أخر الأخبار
الغموض يلف ملابسات إطلاق الرهائن الأتراك في الموصل
الغموض يلف ملابسات إطلاق الرهائن الأتراك في الموصل

انقرة - الكاشف نيوز : انتهت، فجر أمس، أزمة الرهائن الأتراك الذين كان تنظيم «داعش» يحتجزهم، منذ سيطرته على مدينة الموصل العراقية في 12 يونيو (حزيران) الماضي، بعودتهم إلى بلادهم بعد إطلاقهم في عملية شابها الكثير من الغموض، وتكتمت السلطات التركية حول تفاصيلها.

وفي حين رفض مسؤول في مكتب رئيس الوزراء التركي التوضيح ظروف العملية، مستعينا بالعبارة الشهيرة «لا أرى.. ولا أسمع.. ولا أتكلم»، تضاربت المعلومات الرسمية حول إطلاقهم بين رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان، الذي وصف استرجاعهم بأنه كان ثمرة «عملية ناجحة»، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي اكتفى بالقول في بداية الأمر: «إننا استرجعنا الرهائن»، بينما قال أحد نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم إن العملية نفذتها الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، ملمحا أنها لإزالة الذريعة التركية بعدم التدخل في الحرب ضد «داعش».

لكن مصدرا تركيا معارضا شكك في الرواية الرسمية. وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه: «نحن فرحون باستعادة أبنائنا، والآن تهمنا النتيجة، لكن لا بد من الأسئلة في وقت لاحق».

وأشار المصدر إلى أن المعلومات عن تحرير الرهائن بالقوة «مشكوك فيها»، مستدلا على ذلك بأن الرهائن كانوا قد وُزعوا على 8 مجموعات وُضعت في أماكن مختلفة، كما أنهم وصلوا إلى تركيا عبر معبر تل أبيض بين سوريا وتركيا الذي سيطر عليه «داعش» منذ أيام في معركته ضد أكراد سوريا، مما يعني أنهم مروا من الأراضي العراقية إلى الأراضي السورية التي يسيطر عليها «داعش» ووصلوا إلى تركيا، وهذا لا يحدث إذا ما جرى تحريرهم بالقوة.

واستقبلت قوات الأمن التركية العائدين في بوابة «أكجه قلعة» الواقعة في مدينة شانلي أورفه جنوب تركيا في الساعة الخامسة من فجر أمس، ومن ثم نقلتهم إلى مركز المدينة للخضوع للفحوص الطبية اللازمة.

وقالت مصادر تركية إن عملية إنقاذ الرهائن أشرفت عليها دائرة العمليات الخارجية، في جهاز المخابرات الوطنية التركية، ووصفتها بأنها كانت «عملية محلية»، تماما. وذكرت المصادر أن دائرة العمليات الخارجية، قامت بدراسة وتحليل جميع عمليات الخطف التي قام بها «داعش» سابقا، في سوريا والعراق وأفغانستان، عقب خطف موظفي القنصلية التركية في الموصل، وأنها «أطلقت عملية ذات نفس طويل لتحريرهم بسلام».

وقالت المصادر إنه في ضوء ذلك، وضعت دائرة العمليات الخارجية استراتيجية تعتمد على موظفيها المحترفين، وعناصر محلية في المنطقة، وطائرات من دون طيار، وأجهزة اتصالات إلكترونية، وتمكنت من إنقاذهم في نهاية المطاف. وذكرت المصادر أن موظفي القنصلية جرى احتجازهم في 8 أماكن مختلفة بالموصل، وكانوا تحت متابعة مستمرة من خلال طائرات من دون طيار، وعناصر أخرى، على مدار 101 يوم، منذ اليوم الأول لاختطافهم، مؤكدة أنه لم يجرِ دفع أي فدية، ولم تقبل أي شروط مقابل إطلاق سراحهم.

