في تهنئته بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، استحضر جلالة الملك عبدالله الثاني، دلالات هذه المناسبة عظيمة الوجدان، وارتباطها بالمسجد الأقصى، بالقول (في ذكرى الإسراء والمعراج، ندعو الله عز وجل أن يعيننا على حمل أمانة حماية المسجد الأقصى المبارك ورعايته).

التأكيد الملكي المستمر في الخطاب السياسي الأردني، على أدوار الوصاية الهاشمية، يجيء في لحظةٍ هامةٍ، على الصعيد السياسي وتبدلات المشهد في إسرائيل، وعلى الصعيد الدولي، حيث تنشغل القوى العظمى في مجريات حرب أوكرانيا.

لذا، فإنّ التأكيد الملكي الموصول، هو زخم تحتاجه فلسطين ومقدساتها اليوم، وفي آخر زيارةٍ لجلالة الملك إلى واشنطن، شرح جلالته لحشدٍ من السياسيين الأمريكيين، في كلمةٍ ألقاها في حفل فطور الدعاء الوطني، أدوار الوصاية الهاشمية، وجذورها، عبر التأكيد على أنّ «القدس بالنسبة للأردن ولعائلتي الهاشمية لم تكن أمرا سياسيا قط، بل هي ترتبط بهم بشكل شخصي منذ أكثر من مئة عام».

كما جاء التأكيد الملكي، على أنه » ومنذ أكثر من مئة عام، حملنا أمانة الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.. ارتباط حياة الهاشميين على مدى عدة أجيال بالمدينة المقدسة».

وعلى مدار أكثر من عقدين، كانت القدس والمقدسات كافة في فلسطين، الحاضرة في خطابات ورؤى جلالة الملك، والتوجهات الدبلوماسية للأردن، ما أعطى هذا البعد في القضية الفلسطينية بعداً دولياً، مرتبطاً بمواقف مبدئية للأردن، بقيت تمثل مبدأ سياسته الخارجية، وتحركاته إقليمياً، ودولياً.

وهذا الدور لملوك بني هاشم، مرتبط بتاريخٍ غنيٍ بالمواقف والأدوار، فكثيراً ما كانت القدس هي الحاضرة في خطابات الملك الحسين بن طلال (طيب الله ثراه)، بقوله في إحدى المقابلات الصحفية: «القدس لها مكانة لا أستطيع أنّ أصفها، بالنسبة إليّ كهاشمي، وبالنسبة إليّ وإلى أسرتي، التي ضحت باستمرار في سبيلها، من الثورة العربية الكبرى حتى اليوم، قائد هذه الثورة يرقد في القدس، إنها كل شيءٍ، والقدس لها عندي المكانة نفسها كمسلمٍ وعربي، كفاحنا من أجلها، وفي سبيل الاحتفاظ بها كفاح لا يهدأ، القدس عربية، والقدس حقنا، ولن نفرط في هذ? الحق، ولو كلفنا حياتنا، أتسألني عن القدس، وتريد جواباً بكلمات؟؟ القدس كل شيء».

وارتبطت القدس بمواقف الملك المؤسس الشهيد عبدالله الأول ابن الحسين، الذي ما تزال تروي الوثائق توجيهاته للجيش العربي في حرب عام 1948م، بحماية الأقصى، والدفاع عن القدس، وبقيت هذه المدينة مرتبطة به، وبجانب مهم من سيرة حياته، حتى استشهد على عتبات المسجد الأقصى.

إنّ ارتباط ملوك بني هاشم بالقدس، هو مبدأ راسخ، مرتبط بدورٍ عميق أثره في التاريخ، ومنذ خدمة رعاية المقدسات في مكة، فقد كانوا السدنة في عهود الإسلام الأموية والعباسية، وتواصل هذا الدور في العصور الاسلامية كافة، وقد تولى الأشراف الهاشميون في العهد العثماني وحتى قيام الثورة العربية الكبرى أمر خدمتها.

وتواصل أمر ارتباط المقدسات الإسلامية وحمايتها بدور بني هاشم، إذ بقيت فلسطين وقضيتها ومقدساتها هي الحاضرة في وجدان وفكر، ومواقف الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه، حتى ووري الثرى في أكناف المسجد الأقصى.

واليوم، فإنّ هذه الأدوار الموصولة بالتاريخ، هي مبدأ أردني ثابت النهج، لا يتبدل ولا يتغير، بهمة وعزيمة مليكنا المفدى، حفظه الله.