أخر الأخبار
تخبط إسرائيلي في مواجهة الموقف الأوروبي من “حماس”
تخبط إسرائيلي في مواجهة الموقف الأوروبي من “حماس”

القدس - الكاشف نيوز : نتائج استطلاع الرأي الذي أجري في اليوم التالي لعرض الفلسطينيين مشروع قرار الاعتراف بدولة فلسطين على مجلس الأمن، وبعد أن قررت محكمة العدل الدولية في لوكسمبورغ، إخراج حركة «حماس» من قائمة التنظيمات الإرهابية، جاءت صادمة. ففي حين اتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، موقفاً عدائياً حاداً ضد أوروبا، بهدف جعل الجمهور يرى فيه «القائد الصلب الذي لا يخاف أحداً» ويساعده ذلك في الانتخابات المقبلة، تشير نتائج الاستطلاع إلى أن هناك غالبية راسخة من الإسرائيليين تتجاوز 54 في المئة على قناعة بأن إسرائيل بقيادة نتانياهو لن تكون قادرة على التوجه في المسار الصحيح.

هذه النتيجة أشعلت ضوءاً أحمر أمام نتانياهو وأحزاب اليمين، فيما أثارت تفاؤل المعارضة الإسرائيلية من يسار ووسط. فهي تشير في شكل واضح إلى أن السياسة التي يقودها نتانياهو وأدت إلى حملة أوروبية واسعة ضد إسرائيل، زادت من عزلتها ومن كراهية دول العالم لها، وباتت سياسة مضرة بإسرائيل. ومعارضو نتانياهو يحاولون طرح هذا الموضوع كقضية مركزية في الانتخابات المقبلة. ويأملون بأن يكون هو بالذات، ومع أنه يتعلق بالقضية الفلسطينية، الدافع لسقوط حكم نتانياهو بالضربة القاضية.

فهذه النتيجة جاءت على رغم أن نتانياهو، ما زال يتقدم على منافسيه في اليمين واليسار، كأفضل مرشح لرئاسة الحكومة، ولكن هذه النسبة تتماشى والحملة التي تقودها المعارضة ضده وتحذر في مركزها من خطر إبعاد الحملة الهجومية التي يقودها نتانياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، ضد الدول الأوروبية، والتي وصلت إلى ذروتها بإعلان ليبرمان رفضه استقبال نظيرته السويدية، مارغو والستروم، عندما ستزور إسرائيل في الشهر المقبل، وذلك «عقاباً» على موقف بلادها من دعم مشروع قرار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. وما بين شعار الموقف الحازم في وجه «تسونامي كراهية إسرائيل»، كما أسماها اليمين الإسرائيلي وبين عنوان «نتانياهو ككارثة دولية على إسرائيل والعملية السلمية مفتاح الحل»، والذي تتبناه أحزاب اليسار والمركز، اختلط الملف الأوروبي والدولي بملف المعركة الانتخابية في إسرائيل، ليستفيد كل طرف لمصالحه الانتخابية.

نتنياهو، وبدلاً من تأنيب وزير خارجيته على هذا الموقف غير الديبلوماسي ليثبت بذلك أنه القائد الفعلي للحكومة راح ينافس ليبرمان على موقعه المتطرف ويشتم الأوروبيين ويتهمهم بالنفاق ويساوي بينهم وبين «داعش» و «حماس». فهو قال عند استقباله السيناتور الأميركية جوني آرنست: «لقد شاهدنا اليوم أمثلة مزعزعة على النفاق الأوروبي. يبدو أن هناك كثراً من الناس في أوروبا، على الأرض التي ذبح عليها ستة ملايين يهودي، لم يتعلموا شيئاً. لكن، نحن أيضاً تعلمنا. وصداقتنا للولايات المتحدة تتعارض تماماً مع ما نراه في أوروبا». وأضاف: «لقد كانت هناك دعوة في جنيف إلى فتح تحقيق ضد إسرائيل على ارتكاب جرائم حرب، بينما في لوكسمبورغ رفعت المحكمة الأوروبية حماس من قائمة التنظيمات الإرهابية، وهذه هي حماس ذاتها التي ارتكبت جرائم حرب وعمليات إرهابية لا تحصى».

