أخر الأخبار
نظرية المؤامرة .. نحن من تآمرنا على انفسنا !!
نظرية المؤامرة .. نحن من تآمرنا على انفسنا !!
عادة ما يضع دعاة نظريات المؤامرة هدفاً لصانعي ومروجي الأخبار الكاذبة في كل مناسبة، مساهمين بذلك في زيادة انتشار الزيف وخدمة أهدافهم، إذ تدفع عقول دعاة نظريات المؤامرة عند الشعور بالاستياء إلى قيامهم بربط الأحداث الكبيرة بمعتقداتهم، مما يجعل نظرتهم للحياة مختلفة بعيدة عن الواقع، ويدفعهم هذا الشعور إلى الدفاع عن نظريتهم. وغالبا تشتمل نظريات المؤامرة على كيان أو جهة أو شخص مسؤول عن التآمر على الشخص المؤمن بنظرية المؤامرة، والاقتناع بكونه ضمن فريق الضحية، فتضطره حالته النفسية إلى الابتعاد عن الحقائق المبسطة والمساهمة في ترويج ونشر الأخبار الكاذبة ذات النظريات المعقدة.
إن عقول أتباع نظريات المؤامرة بسيطة، تبحث عن أي سبيل متعلق بالعاطفة حتى تستدل بمجموعة مُعتقداتها ومبادئها الأخرى في الربط بشكل غير منطقي وعلمي بينها وبين ما تراه من أخبار مزيفة لتصديقها واتباعها بدلاً من التحقق منها بطريقة علمية، بل قد يصل الأمر إلى الإيمان باللامصادفة نهائيًا كما هي الحال في الأمور الكبرى التي يؤمنون بأن هناك من يقف وراءها دومًا وأن هناك مخططاً عالمياً يستهدفهم كنظرية أن شركات الأدوية متآمرة علينا بتصنيع وباء كورونا من أجل كسب الأموال.
وما سمح بتعزيز انتشار هذه الظاهرة هو الطريقة التي تعمل بها منصات التواصل الاجتماعي بخوارزمياتها المبنية على أساس "ما يطلبه المشاهدون" في توزيع وتصنيف المحتوى، بهدف جلب المحتوى الجذاب لكل شخص وفق رؤيته لجميع أمور الحياة، حتى إن كانت خاطئة، بحسب تفاعلاته عبر تلك المنصات، خالقةً بذلك البيئة المثلى لتفشي التضليل، بدلا من الحد منها، بعيدا عن أن هذا الأسلوب يساهم في تعزيز الانقسام بين كل مواطن واخر بزيادة قناعة كل فريق برأيه دون التفتح على الآخر.
وإذا ما انتقلنا من الفضاء الرقمي إلى غرف الأخبار، فسنجد من متابعة سيل الأنباء المتواردة أن أكثر أنواع التضليل قوة في التأثير يكون في ما يتحدث عنه كثير من الناس في الوقت الحالي، ويفتقر هذا الموضوع الرائج إلى المزيد من المعلومات لحداثته، مما يدفع بالمُضللين إلى استغلال تلك الفجوة فوراً عن طريق بث ما هو عار عن الصحة .
ومن هنا ومن خلال كل ما تم ذكره من صناعة للمؤامرة سواء من قبل المُضللين أو المطبلين ، فاننا نجد اننا نحن من تآمرنا على انفسنا من خلال ، نقل اخبار تتصف بسمعت ، ووصل إلى مسامعي ، في حين اننا نعجز عن زراعة "ضمة بقدونس" ، في حين نهرول إلى السوق لشرائها ، ونعجز ان نزرع اخرى من النعناع وبنفس الوقت نشتريها ، كل ذلك بثمن ، كما الخبر الكاذب والمزيف ثمن ، لقد عجزنا ان نقدم لانفسنا شيئاً مذكوراً نوفر فيه الوقت والمال ، لكننا تآمرنا على انفسنا بالتراجع إلى الخلف ، في حين الذين اركنوا تلك المؤامرة خلف ظهورهم كما يدعي البعض واصبحوا في الصفوف الاولى من العالم ، وتآمرنا على انفسنا بينما لا نأكل مما لا نزرع ونلبس مما لا نصنع ، ولا نزرع سوى بذور الحقد ، والغل والكراهية ، فكل منا تآمر على الاخر واصبحنا لنعمة الله فاقدين لاننا جاحدين لكل شيئ . فتآمر كل فينا على من لا حيلة له فينا.