أخر الأخبار
الحرية .. قيمة أردنية أصيلة
الحرية .. قيمة أردنية أصيلة
قبل أيامٍ، وفي خضم النقاش حول قانون الجرائم الإلكترونية، تحدث جلالة الملك عبدالله الثاني، قال جلالة الملك عبدالله الثاني، إن الأردن هو ليس دولة تعسفية، ولن يكون أبداً، «وتاريخنا يشهد على ذلك».
ما يستدعي التذكير بهذا التصريح الملكي، في خضم نقاشِ وطنيٍ معتاد حول أي قانون مفصلي هو أن التاريخ الأردني زاخر بهذا النهج الذي أرساه ملوك بني هاشم منذ بدايات التأسيس لوطنا، وبين يدي واحدة من وثائقنا الوطنية التي تشرح الفهم الأردني الباكر، والمتقدم لحرية الإنسان، وفي لحظةٍ تاريخيةٍ هامةٍ، عام 1947م.
ففي مرسومٍ ملكيٍ بتشكيل حكومة سمير الرفاعي، في 4 شباط 1947م، يقول الملك الشهيد المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، مرسياً نهج الحكومة الجديدة آنذاك وعناوينها «نعهد إليكم بعد الإتكال على الله – سبحانه وتعالى- في أن تقوموا بمسؤولية العهد الجديد، متكلين على الله، وعلى ثقتنا بكم مع العلم أنه عهد حريةٍ واستقلال وعهد إنشاءٍ وإجمال، ويجب التعاون فيه بين الأمة ومجلسها النيابي، والحكومة الرشيدة، تعاوناً حقيقياً لا يرمي فيه إلا الوصول إلى الهدف المقصود المعين، ولا شك في أن الناس، قد ولدوا أحراراً وليس لأحدٍ أن ينتقص من تجربتهم أو يتجاوز على حقوقهم، فإن الله قد جعل لكل على كلٍ حق، وكذلك فإنه لا ينبغي سوء تفسير الحرية والتورط في ما تورطت فيه غيرنا من الأمم».
ويتابع كتاب التكليف السامي، الذي جاء في بواكير الاستقلال، وتأسيس المملكة، بالتحذير من أن «يركب كل أمرئٍ رأسه فيقول عهد الحرية، ويتجاوز على غيره في حقوقه أو عرضه، فإن الحرية تصون الناس من الناس، حيث لا إفك ولا بهتان ولا اعتداء، بل أخوة وتساوٍ ورفقٍ، بهذا تكون الأمم الحرة مضيفةً إلى حريتها شرف مبادئها، وكمال أخوتها».
ويؤكد كتاب التكليف السامي، آنذاك، أن السعي هو صيانة الحقوق بالقانون، «وللنظام وادعة مسالمة ضمن حقوقها، التي يجب عليها المحافظة لها، وصونها من غير تلكؤٍ أو تردد، فالحر حر ما احترم حرية غيره ومعتدٍ متجاوزٍ ان هو تطاول على غيره».
هذه الفلسفة التي أرساها الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، بقيت تسري في وجدان، وأسلوب الدولة الأردنية، حتى باتت واحدةً من سماتها، إذ يقول الملك المؤسس في كتاب التلكيف «القانون مودع في أيدي الأكفاء من الرجال، هو ميزان حق يجب أن لا يميل هنا أو هناك»، ويوجه الحكومة بالقول «فعليكم العمل بهذا، وعلينا أن نراقب مجال الأمور» ويختم بالقول «والله المعين لنا، ولكم وهو حسبنا ونعم الوكيل».
هذه القراءة في أولى كتب التكليف السامي في عهد الاستقلال، هي جزء من سيرة بلدٍ ما تزال وثائقه تروي عنه كيف أسس لوطنٍ كريمٍ يفهم معنى الحرية المسؤولة، وقبل أن تصبح الفضاءات والمجالات مزدحمة، وأن تعاد النظر في النصوص، فهذا الوطن جوهر أرساه ملوكه، وهو وفيّ لإرثه، ولحاضره، ومستقبله، فالإنسان هنا كريم بفكره المسؤول المنتمي لثوابت لطالما بذل الأردن لأجلها، ولأجل إنسانه.
حمى الله الأردن الهاشمي عزيزاً، كريماً.