أخر الأخبار
الملك: متفائل بمستقبل اقتصادنا الوطني
الملك: متفائل بمستقبل اقتصادنا الوطني

عمان - الكاشف نيوز : أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية الاستفادة من آلية التوصل إلى التصور المستقبلي والخطة العشرية للاقتصاد الوطني في تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقال جلالته، خلال لقائه عددا من الفعاليات الاقتصادية، بحضور رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور امس الخميس، في قصر الحسينية، «نواجه اليوم تحديات كبيرة على أكثر من جبهة، وأهمها التحديات الاقتصادية».
ولفت جلالته، خلال اللقاء الذي خصص للاستماع لمختلف الآراء حول الخطة الاقتصادية للسنوات العشرة المقبلة التي كلف جلالته الحكومة لإعدادها بالشراكة مع مختلف الفعاليات الاقتصادية، إلى أن الاضطرابات الإقليمية ولدت ضغوطا شديدة على موارد الأردن المحدودة أصلا، وأثرت سلبا على القطاع الخاص وزادت الأعباء على خزينة الدولة.

وقال جلالته إن الوضع الاقتصادي ببعدي الفقر والبطالة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، تشكل الهم الأول لدينا، أما بخصوص التحديات الإقليمية «فثقتي كبيرة في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية في التعامل معها، وإذا تمكنا من حل مشكلة الاقتصاد لمستقبل الأردن، فسنتجاوز أكبر تحدي يواجهنا اليوم، لأن مشكلتنا ليست سياسية أو أمنية بل اقتصادية».
ولفت جلالته إلى أن مشكلة اللاجئين السوريين تزيد من الضغوطات على الاقتصاد الوطني وبما ينعكس سلبا على مستوى الفقر والبطالة ويزيد من العقبات الاقتصادية الأخرى، مؤكدا «هناك جهود أردنية مع مختلف الأطراف ودول العالم لمساعدة المملكة في تحمل أعباء استضافة اللاجئين التي أثرت سلبا على البنية التحتية والقدرة المؤسسية للمرافق الخدمية».
وأشار جلالته إلى أن الأزمات التي تشهدها بعض دول جوار الأردن أثرت على حجم التجارة الخارجية بين المملكة ودول العالم وخصوصا أوروبا، داعيا إلى بذل المزيد من قبل الحكومة والقطاع الخاص لإيجاد بدائل مناسبة لطرق التصدير.
وحث جلالته القطاعين العام والخاص على التعاون في وضع أولويات الخطة الاقتصادية بما يسهم في تحقيق عنصر الشراكة والعمل بجدية وشفافية للتعامل مع التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني، معربا عن تفاؤله حيال ما يمكن أن تحققه الخطة الاقتصادية من تطوير لقدرات الاقتصاد الأردني في مواجهة مختلف التحديات، لاسيما عجز الموازنة.
وبموازاة ذلك، دعا جلالة الملك الحكومة والمؤسسات المعنية لتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال العرب والأجانب، للاستثمار في المملكة، التي أصبحت بفضل منعة الأردن واحة أمن واستقرار في المنطقة، لتشكل البيئة الأنسب لبدء الأعمال والاستثمار، ولما تتوفر فيها من مزايا تنافسية وفرص اقتصادية.
وأكد جلالته، أنه ورغم التحديات التي تحيط بالأردن إلا أن هناك فرصا يمكن استثمارها والبناء عليها، وهذا يتطلب السرعة في إنجاز الخطة الاقتصادية وترتيب الأولويات وإعادة النظر في الإجراءات والقوانين المتعلقة بذلك، بما يزيل معيقات الاستثمار ويفتح أفاقاً أوسع أمام القطاع الخاص، وتفعيل النافذة الواحدة.
وأشار جلالته، في هذا المجال، إلى أهمية الشراكة والعمل بروح الفريق بين كافة الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص، لحل المشاكل التي تواجهنا، والتي هي واضحة للجميع، بعيداً عن التشكيك بأن هناك حرس قديم وأخر جديد، ما يتطلب وضع الاصطفاف جانباً وان يمارس الجميع دوره بمسؤولية ووطنية.
