أخر الأخبار
قمة ومعجزة
قمة ومعجزة
كان يمكن للقمة العربية التي ستنعقد نهاية الأسبوع في السعودية الشقيقة أن تبدأ أعمالها مع حدث إيجابي حتى وإن كان له معارضون؛ وهو بدء مسار السعي لحل سياسي للأزمة السورية بقيادة عربية، وعودة سورية إلى الجامعة العربية، لكن أزمات أخرى مهمة ستترك آثارها على أعمال وأجواء القمة.
السودان ورغم الجهد الكبير الذي بذلته السعودية في جمع طرفي الأزمة للحوار وتوقيع تفاهم، إلا أن طبيعة الأزمة أنها صراع، يؤمن كل طرف أن نهايته بهزيمة الطرف الآخر، وهي أزمة رغم النوايا الحسنة من دول عربية عديدة نحوها، إلا أنها تسير تجاه التحول إلى صراع طويل الأمد، ليس هدف كل من يزيد نيرانه مساندة البرهان أو خصمه، بل الهدف أن يذهب السودان إلى مرحلة الفوضى وغياب الدولة، بحيث يكون التقسيم وظهور دول جديدة الخيار المفضل لوقف الصراع، فالسودان ورغم كل الغرق في الحروب والانقلابات وما جلبه هذا من غياب تنمية حقيقية وبنية تحتية متردية خلال عقود مضت إلا أنه بلد غني بالنفط والذهب وخيرات عديدة تتجه نحوها عيون دول وشركات.
القمة ستجد نفسها في مواجهة أزمةٍ كلُ القادة يدركون أبعادها الحقيقية، ويعلمون أين تمتد جذورها ومن هم قادتها الحقيقيون، وستتحدث القمة عن ضرورة التفاوض والحوار والوصول إلى حل يحفظ للسودان سيادته ووحدته، لكن القمة وخارجها يعلمون أن الصراع في مسار لن يوقفه أحد حتى يصل إلى نهايته المأساوية.
وقبيل القمة كان العدوان على غزة وهو عدوان يتكرر كل عام أو أقل، وله سيناريو متشابه في كل مرة مع بعض الاختلافات أحيانا، لكن العدوان على غزة الذي انتهى فصله الأخير باتفاق تهدئة جزء من الملف الفلسطيني الذي أصبح الانقسام الفلسطيني أحد عناوينه، وأيضا التوجه سريعا للمجتمع الإسرائيلي نحو اليمين والتطرف، وأصبح أكثر ما يمكن عمله إطفاء الحرائق الناتجة عن سياسات الاحتلال في القدس والضفة وغزة ولم يعد هناك أي مساحة لخطوات سياسية نحو حقوق الشعب الفلسطيني ودولته، لكن القمة ستؤكد حق الدولتين وقرارات الشرعية الدولية وهذا ما يجب ألا يغيب ولو نظريا.
عقود أخيرة زرعت أزمة في كثير من بلاد العرب، وهناك أزمات تحولت إلى واقع مثل ليبيا والعراق وربما لبنان، وصنعت تحولات سلبية جدا في أزمات وغيّرت في معادلات القضية الفلسطينية بحيث لم تعد أزمات العرب تحتاج إلى قمة بل إلى معجزة، لكن القمة مهما كان الناس متفائلين أو متشائمين من نتائجها، ما زالت هدفا بحد ذاتها أو إطارا يعبّر عن حالة عربية، حتى وإن كانت متخمة بالأزمات التي مفاتيح بعضها أو ربما أغلبها ليست بيد العرب.