أخر الأخبار
الأحزاب وتحديات القبول الشعبي
الأحزاب وتحديات القبول الشعبي
ينشغل الفضاء العام اليوم، بالاحزاب، ويتابع مختصون أين وصل بعضها في إعادة تصويب مساره، بعد أن بلغ عدد من صوب أوضاعه منها العشرة، فيما تنتظر حوالي 17 أخرى استكمال الشروط الجغرافية، والجندرية، والعمرية.
البعض وهو يراقب المشهد، يوجه إليه العديد من الملاحظات، بينها وصف التجربة حتى اللحظة، بأنها إعادة تدويرٍ لذات النخبة السياسية، وأنّ الحديث عن الحراك الحزبي في مجتمعنا، لم يتجاوز بعد حديث النخبة، وأنّ صوت هذا الحراك لا يسمع في مساحات كثيرةٍ في مجتمعنا، والمنشغل معظمه بهمومه المعيشية ويومياته بعيداً عن السياسة وهمومها.
وعلّ هذا الحديث مهم في ضوء غياب التفاعل المجتمعي الكبير، فالاحزاب لا تنشأ بقرارات، ولكن ما قدمت له المنظومة السياسية هو محفزات، ومنشطات للبيئة السياسية الحزبية، وهيأت لها طريقاً يضمن لها السير ضمن المنهاج الذي رسم لها.
البعض متفائل، ويرى أنّ الطريق إلى الحكومات البرلمانية قد خطا خطوته الاولى، وأنّ هذا المشهد الذي تشكل، رغم تواضعه، إلّا أنه أفضل من إعادة إنتاج ذات التجارب السابقة التي لم تساعدنا على النهوض السياسي، والاقتصادي، بل وجعلت كثيراً من الشباب، ومجتمعاتنا في الاطراف يشعرون بأنهم هامش غير قادرٍ على أن يكون له دور.
اليوم، نحن في آخر خطوات الطريق نحو تشكيل الأحزاب، فأمامنا بقي نحو شهرين، حيث منتصف أيار المقبل، هو المهلة لتصويب وضع الأحزاب القائمة، والتي يبدو أنها اختبرت التخمة الحزبية التي كنا نعاني منها، دون أنّ يكون لها أيّ تأثير، ولا ضير من وصف المرحلة السابقة بأنها «مرحلة حمل كاذب»، واليوم هي المرحلة الحقيقية لمن يستطيع الثبات ضمن معايير واضحة، ويكون فعلا ًحزباً ممثلاً لقطاع او شريحة مجتمعية، فمن غير المعقول كان، أن يكون لدينا نحو 58 حزباً، معظمها كانت غير قادرةٍ على إيصال عضو لمجلس بلدي.
معظم التوقعات تشير إلى أنّ 15 حزباً على أقل تقدير ستتجاوز هذه المرحلة، وهو رقم جيد، وينقصه اللون السياسي، وشكل الاصطفافات المقبلة لهذه الاحزاب سواءً في الانتخابات، او في البرلمان المقبل، وشكل التحالفات التي من الممكن أنّ تفضي نهايةً إلى حكومةٍ حزبيةٍ قائمة على برامج واضحة، وعلى ألوانٍ سياسيةٍ وطنيةٍ، بعيدة عما كررناه سابقا، وشكونا منه، وهو «الادلجة» التي لا تنتمي لهذا الوطن.
وحتى «نخفف خلطة» النقد للنخبة، حيث إنّ البعض يشكو من أنّ بعض الأحزاب أعادت إنتاج ذات النخبة، نسأل بالمقابل، عمّن يستطيع ملء الفرغ اليوم، إذا لم تتحرك وجوه معروفة للناس، ولكن ما يؤخذ على البعض من «النقاد» أنهم لم يقتحموا الساحة الحزبية، وبقوا ضمن المراهنات على النجاح أو الفشل.
ورغم ذلك، هناك إجماع على أنّ الإرداة السياسية المتوفرة اليوم، ما تزال تمثل فرصة للأردن، كي يخطو إلى الأمام باتجاه صناعة مشهدٍ سياسيٍ صحيٍ قائمٍ على الاحزاب، ويستطيع إنتاج حكومة برلمانيةٍ مسؤولة أمام برلمان منتخب، وبذلك نخرج من دائرة التلويم التي أتقناها خلال السنوات الأخيرة.
ننتظر انقضاء المهلة، كي نرى كم حزباً سيكون موجوداً على الساحة، كي تبدأ معها مرحلة جديدة من الاختبار، وهو مقدرة هذه الأحزاب على كسب ثقة الناس وتأييدهم، وخلق إحساس بدورهم على إنتاج حكومات برلمانية.
إنّ القبول الشعبي للأحزاب، سيبقى خطوة ضاغطة وملحة عليها جميعها، فتصويب الاوضاع، واختيار البرامج، والإعلام الحزبي، هي كلها أدوات مطلوبة بالمرحلة المقبلة، فنجاح برنامج الإصلاح السياسي المحصن بإرادة ملكية هو مصلحة وطنية عليا.
فما تزال الخطوات الأولى، هي مرحلة تأسيس، والقانون واضح في نصوصه التي تلح عليها بتوسعة قواعدها الشعبية، وطرح برامج قادرة الإقناع...