وقال جلالته، في هذا الإطار، «إننا ندرك أن الاضطرابات الإقليمية أنتجت أزمة لاجئين متفاقمة، وعطلت طرق التجارة الرئيسة، وأغلقت أسواق تصدير يعتمد عليها الأردن بشكل كبير، وزادت تكاليف الطاقة مما فرض تحديات غير مسبوقة على الشعب الأردني والقطاع الخاص والحكومة وانعكست سلبا على معيشة المواطنين».
وأعرب جلالته عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد الوطني، خصوصاً في ظل استعداد واهتمام عدد من الدول الشقيقة والصديقة لمساعدة الأردن، في تطبيق برامجه التنموية، والتغلب على تداعيات الأزمات الإقليمية على اقتصاده.
وأكد أنه «ولضمان نجاح هذه الخطة العشرية والوصول لاقتصاد مزدهر ومرن وشامل، يضمن تكافؤ الفرص لجميع أبناء وبنات الوطن، يجب أولا أن يؤمن شعبنا بها، ما يستلزم إعدادها من خلال العمل الجماعي بين الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني».
وشدد جلالة الملك على وجود الفرص رغم كل التحديات، وقال «لقد علمنا تاريخنا أنه حتى في أوقات الاضطرابات في المنطقة هناك فرصا للأردن لاستغلالها، وهذه هي العقلية التي نحتاجها لنجاح الخطة الاقتصادية العشرية».
واستمع جلالته، خلال اللقاء، من ممثلي القطاعات الاقتصادية إلى ملاحظاتهم حول مجمل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني بشقيه الجزئي والكلي، مؤكدا جلالته على ضرورة متابعة ملاحظات القطاع الخاص والتأكد من أن تعالج الخطة العشرية التحديات التي تواجهها القطاعات الاقتصادية كافة.
وأكد جلالته أهمية مساهمة ممثلي القطاع الخاص بالخطة العشرية وعدم الاكتفاء بالتشخيص وان تتضمن مقترحات وإجراءات عملية قابلة للتنفيذ وفق جدول زمني، وضمن توافق وطني شامل للوصول بالأردن إلى بر الأمان وضمان مستقبل للأجيال القادمة.
واشتملت الملاحظات التي أبداها ممثلو الفعاليات الاقتصادية على ضرورة ضمان الاستقرار في القوانين والأنظمة والتعليمات التنفيذية لها، وتوحيد جهود القطاعين العام والخاص وضمان الشراكة بين الطرفين، وزيادة الإنتاجية وتوفير فرص العمل.
كما دعوا إلى ضرورة أن تتوافق التشريعات الاقتصادية التي ينظر بها مجلس الأمة والمستقبلية منها، مع الخطة الاقتصادية العشرية، وان تراعي ملاحظات القطاع الخاص حول هذه التشريعات. وطالبوا بالاهتمام بالسوق المالية والعقارية والنشاط الإسكاني في المملكة، حيث بدأت تشهد هذه القطاعات تراجعا في حجم الاستثمار وخروج مستثمرين أردنيين إلى دول أخرى في المنطقة.
ودعوا إلى أن تتضمن الخطة الاقتصادية العشرية إجراءات تضمن دعم الصناعة بشكل عام والموجه للتصدير بشكل خاص، مثل صناعة الأدوية وتكنولوجيا المعلومات، وزيادة القيمة المضافة للصناعة الوطنية، واستثمار اتفاقيات التبادل التجاري مثل اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية، واستغلال الطاقات البشرية والكفاءات الأردنية بأفضل وجه ومن ضمنهم المتقاعدين العسكريين.
وشددوا على ضرورة توحيد المرجعيات التي تعنى بالاستثمار، وإزالة العقبات البيروقراطية واختصار الإجراءات أمام المستثمرين، وتسهيل وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة لمصادر التمويل الميسر، وتسهيل إجراءات حصول المستثمرين على تأشيرات دخول للمملكة وإذن الإقامة السنوي.
بدوره، قال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور في مداخلة له رداً على الملاحظات التي طرحها الحضور، «أننا متفقون على الأولويات والأهداف التي هي واضحة للجميع، لكن الاختلاف في الآراء موجود حول الأسلوب والكيفية والسرعة في الوصول إليها».
واستعرض النسور ما تم إنجازه من تشريعات اقتصادية، ضمن منظومة الإصلاح التي يتبناها جلالة الملك، لافتاً إلى أن الحكومة أنجزت مشروع هيكلة المؤسسات العامة بدون تسريح الموظفين، بالإضافة إلى تقليص حجم الوظائف العامة للتخفيف عن الموازنة.