هذا التصريح دفع منافسيه على رئاسة الحكومة إلى الخروج للإعلام بتصريحات تهدف هي الأخرى إلى تعزيز ما جاء في برامجهم الانتخابية ضده. فقد وجه زعيما تحالف «العمل والحركة»، يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني، انتقادين شديدي اللهجة لنتانياهو وحملاه المسؤولية عن الأزمة السياسية الدولية التي يدفع إسرائيل إليها. وحذراه من انعكاسات تصريحاته على مستقبل العلاقة بين إسرائيل والمجتمع الدولي. وقالت ليفني أنه «حتى لو كان العالم منافقاً، فهذه ليست خطة عمل لرئيس الحكومة الذي يجب عليه منع ذلك وإجادة العمل على الحلبة الدولية».

هذه الردود الإسرائيلية جاءت محصورة في المعركة الانتخابية، لكن هناك جهات أخرى حذرت من سياسة نتانياهو وليبرمان واليمين تجاه أوروبا، ولكن من منطلق قناعات بأن الوقت حان لدفع العملية السلمية. وقد تحركت هذه الأصوات بعيداً من الحلبة الانتخابية الإسرائيلية عبر مطالبة مباشرة من البرلمان الأوروبي بخطوات تضمن تحريك العملية السلمية والحضّ على الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الـ67، إلى جانب إسرائيل، كقاعدة لتحريك المفاوضات. والشخصيات التي تطالب ليست فقط من معسكر السلام الإسرائيلي. وأبرز هذه الشخصيات الأديب أ. ب يهوشواع الذي أكد أن السياسية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية هي سياسة مدمرة، وقال إن من واجب إسرائيل أن ترحب بالتحول عند «حماس» وتعيد الحرارة إلى مسار المفاوضات. ومن وجهة نظر يهوشواع فإن خطوة كهذه تساعد على الطمأنينة بين الفلسطينيين وتحدٍّ من العمليات التي شهدتها القدس والضفة أخيراً. وفي رأيه فإن الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب أوروبا يشكل أملاً للفلسطينيين بعدم اليأس من العملية السلمية، وبأن طريق المفاوضات لا يزال ممكناً وسيقود إلى نتائج ملموسة.

