أخر الأخبار
أول ملك عربي يؤدي صلاة الجمعة في تركيا
أول ملك عربي يؤدي صلاة الجمعة في تركيا
زيارة الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين في كانون الثاني عام 1947م، إلى تركيا، هي واحدة من الزيارات التاريخية التي ما تزال تحفل بذكرها العديد من الوثائق، وتنقل إلينا ما جاء في تلك الزيارة التي تعبر عن توجهٍ أردنيٍ، وانفتاحٍ باكرٍ على المنطقة.
ومن بين ملامح تلك الزيارة، أو ما أرخ لها، أن الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، كان أول ملك عربيٍ يؤدي الفرائض الدينية وصلاة الجمعة في مساجد تركيا، منذ انهيار الامبراطورية العثمانية.
ويقول تقرير صحفي أعد عن الزيارة آنذاك، «لم يستقبل جلالة الملك المعظم في الأوساط التركية من رسميةٍ وشبه رسميةٍ بصفته ملكاً عربياً فحسب، وإنما كان الحافز الأول الذي دفع الجماهير إلى استقبال جلالته في مختلف المحطات والأماكن التي عرج عليها بتلك الحرارة، هو الرغبة الكاملة في اجتلاء طلعة حفيد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) والتشرف بلثم أنامله الكريمة، رغم رداءة الأحوال الجوية، وهذا ينم عن شدة تعلق القوم ببيت النبوة، واحترامهم للشعائر الإسلامية».
وكان الملك المؤسس عبدالله الأول، محط أنظار الصحف والنخب التركية في تلك الزيارة، والتقى بالرسميين، وبزعماء دينيين، وشعبيين، ومن مشاهد تلك الزيارة أن «جلالة الملك صادف شيخاً مسناً في إحدى المحطات على رأس عددٍ كبيرٍ من المستقبلين، وكانت الثلوج والأمطار تنهمر بغزارةٍ والبرد قارس يدمي الأجسام، فوجه جلالته كلامه إلى شيخٍ تجشم مشاق السفر في سبيل الاحتفاء بجلالته، فأجاب بحرارةٍ تنبعث من قلبٍ طافحٍ بالإيمان: أليست الرحمة من أسماء المطر، فنرجو من جلالة مولانا أنّ لا يحرمنا من هذه الرحمة، فأجاب جلالته معجباً بهذا الإ?مان الراسخ والبديهة الحريصة: أهلا وسهلاً بك يا شيخ».
هذه مواقف نقلتها الصحافة آنذاك عن الزيارة، ورسمت بدقة تعابيرها، وبينها أن «جلالة الملك أعجب كل الإعجاب بنظافة المساجد في تلك البلاد، وشدة العناية بها وتزيينها وزخرفتها، وأعتقد أن تركيا لا بدّ من أن تدخل تعديلاتٍ محسومةٍ على اتجاهاتها في القريب العاجل، وطبعها بطابع الإسلام».
ومن بين من التقاهم الملك المؤسس، خلال تلك الزيارة، أحد كبار علماء الأتراك في تلك الفترة، وهو حمد الله صبحي بك، وهو أحد كبار علماء الأتراك، والعضو في المجلس الإسلامي، وكان قد تقدم بمشروعٍ للحكومة التركية يرمي إلى تقوية الروح الدينية في المدارس وجميع المعاهد والأوساط».
ومما ينقل عن تلك الزيارة، بأنّ جلالة الملك المؤسس، بحث إيجاد اتحادٍ بين الحكومات الإسلامية، واستطلع الرأي بشأن هذا المشروع، الذي يتألف من تركيا، العراق، الأردن، إيران، الأفغان، والهند المسلمة، وغيرها..–وذلك كما نقل عن هذا المشروع-.
وأيضاً، كانت «الصحف التركية خلال الزيارة تتبارى في التحدث عن جلالة الملك وتعداد مناقبه، ووصف الاحتفالات الشائقة التي أقيمت على شرف جلالته».
ووصفت المعاهدة التي تمخضت عن تلك الزيارة بين عمّان وأنقرة، أنها كانت تعبر عن «سياسة التقارب والوئام بين الأتراك والعرب، والتي ينتظر أن تزداد رسوخاً وتمكيناً».
ومن بين الملامح الأخرى لتلك الزيارة، تصريح رئيس وزراءٍ تركيٍ عنها بالقول «إنّ خير من تكلم التركية بيننا هو جلالة مليككم، الذي نشأ وقضى أيام شبابه في الأستانة»، في إشارةٍ إلى إطلاع الملك المؤسس على الأدب التركي.
إنّ هذه الزيارة أدت إلى تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين عمّان وأنقرة، ذلك أنه بعدها جرى في عمان استقبال أول وزير مفوض من تركيا.
لقد أرسى الملك المؤسس نهج السياسة الخارجية الأردنية المنفتحة على الآخر في المنطقة، وبادر بنفسه لتأسيس هذه الصلات في زياراتٍ تاريخيةٍ خارجية عدة.