وأكد النسور أهمية قانون الاستثمار في توحيد المرجعيات المعنية بالقرار الاستثماري بحيث إذا لم يتم إجابة طلب الاستثمار والإعفاء خلال المدة المحددة بالقانون يصبح الطلب مجابا بحكم القانون، داعيا إلى تضافر جهود القطاع الخاص مع المؤسسات الحكومية في هذا المجال وعدم التردد في إبداء أية ملاحظات حول أداء المؤسسات والموظفين على السواء.
ولفت الدكتور النسور إلى أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الأمة، بشقيه الأعيان والنواب، في تقديم المشورة والإسراع في مناقشة وإقرار حزمة التشريعات خصوصا الاقتصادية، حيث يتم حاليا مناقشة قانون الشراكة وقانون الاستثمار في مجلس الأعيان.
وفيما يتعلق بملاحظات القطاع الخاص حول قانون ضريبة الدخل، قال الدكتور النسور «أنا مقتنع انه كلما قلت الضريبة سيكون أفضل للاقتصاد الوطني، لكن لدينا ظروف مالية صعبة تعاني منها الخزينة، وعلينا ضرورات يتطلبها برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني».
وأشار إلى إنجاز الإصلاحات الدستورية المتعلقة بالهيئة المستقلة للانتخابات وقوانين الأحزاب واللامركزية والبلديات وسيليها قانون الانتخاب، حيث تعظم جميعها العملية الديمقراطية وتضمن إصلاح شمولي.
وحول تحدي الطاقة وتأثيراته على الاقتصاد الوطني، أكد أن الحكومة رخصت 12 مشروعا في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى جانب العمل على تجهيز رصيف الغاز في العقبة، منوها إلى أن الحكومة تعمل على إعادة النظر في سعة الشبكة الكهربائية لتستوعب أحمالا إضافية من مشروعات الطاقة المتجددة، إلى جانب مشروع للطاقة المتجددة الاستراتيجي مع دولة الإمارات العربية الشقيقة لتوليد ما يقارب 1000 ميجا وات من الطاقة الشمسية والرياح.
وفيما يتعلق بمشروع خط النفط بين البصرة والعقبة، أكد الدكتور النسور أن الأحداث السياسية والأمنية التي تشهدها الساحة العراقية لم توقف العمل بالمشروع.
وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور إبراهيم سيف عرض في بداية اللقاء مجموعة من الملاحظات التي قدمها ممثلو القطاع الخاص ليصار إلى الاستفادة منها في إعداد الخطة الاقتصادية، وفق التوجيه الملكي للحكومة بالشراكة بين كافة القطاعات.
وبين أن الحكومة عقدت سلسلة اجتماعات تواصلية وتشاورية ضمن اللجان القطاعية الستة عشر، للاستماع إلى مختلف وجهات النظر حول الاقتصاد الأردني، والإسراع في إنجاز تصورات وعرضها في مؤتمر وطني سيتم عقده في بداية أيلول المقبل سيتبعه مؤتمر ختامي لعرض كل ما تم التوصل إليه ضمن التصور الوطني للاقتصاد في السنوات العشرة المقبلة.
وأشار إلى أن حل التحديات المتعلقة بالطاقة والمياه، سيساهم في التغلب على المشكلات التي تواجه مختلف القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن أن تطبيق القوانين بشكل فاعل وتحسين الإجراءات الحكومية وتحقيق الاستقرار في التشريعات المعنية يعتبر من أبرز المنطلقات التي يمكن الاستناد عليها في إعداد الخطة الاقتصادية.
وأشار سيف إلى أن الخطة الاقتصادية ستبني في إعداد محاورها على مخرجات مجموعة كبيرة من الدراسات والخطط والاستراتيجيات الاقتصادية السابقة والمعمول بها حاليا لتحقيق أهداف وطنية تتمثل في رفع نسبة مشاركة الشباب والمرأة في سوق العمل، وتقليص الفجوة التنموية بين المحافظات، وتعزيز الإنتاجية وقيم الاعتماد على الذات.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا) قال رئيس جمعية البنوك في الأردن باسم خليل السالم إن اللقاء كشف بوضوح اهتمام جلالة الملك بمشكلتي الفقر والبطالة كأولويات في المجال الاقتصادي، فضلاً عن حرص جلالته على استقرار المملكة والدعم الدولي لها، في التعامل مع مختلف التحديات التي تواجهها.