ويضيف يهوشواع: «هناك خوف متزايد، ليس في معسكر السلام فقط، إنما لدى أجزاء واسعة من الجمهور الإسرائيلي، من استمرار التوجه نحو الدولة الواحدة للشعبين، الثنائية القومية، والشعور بأنه يجري سد الطريق أمام حل الدولتين بسبب سياسة الاستيطان الإسرائيلية غير المتوقفة في الضفة. إن عدم قدرة الولايات المتحدة، على رغم كل قوتها وتأثيرها، على وقف الاستيطان على الأقل، يجعل الدولة الثنائية القومية مسألة ملموسة، الأمر الذي سينزل كارثة بإسرائيل وبالفلسطينيين. لذلك، ومن أجل مستقبل الديموقراطية، يتحتم على الدول الديموقراطية في أوروبا محاولة التدخل في شكل أكبر في العملية السلمية». ويرد الأديب الإسرائيلي على الأصوات الرافضة السلام بالقول: «إن التخلي عن إمكان المصالحة والتعايش بيننا وبين الفلسطينيين، يلقي ظلالاً كثيفة على حقيقة وجود إسرائيل، لذلك يجب النهوض بكل قوة ضد هذا التوجه الجديد الذي يقضي نهائياً على آمال السلام. من الواضح أنه حتى لو قررت كل البرلمانات الأوروبية تحديد موعد نهائي لقيام الدولة الفلسطينية على حدود 67، فإن أوروبا لن تستطيع إقامة الدولة بنفسها. فالدولة ستقوم فقط من خلال المفاوضات المباشرة والناشطة مع إسرائيل التي أعربت حكوماتها منذ اتفاق أوسلو عام 1993، عن موافقتها المبدئية على حل الدولتين، لكنها تخوفت من العمل في شكل واضح من أجل تحقيقه. يدعي الفلسطينيون أنهم مطالبون بدفع ثمن اللاسامية القاتلة التي اجتاحت أوروبا في القرن العشرين، والتي جعلت يهود أوروبا يبحثون عن حل راديكالي من خلال إقامة دولة يهودية سيادية في فلسطين. وهناك بعض الحق في طرحهم هذا. لذلك، فإنه ليس من واجب الدول الأوروبية التدخل فقط في شكل حثيث لاستئناف العملية السلمية واستكمالها، إنما من واجبها الأخلاقي عدم ترك الفلسطينيين وحدهم في الصراع من أجل الاستقلال. إن التشجيع الذي نقدمه نحن للبرلمانيين الأوروبيين للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل هو خطوة أخلاقية ووجودية ليس بالنسبة إلى الفلسطينيين فحسب، إنما، أولاً، بالنسبة إلى الإسرائيليين أنفسهم»، يقول يهوشواع الذي وقف في وجه الهجمة التي تعرض لها مع ألف إسرائيلي من أدباء ومثقفين وكتاب وقّعوا على عريضة طالبوا فيها الاتحاد الأوروبي بالتسريع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

في موقف آخر رد على يهوشواع خبير يميني، يعمل في صحيفة «يسرائيل هيوم» التي تعتبر بوقاً لنتانياهو. فقد تساءل دان مرغليت كيف أظهرت إسرائيل أنها متفاجئة من المبادرة الأوروبية وانتقد سياسة الهجوم عليها قائلاً: «منذ انتهاء المحادثات بمبادرة من أبو مازن، حض ديبلوماسيون غربيون نتانياهو على «تقديم شيء» يسمح بمواصلة الحوار، ولكنهم لم يحصلوا على ذلك. لقد وصلت الحكومة إلى باب موصد، وهي تتحمل المسؤولية عن بعض الخطوات، وما حدث اليوم شكل مثالاً حياً. لقد طلبت وزيرة خارجية السويد مارغو والستروم، لقاء وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان خلال زيارتها إسرائيل، فرفض الطلب. ولم يسأله أحد في الحكومة عمن خوله فعل ذلك. وكان قرر على مسؤوليته الشخصية إعادة السفير الإسرائيلي من استوكهولم لأنه غضب من قرار الحكومة السويدية الاعتراف بفلسطين، والآن يرفض لقاء وزيرة خارجيتها، وهو لا يفهم بتاتاً أنها حين تطلب ذلك، فإن هذا يعني أنها تريد تخفيف العمل الكريه الذي قامت به حكومتها. وأين نتانياهو؟ يتساءل مرغليت، لقد كان عليه الإعلان أنه لا يستطيع السيطرة على ليبرمان الذي يتعامل مع الديبلوماسية الإسرائيلية كأنها ملكه الخاص، وأنه سيلتقي شخصياً الوزيرة السويدية. إلا أن الوقت الحالي هو فترة انتخابات، وعيون «ليكود» لا تتطلع عبثاً إلى اليمين. هل قام أحد ما بإبداء رأيه في السابقة الخطيرة لليبرمان؟ وفي كون وزراء الخارجية سيصلون قريباً ويتوجهون مباشرة إلى رام الله فقط؟ إن ما نشهده هو ظاهرة صمت الغنم، يقول مرغليت، ويضيف: «هناك موجة تسونامي غير عادلة تهب بقوة من أوروبا على إسرائيل، ولكن حكومة نتانياهو لم تُعِد الملاجئ. لقد بات متأخراً الآن الاستعداد، ولكن ليس متأخراً جداً.