة على قلوب الأردنيين، سفر البذل والعطاء، لتقرأ في صفحته الأولى ملحمة الكفاح والنضال، مُدركين جميعاً أن الاستقلال مشروع إرادة وحرية، قاده الهاشميون وحولهم شعبهم الوفي، للنهوض الشامل والسيادة المطلقة على امتداد خارطة الوطن العزيز.
وفي يوم الاستقلال، يُجدّد الأردنيون العهد، ويُرسّخون العقد، ويضربون المثل الأعلى في الإصرار على الإنجاز والمحافظة عليه، ومنذ ذلك التاريخ، استندت الدولة الأردنية إلى قواعد راسخة في الإصلاح والعدالة والعيش المشترك وقبول الآخر وسيادة القانون، لتحقيق التنمية الشاملة والعيش الكريم لأبنائها، كما أرسى المغفور له بإذن الله، الملك عبدالله الأول المؤسس قواعد إنشاء دولة المؤسسات، وأسندها المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبدالله بدستور حضاري، ورفع بنيانها وزاد من شأنها باني نهضة الأردن الحديث، المغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراهم.
ستة وسبعون عاماً تفصل يومنا هذا عن ذلك اليوم المُكلّل بالمجد والفخار، حين التأم فيه المجلس التشريعي الأردني في 25 أيار من العام 1946، وتُلي فيه نص القرار التاريخي لإعلان استقلال المملكة بما يلي: “تحقيقاً للأماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي أعربت عنها المجالس البلدية الأردنية في قراراتها المُبلغة إلى المجلس التشريعي، واستناداً إلى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الآخرة 1365 الموافق 15/5/1946، فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني أمر إعلان استقلال البلاد الأردنية استقلالاً تاماً على أساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالمُلك لسيد البلاد ومُؤسس كيانها، الملك المغفور له بإذن الله عبدالله بن الحسين، طيب الله ثراه، لتبقى هذه اللحظات عالقة في ذاكرة تاريخ الوطن، كمحطات مضيئة لا تمحو الأيام عبيرها، وستبقى في الوجدان أنشودة وطن يتغنى بها المخلصون من أبنائه وبناته.
وألقى المغفور له بإذن الله، الملك المؤسس خطاباً في صبيحة ذلك اليوم، قال فيه “وإننا في مواجهة أعباء ملكنا وتعاليم شرعنا وميراث أسلافنا لمثابرون على خدمة شعبنا والتمكين لبلادنا والتعاون مع إخواننا ملوك العرب ورؤسائهم لخير العرب جميعاً ومجد الإنسانية كلها”، كما صادق المغفور له بإذن الله على قرار إعلان الاستقلال، مُصدّراً أول إرادة ملكية سامية، مُوشحة بالعبارة التالية “مُتكلا على الله تعالى أوافق على هذا القرار شاكرا لشعبي واثقا بحكومتي”.
وعمّت المملكة احتفالات رسمية وشعبية في ذلك اليوم، وألقى المغفور له جلالة الملك المؤسس في الاستعراض العسكري الذي جرى في مطار ماركا وسُمّي فيما بعد قاعدة الملك عبدالله الأول كلمة قال فيها: “جيشنا الباسل يسرّنا أن نرى في مجالك عزة الوطن والقدرة القومية في الدفاع عن الحوزة وصيانة الحق، وأن تكون تحيّتك لنا رمزاً لطاعة الجندي وفنائه المطلق في خدمة العلم والوطن والقيادة”.
ومع الاستقلال الناجز، أخذت المملكة أدوارا مهمة وبارزة، وتبوأت مكانة متقدمة إقليمياً وعالمياً، عبر توظيف استقلالها في الدفاع عن الأُمتين العربية والإسلامية، وخدمة قضاياهما العادلة.
وأنجز الأردن دستوراً جديداً للدولة، والذي صادق عليه المجلس التشريعي في 28 تشرين الثاني 1946، وفي 4 آذار 1947 تم تشكيل أول حكومة في عهد الاستقلال، وجرت في 20 تشرين الأول 1947 أول انتخابات برلمانية على أساس الدستور الجديد.
وفي حرب العام 1948، سطّر الجيش العربي المصطفوي الذي لم يكن يتجاوز تعداده 4500 جندي، أروع بطولات التضحية والفداء في الدفاع عن فلسطين والقدس، وقدم مئات الشهداء على أراضيها، وفي إحدى المعارك على أبواب القدس القديمة صدّت القوات الأردنية هجوماً عنيفاً شنّته القوات الإسرائيلية مساء 16 تموز (يوليو) 1948 لتكون خسائر العدو في تلك المعركة نحو 225 قتيلاً و145 جريحاً.
وفي كانون الثاني 1948، وافق مجلس الأمة على قرارات مؤتمر “أريحا” الذي نادى بالوحدة الأردنية الفلسطينية، وتشكّل المجلس النيابي الأول بعد الوحدة في نيسان 1950، ثم تشكّلت أول وزارة موحّدة للضفتين برئاسة سعيد المفتي، وصادق الملك المؤسس على قرار الوحدة الصادر عن المجلس بتاريخ 24 نيسان من العام ذاته.
وبقي الملك المؤسس يذود عن حمى الأمة العربية حتى اللحظات الأخيرة من حياته، إلى أن أقدمت يد غادرة على اغتياله على عتبات المسجد الأقصى في القدس، واستشهد، طيب الله ثراه، يوم الجمعة 20 تموز 1951، لينضم إلى قافلة الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل مبادئهم وقيمهم وثوابتهم العربية النبيلة الأصيلة.
واعتلى جلالة الملك طلال عرش المملكة في العام 1951، وكان أول ضابط عربي يتخرج من كلية ساند هيرست البريطانية، إذ تحققت في حقبته إنجازات تعزز الاستقلال ودعائم المجتمع القائم على الحرية المسؤولة أمام القانون، حيث تم إصدار الدستور الأردني في 8 كانون الثاني 1952، كأول دستور وحدوي عربي، ونصّ على إعلان ارتباط الأردن عضوياً بالأمة العربية، وتجسيد الفكر القومي للثورة العربية الكبرى، مُلبّياً آمال وتطلعات الشعب الأردني انسجاما مع وحدة الضفتين في العام 1950، وتنامي الشعور الوطني والوعي القومي في الوطن العربي.
ومنذ أن تسلم جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية في الثاني من أيار عام 1953، بدأ عهد البناء والتقدم والتحديث، رغم ما كانت تشهده المنطقة والإقليم من ظروف طارئة، استقبل على إثرها الأردن نحو مليون لاجئ فلسطيني بعد نكبة 1948 ليتضخم عدد السكان بشكل كبير.
وتصدرت القضية الفلسطينية إثر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية حينها، أولويات جلالة الملك الحسين، حيث سعى جلالته إلى حشد موقف عربي ودولي موحّد للتعامل مع هذا العدوان وتبعاته على الأردن والمنطقة.
وفي لحظات حاسمة من تاريخ الأردن الحديث، اتخذ المغفور له قراراً تاريخياً في العام 1956 بتعريب قيادة الجيش العربي، وعزل الجنرال كلوب، بعد أن تكوّنت قناعة أكيدة لجلالته بأن بقاء قائد إنجليزي للجيش العربي الأردني سيحدّ من دور الضباط العرب ويؤثر على الاستراتيجية الدفاعية للبلاد.