عمان - الكاشف نيوز : أكد سياسيون وأكاديميون ان حديث جلالة الملك عبدالله الثاني، لـ"الغد"، جاء في ظروف سياسية دقيقة وديناميكية، "أعاد جلالته خلالها تأكيد موقف الأردن حيال عدد واسع من القضايا الوطنية والعربية والعالمية".
وقالوا لـ"الغد"، إن حديث جلالة الملك حمل رسائل عديدة "ركزت في اغلبها على أبعاد ومخاطر تسييس البعد الطائفي" والتقسيم في المشهد العربي، والانعكاسات السلبية الكبيرة لذلك، مشيرين الى تأكيدات جلالته حول أهمية "استعادة الدور الكبير للدولتين العربيتين الشقيقتين سورية والعراق، باعتباره مطلبا عربيا مهما في هذه المرحلة".
ولفت هؤلاء السياسيون الى ان "الطريقة التي ينتهجها الاردن في عملية الاصلاح السياسي" والتي اشار اليها جلالته اثناء الحوار، هي الطريقة الفضلى والمناسبة لتداعيات المرحلة، مجمعين على ان "التدرج في الاصلاح وتطوير الحياة السياسية والتوافق والحوار" هو الوسيلة الناجعة للوصول للأهداف المنشودة.
وزير الاشغال السابق محمد طالب عبيدات قال، "كعادة جلالته، كان الملك خلال مقابلته مع جريدة "الغد" امس واضحا، ويحمل همّ الامة كما يحمل همّ الاردنيين، معرجا على كل القضايا التي تهم الامة العربية بدءا من القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية"، والتأكيد على ان "الاردن دائما في صف اخواننا الفلسطينيين لغايات وقف العدوان على غزة وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي".
ولفت عبيدات الى تشخيص الملك للوضع في سورية والعراق "وان الحل في سورية لا يمكن ان يكون عسكريا، بل سياسي وهو شأن السوريين انفسهم، وكذلك الحال بالنسبة للعراق"، معبرا جلالته عن الأمل في "ان تنتهي خلايا الصراع على الاراضي العراقية".
وبين عبيدات ان جلالته أكد ان الدبلوماسية الاردنية تسعى دوما لحل الأزمات العربية، وأن الأردن دفع ضريبة كبيرة لاستضافة اللاجئين السوريين على اراضيه، وهي "جزء من فاتورة الانتماء الأمة العربية وعدم خروجه عن الصف العربي".
وكان الملك خلال الحوار، بحسب عبيدات، واضحا فيما يتعلق بمحاربة التطرف والإرهاب، مثل "تشريد وتعذيب المسيحيين في الموصل على يد قوة تطرف لا تمت للإسلام بصفة، ويستغلون الدين كذريعة للوصول لأهدافهم الإرهابية"، ومطالبة جلالته "ذوي الحكمة العقلاء بأن يكون لهم دور اساسي في كبح جناح كل قوى التطرف والغلو والإرهاب، وضرورة محاربة مستغلي ديننا الحنيف والمسيئين".
وفيما يتعلق بالجبهة الداخلية، قال عبيدات إن "الملك أعاد تأكيد رؤيته بضرورة تحقيق النهج الإصلاحي الشامل وترسيخ مبادئ الحوار الوطني للخروج بقانون توافقي للانتخابات إضافة إلى قانون اللامركزية الذي طرحته الحكومة".
وفي الشأن المحلي، قال عبيدات أما "استقرار الوطن وتمكين جبهته الداخلية فلا يتم"، كما قال الملك "إلا بالتوافق بين الاجهزة الامنية والمواطن الواعي ليكون قائد الوطن والشعب كلهم في بوتقة واحدة ولينعم الأردن بالاستقرار والأمن الذي هو نموذج يحتذى به على مستوى الوطن العربي والعالم".
الوزير السابق والعين توفيق كريشان قال إن جلالة الملك يضع دائما وأبدا النقاط على الحروف ويلم بكل ما يجري في الأردن والعالم الخارجي، وقضايا الوطن والمواطن.
