أخر الأخبار
الهجرة النبوية حَدَثٌ غَيَّر مجرى التاريخ
الهجرة النبوية حَدَثٌ غَيَّر مجرى التاريخ
إن الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، تمثل حدثًا تاريخيًا ، إذ منه انطلقت الدولة الإسلامية وانتشر الإسلام بعد أن كان محصورًا بين شعاب مكة المكرمة. فقد حملت الهجرة في طياتها معاني التضحية والصبر والنصر، والتوكل والإخاء، وكانت إنطلاقة لبناء الدولة، وتأسيس المجتمع الجديد.
فقد أكَّدَ عددٌ من العلماء والدعاة أنَّ الهجرة النبوية الشريفة حادث مهم ومفصلي غيَّر مجرى التاريخ وحوَّل المسلمين من حال ضعف إلى حال قوة، وذلك لمَّا أذن الله لنبيه بالهجرة والذي أعقبه إعداد النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمر وتجهيز العدة والتخطيط لها، مشددين على أن حدث الهجرة النبوية الشريفة حدث مهم ومليء بالدروس العظيمة، لذا يعد نقطة فارقة في تاريخنا الإسلامي.
لقد تشاور طواغيت الشرك الذين اجتمعوا في دار الندوة في شأنه صلى الله عليه وسلم، فاقترح عليهم أشقى القوم أبو جهل بن هشام أن يأخذوا من كل قبيلة شاباً فتياً جليداً نسيباً، ثم يعطوا كل شاب منهم سيفاً فيضربوه صلى الله عليه وسلم ضربة رجل واحد، فيتفرق دمه بين القبائل فلا يقدر بنو عبد مناف على حربهم جميعاً. وبينما المشركون يحيكون مؤامراتهم ويترصدون ويترقبون خروجه، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد غادر بيته، وأتى إلى دار أبي بكر رضي الله عنه، وأمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأن يتخلف عن السفر ليؤدي عنه ودائع الناس وأماناتهم، وأن يلبس بردته ويبيت في فراشه تلك الليلة. ثم غادر صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من باب خلفي، ليخرجا من مكة قبل أن يطلع الفجر ووصلا إلى جبل يعرف بجبل ثور.
ونزل رسولنا الكريم في قباء يوم الإثنين 8 ربيع الأول من السنة الأولى من الهجرة، التي هي السنة 14 من النبوة، وكان يوم وصوله عليه أفضل الصلاة والسلام يوما عظيماً مشهودا لم تشهد يثرب مثله في تاريخها، فقد كان أهل المدينة يخرجون كل يوم إلى الحِرَّة (بكسر الحاء، وهي ضواحي المدينة) فينتظرون رسول الله حتى تصل الظهيرة فيعودون من الحر، وفي اليوم الذي وصل فيه رسول الله كانوا قد عادوا بعد أن أطالوا الإنتظار ، وبينما هم في بيوتهم رأى يهوديّ رسول الله وأصحابه من بعيد، فنادى بأعلى صوته وقال:
يا معشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون.
فخرجوا للقاء رسول الهدى، البدر المشرق، السراج المنير، محمد صلوات ربي وسلامه عليه، خرجوا في موقف مهيب عظيم تعلو أصواتهم بالتكبير، فلقوه يحيونه بتحية النبوة واجتمعوا حوله عليه أفضل الصلاة والسلام.
فسار رسول الله بأمر الله فأدركته الجمعة عند بني سالم بن عوف، فجمع بهم الجمعة في المسجد الذي هناك.ودخل رسول الله يثرب التي سميت بعد ذلك اليوم بمدينة رسول الله ، وكان يوماً عظيماً ، وكانت البيوت ترتج ارتجاجا بأصوات التحميد والتقديس.
إذن بدأت رحلة الهجرة النبوية ليلة الجمعة 27 من شهر صفر سنة 14 من النبوة الموافق 12 أو 13 سبتمبر سنة 622 م حين غادر الرسول ﷺ مكة هو وأبو بكر رضي الله عنه.
وانتهت يوم الجمعة 12 من شهر ربيع الأول من نفس السنة، حين وصل إلى المدينة المنورة ونزل عند أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
إذن الهجرة النبوية حدث عظيم من أهم الأحداث في حياته صلَّ الله عليه وسلم ، فقد ساهمت في تغيير مجرى التاريخ، وكانت بداية لقوة المسلمين وإقامة شرع الله في الأرض، وفي هجرة نبي الله قصص كثيرة ودروس وعبر جليلة عظيمة، فيها من آيات اللّٰه عز وجل وقدرته وحكمته ما يثلج الصدور، ومن نوادر الحب والتفاني فيه والإيمان ما يذهل العقول، ومن العبر والدروس والمعاني ما يهذب النفوس.
نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علما ، ونسأله تعالى أن يهدينا سواء السبيل، ويدخلنا الجنة مع الأنبياء والشهداء والصالحين. آمين.