ورغم التوصل لإمكانية تحرير الرهائن لنحو 5 أو 6 مرات، فإن العملية تأجلت بسبب ظروف الحرب في المنطقة، وفقا للمصادر التي أشارت إلى أن العملية الأخيرة تأخرت قليلا، بسبب الاشتباكات بين «داعش» وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي السوري)، وأن الرهائن دخلوا إلى تركيا، عبر بلدة تل أبيض الخاضعة لـ«داعش»، في محافظة الرقة السورية، وليس عن طريق المنطقة الكردية. لكن النائب شامل طيار، عضو الحزب الحاكم، ناقض المعلومات الرسمية بتأكيده أن عملية إطلاق سراح الرهائن الأتراك جاءت بمبادرة وحملة قادتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وقال في تغريدات على حسابه في «تويتر» إن بقاء الرهائن الأتراك في يد تنظيم «داعش» كان أحد المبررات لعدم مشاركة تركيا في العملية المقرّر تنفيذها ضد هذا التنظيم، من خلال التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وأن الإفراج عنهم في هذا التوقيت الحساس جاء في أعقاب حملة وكالة المخابرات المركزية الأميركية.

وأعلن رئيس الوزراء التركي، في ساعة مبكرة من صباح أمس، من العاصمة الأذربيجانية باكو، إطلاق سراح الرهائن الأتراك، لافتا إلى أن هيئة الاستخبارات التركية لعبت دورا كبيرا للغاية حتى جرى إطلاق سراح الرهائن، وأشار إلى أن الاستخبارات التركية تمكنت من إحضار المواطنين الأتراك إلى وطنهم، من خلال عمل نفذته بأساليبها الخاصة. أما إردوغان، فقد أعلن أن إنقاذ الرهائن الأتراك جرى «نتيجة لعملية ناجحة».

وقال بيان صادر عن إردوغان: «تمكنا، إثر عملية ناجحة من إنقاذ قنصلنا في الموصل وعائلته والمواطنين الأتراك الذين اختطفوا من القنصلية وبقوا محتجزين في العراق لفترة. نحمد الله على سلامتهم، ونهنئ الشعب التركي».

وأشار إردوغان إلى أن «العملية التي أسفرت عن إطلاق سراح الرهائن جرى التخطيط لها مسبقا بشكل جيد، وحساب جميع تفاصيلها، ونفذت بسرية تامة طوال ليلة أمس (أول من أمس)، وانتهت بنجاح في وقت مبكر من صباح اليوم (أمس)».

واصطحب رئيس الوزراء التركي أحمد داود الرهائن على متن طائرته الخاصة، مؤكدا أمامهم أن التجارب التي واجهتها الأمة التركية أظهرت أنها تحولت إلى كيان واحد، وتكاتف بين مسؤولي الدولة في ظل الظروف الصعبة، قائلا: «نسأل الله أن لا نعيش آلاما أخرى».

من جانبه، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أغلو، أن إطلاق سراح الرهائن جاء نتيجة لجهود طويلة، جرى تنفيذها بصبر، وإتقان، وسرية. وقال إن وعودا بإطلاق سراح الرهائن، جرى التعهد بها خلال المباحثات التي جرت عبر وسطاء، إلا أنه لم تُنفّذ تلك الوعود، مضيفا أنه «جرى منح مهلة نهائية حتى (20) سبتمبر (أيلول)، لذلك جرى القيام باللازم في ذلك التاريخ».

من جهته، ذكر ناشط مدني مطلع من الموصل أن «داعش» أفرج عن الرهائن الأتراك بموجب اتفاق مع الجانب التركي، يتضمن تقديم أنقرة لمساعدات عسكرية وطبية للتنظيم، مبينا أن «داعش» نقل خلال حظر للتجول أعلنه في الموصل، أول من أمس، الرهائن إلى الحدود السورية - التركية.

وأضاف الناشط المدني، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «الرهائن الأتراك كانوا محتجزين في منزل النائبة السابقة في ائتلاف (متحدون) وصال سليم في حي المالية شرق الموصل، ونُقلوا بحافلات إلى سوريا، ومنها إلى تركيا».

وتابع الناشط: «الاتفاقية المبرمة بين (داعش) وتركيا تتضمن علاج جميع جرحى التنظيم في المستشفيات التركية، وتسهيل الجانب التركي لمرور عناصر (داعش) من أوروبا إلى تركيا، ومنها إلى سوريا والعراق، وإمداد التنظيم المتشدد بالسلاح، ومهاجمة حزب العمال الكردستاني».