وبين كريشان أن الدور الكبير الذي يقوم به جلالته للدفاع عن المقدسات والقضية الفلسطينية وخاصة خلال العدوان الأخير على غزة واضح للعيان، فهذا قدر الهاشميين.
ولم يستغرب كريشان، "حضور معان المدينة والناس" خلال حوار جلالته رغم كثرة الهموم والمشاكل، خصوصا اخلاص اهلها للوطن وللعرش الهاشمي، فتحدث جلالته عنها وأعطاها الحق الذي تستحق.
ولفت كريشان الى توضيح الملك وتشخيصه للوضع في معان بقوله "ان الوضع في معان ليس كما يقول البعض نتيجة ضعف الجبهة الداخلية وهذه النظرة غير صحيحة، فهذه الفئة لا تعرف معان وتاريخها وإسهاماتها التاريخية المشرفة وتأسيس الأردن"، مؤكدا ان ما حصل في معان هو من صنع "مجموعة خارجة على القانون لا تمثل أهالي معان".
وأكد أن ابناء معان يرفضون كل التصرفات الخارجة عن القانون ويطالبون دوما بتحقيق الأمن والأمان لخلق بيئة استثمارية، وينظرون للمحافظة على أمن الوطن "من تبعات ما يسمى بالربيع العربي، ولم يتحقق ذلك الأمن إلا بحكمة القيادة الهاشمية الابوية لكافة الاردنيين"، وكذلك لوعي هذا الشعب العربي الاصيل الذي يؤمن دائما "بالقيادة الهاشمية قاسما مشتركا أعظم".
العميد الركن المتقاعد حافظ الخصاونة قال إن مواقف الاردن بقيادة جلالة الملك واضحة وصريحة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، الامر الذي جعل الاردن يقف على مسافة واحدة من الجميع بما في ذلك المكونات السياسية داخل الدول.
وبين أن الاردن تربطه مصالح كبيرة مع العراق بمختلف مكوناته، والعنوان الرئيس في العلاقة معه هو مصالح مشتركة بعيدا عن الانحياز الى طرف دون آخر.
وأضاف الخصاونة ان الطريقة التي يسير عليها الاردن في الاصلاح نتج عنها ارتياح شعبي كبير بما تم تعديله من قوانين وتشريعات ناظمة للحياة السياسية، حيث يمكن ايضا ان تعدل وفقا للمتطلبات، مبينا ان التدرج في الاصلاح هو النهج السليم الذي يفضي الى نتائج ايجابية منسجمة مع رؤية جلالة الملك.
واشار الى ان الاردن سبق العديد من دول المنطقة في عملية إصلاح سياسي بُني على اساس الانفتاح على جميع الاطراف السياسية والشعبية، الامر الذي كان من فضائله تجاوز الأردن مرحلة حرجة عصفت بالمنطقة.
استاذ الاعلام في جامعة البترا تيسير مشارقة قال ان جلالة الملك اعاد تأكيد موقف الأردن الرسمي حيال عدد واسع من القضايا الوطنية والعربية والعالمية في ظروف سياسية دقيقة.
وأضاف مشارقة "ان جلالته اكد على الدوام أهمية الإصلاح والتطوير بآليات سلمية وديمقراطية وبعقل سياسي منفتح على المستجدات ومستحقات التغيير، وهو موقف سليم يستحق التثمين".
كما اكد جلالته على الانفتاح والتغيير نحو الافضل بطرق متدرجة مناسبة وسليمة، الأمر الذي يترتب عليه فعليا اتخاذ إجراءات ملموسة فيما يتصل بكل منظومة الإصلاح السياسي والاقتصادي، مشيرا الى انه لا مجال لتكرار الأخطاء الحكومية السابقة بإنتاج قوانين مقيدة للحريات العامة.
اما عربياً فيقول مشارقة "ان التوجهات الأردنية الرسمية كما عبر عنها جلالة الملك، تؤكد الحرص الشديد على حل الصراعات القائمة سلمياً، بعيدا عن استهدافات التقسيم والفتن الداخلية بمختلف أشكالها، وضرورة استعادة الدور الكبير للدول العربية الشقيقة، في كل من سورية والعراق.