وأضاف أن من واجب القطاع الخاص التشارك والتشاور مع الحكومة وجميع الأطراف، لوضع خطة إستراتيجية طويلة الأمد، وبحث المعيقات التي تعرقل الاستثمار، لافتاً إلى أن الحكومة بدورها كانت متعاونة مع المقترحات التي قدمها ممثلو القطاعات الاقتصادية، بما يؤكد أن التوجه والهدف واحد لجميع الأطراف بما فيه مصلحة الأردن.
بدوره عرض رئيس جمعية السياحة الوافدة منير نصار، المشاكل والمعيقات التي يواجهها قطاع السياحة في المملكة، والتي لازالت تراوح مكانها بلا حل منذ سنوات، والتي أعيد طرحها اليوم في اللقاء أمام جلالة الملك، ليتم وضع مقترحات في الخطة الاقتصادية، تضمن التغلب عليها.
ولفت نصار إلى أن تفعيل القوانين الناظمة للاقتصاد وتطبيقها، هي الأهم في عملية النهوض بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، مشيراً إلى ضرورة إجراء مراجعة دورية وسنوية للخطة الاقتصادية المنوي إقرارها، ومراقبة تطبيق بنودها.
وأعرب رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي عن تقدير القطاع الخاص لاهتمام جلالة الملك بإعداد الخطة الاقتصادية وتوجيهه الحكومة للتشاور مع ممثلي مختلف القطاعات، لافتاً إلى أهمية أن يتبع مرحلة إعداد الخطة تنفيذها على ارض الواقع، لما تتضمنه من ايجابيات تؤدي بالنفع على الاقتصاد الوطني وبالتالي المواطن الأردني.
وأكد أن هذا اللقاء هو بمثابة رسالة تتعلق بالاستثمارات المحلية والأجنبية وتفعيل الاتفاقيات البينية مع الدول بهذا الخصوص، مشيراً إلى أن اللقاء يجب أن يتبعه لقاءات متخصصة لمناقشة متطلبات وتحديات كل قطاع على حدى.
بدوره، قال نقيب مقاولي الإنشاءات الأردنيين أحمد الطراونة، إن اللقاء مع جلالة الملك تخلله حديث بكل وضوح وصراحة حول جيوب الفقر المرتبط وجودها بمستوى البطالة، لافتاً إلى أن التدريب والتأهيل المهني والتقني للشباب هو الوسيلة للحد من البطالة، عبر توفير تمويل لمشاريع صغيرة للفئة المدربة من الشباب، من خلال صندوق التنمية والتشغيل.
وأضاف أن اللقاء تضمن حواراً حول توطين رأس المال الوطني والاستثمارات المحلية، والاستفادة من ميزة الاستقرار والأمن التي ينعم بها الأردن، إلى جانب التشريعات الناظمة للاستثمار، بخاصة في ظل قرب إقرار قانون الشراكة مع القطاع الخاص وقانون الاستثمار من قبل مجلس الأمة.
وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، ومحافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز، ووزير الصناعة والتجارة والتموين الدكتور حاتم الحلواني، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور منذر الشرع، ورئيس لجنة الاستثمار في مجلس الأعيان الدكتور رجائي المعشر، ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الدكتور خير أبو صعيلييك وعدد من رؤساء المؤسسات الاقتصادية والفعاليات الاقتصادية المختلفة.
وكان جلالة الملك قد وجه الحكومة بوضع تصوّر مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشرة القادمة، وفق إطار متكامل يعزز أركان السياسة المالية والنقدية ويضمن اتساقها، ويُحسِّن من تنافسية الاقتصاد الوطني، ويُعزِّز قيم الإنتاج والاعتماد على الذات، وصولاً إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأكد جلالته في الرسالة أن نجاح التصور المستقبلي مرهون بإتباع نهج تشاركي وتشاوري مع جميع الجهات والفعاليات من مؤسسات حكومية، ومجلس الأمة، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع المحلي، مع ضرورة البناء على الجهود والدراسات المؤسسية والمتراكمة ومنها: مخرجات لجنة تقييم التخاصية، وإستراتيجية تنمية المحافظات، والإستراتيجية الوطنية للتشغيل والاستفادة منها في عملية رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية.