أخر الأخبار
من ثمار انتفاضة القدس
من ثمار انتفاضة القدس

مرة أخرى تثبت الشعوب العربية أنها لم تمت بعد، وإن نعاها كثير من أصحاب الرؤية السوداء، خاصة بعد الانتكاسة التي أصيبت بها ثورات الربيع العربي، التي تكالبت عليها كل قوى الثورة المضادة عربيا وأعجميا، واستنفرت إسرائيل كل قواها في العالم، خاصة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، لإذكاء نار الثورة المضادة وإجهاض كل الثورات وبكل السبل، حتى ولو وصلت إلى حد سحق حقوق الإنسان، وركل القانون الدولي الإنساني!
انتفاضة القدس، على بساطة «عتادها» وقلة إمكانات ثوارها، تمكنت من وقف الشهوة الصهيونية المفتوحة على مصراعيها لالتهام الأقصى، والسيطرة عليه، واستباحته، ولو بشكل مؤقت، ثوار القدس، رجالا ونساء، فتية مسلحون بالحجارة والألعاب النارية، ورجال حولوا سياراتهم إلى أداة مقاومة فعالة، تواجه آلة القتل الصهيونية المتقدمة، وفتيات صغيرات مرابطات، ونسوة اعتمدن الأحذية أداة مقاومة فعالة، هؤلاء تمكنوا من بعث المخاوف الكامنة في نفوس اليهود من تحرك شعبي إسلامي دولي، لم يأت بالطبع، وأحيوا في الوجدان الصهيوني فوبيا «الحرب الدينية» التي يمكن أن تبتلع كيان العدو من قبل مليار ونصف المليار مسلم، طبعا كل هذه المخاوف ليست واقعية، ولكنها مستقرة في المخيال الصهيوني، الذي يفكر بعقلية الحرامي، ولا يمكن أن يطمئن لما سرق، لأنه يعرف أن أصحاب الحق لم يرفعوا له الراية البيضاء ولن يفعلوا!
أبرز مظاهر التراجع الصهيوني عن محاولات إعادة احتلال الأقصى والقدس عموما، ومحاولة تقسيم الحرم مكانيا وزمانيا، كما فعلوا بالمسجد الإبراهيمي في الخليل، ذلك الجدل الساخن الذي دار في كيان العدو على غير صعيد، وصب جام غضبه على كل من حاول اقتحام الأقصى من اليهود، سواء للسياحة، أو لاستعراض القوة، أو لأسباب دينية، أو انتخابية، وتجلى هذا الغضب فيما نشرته صحافة العدو بهذا الشأن، ووصول هذه القضية إلى أعلى مرجعية «دينية» في الكيان، وأعني بذلك الحاخامية الرئيسة، فبعد أن وصف شقيقه، الحاخام الرئيس لاسرائيل اسحق يوسف زعماءهم بانهم «حاخامون من الصف الرابع»، فان الحاخام دافيد يوسف يهزأ من اليهود الذين يحجون الى الحرم ويسميهم «أقلية صغيرة غريبة الأطوار ومتطرفة».  الحاخام يوسف، عضو مجلس حكماء التوراة في شاس ورفيق رئيس الحزب آرييه درعي توجه أمس الأول برسالة الى رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ودعاه الى أن يحظر بشكل جارف دخول اليهود الى الموقع المقدس بسبب من «قدسيته!» وفي هذا الصدد يقول يوسف هذا موجها حديثه لنتيناهو:  
«لا تدع أقلية صغيرة، غريبة الاطوار ومتطرفة تضللك بكل انواع الحجج «المسيحانية» التي تستخدم الفقه عبثا ونوازعها الشريرة تبحث لها عن «أذون» وهمية، وتستند الى رأي مرفوض سبق أن رفضه كل المفتين رفضا باتا»، وقال أنه يستند الى فتوى أبيه، الحاخام عوفاديا يوسف وان هذا الرأي يشارك فيه ايضا كل اعضاء مجلس حكماء التوراة لشاس وكذا مجلس الحاخامية الرئيسة.
 وعلى حد قول يوسف، فان اليهود الذين «يحجون» الى الحرم «يلحقون ضررا هائلا بالشعب الذي يجلس في صهيون ويستفزون أمم العالم ويجلبون الكراهية تجاهنا وأفعالهم تستخدم كذريعة في ايدي كارهي اسرائيل لمنح الحراب في أيديهم لقتلنا والتمثيل بنا والقيام بعمليات ضدنا وتحريض كل أمم العالم علينا، ولا يحتمل أن تكون موافقة صامتة على أن تقود حفنة صغيرة من غريبي الاطوار عموم الجمهور وراء آرائهم المسيحانية التي لا يحمد عقباها». ويستدرك يوف أخيرا، فيقول  وهو كاذب: «أن حظر زيارة اليهود الى الحرم تنبع من قدسية المكان، وليس فيه تنازل عن السيادة الاسرائيلية في الحرم» ونقول أنه كاذب لأن الجدال «الفقهي» حول زيارة اليهود الى الحرم لم تنطفىء ناره أبدا، وكان ثمة من الحاخامات من أباح هذا العمل لليهود، ولكن المسألة متعلقة بردود الفعل التي قام بها أهل القدس، ومن ناصرهم من اهل فلسطين، فضلا عن الجهد الأردني الرسمي، والخشية من تطور انتفاضة القدس إلى انتفاضة فلسطينية عارمة.