أخر الأخبار
معاذ الكساسبة.. وسلالة أبطال سلاح الجو
معاذ الكساسبة.. وسلالة أبطال سلاح الجو

أثارت قضية أسر الملازم أول الطيار معاذ الكساسبة تعاطفاً عاماً لدى الأردنيين، وتمنى جميع الأردنيين عودته من الأسر سليماً معافى لأهله، وفي ذات الوقت دفعتني حادثة معاذ الكساسبة إلى تذكر بطولات سلاح الجو في الجيش العربي، هذا السلاح الذي ذاد دائماً عن أرضنا، ودافع عن قضايانا المصيرية، وقدم رموزاً وطنية ما زلنا نفاخر بها، من الملازم أول موفق السلطي إلى الرائد فراس العجلوني.

وأجد أن ما حدث مع الملازم أول معاذ الكساسبة فرصة لإعادة قراءة التاريخ الأردني، وإعادة التركيز على أبطال صانوا وطنهم ودافعوا عنه كما يوجب عليهم شرف العسكرية وانتمائهم الوطني، وهي فرصة للجيل الشاب الذي لم يطلع على بطولات ساعدت على الحفاظ على الوطن أن يقرأها ويعرف عنها، ليفاخر هو أيضاً بوطنه وبطولات أبنائه.

فموفق السلطي لمن لا يعرف كان من جيل الشباب المتعلم الذي دفعه الانتماء للوطن لينضم للجيش العربي، رغبة بالدفاع عن الوطن الأردني وعن قضايا الأمة الكبرى، وانضم لسلاح الجو حيث كانت المعارك الجوية جزءاً مهماً في الاشتباكات والمعارك مع العدو الصهيوني.

وبعد الثلث الأول من ستينات القرن الماضي بدأت القوات الصهيونية باختراق حدود الهدنة بصورة متكررة، وهو ما أدى إلى حدوث اشتباكات ومناوشات يومية على شكل حرب استنزاف، واستطاع جيش الاحتلال الصهيوني أن يطور أسلحته بما فيها سلاح الجو، حيث استطاع شراء مجموعة من طائرات ميراج الفرنسية الحديثة، وهو ما ساعده على الحصول على تفوق في مجال المعارك الجوية. ورغم أن الأردن كان يملك طائرات الهوكرهنتر البريطانية الأقدم من طائرات ميراج، إلا أن بسالة وشجاعة طياري سلاح الجو كانت كفيلة لردم هوة الفارق التقني بين الطائرتين، وهو ما ظهر خلال معركة البحر الميت في 21 كانون الأول عام 1964 حين اشتبك سلاح الجو في الجيش العربي مع سلاح الجو للعدو الصهيوني، واستطاع طيارونا إسقاط الطائرات الصهيونية من دون إصابة أية طائرة أردنية، وشارك في تلك المعركة البطولية كل من فراس العجلوني، جورج متى، بدر الدين ظاظا، وغازي الصمادي.

وبعد هذا الاشتباك بعامين تقريباً في الثالث عشر من تشرين الثاني عام 1966 وقعت معركة السموع، التي قامت خلالها قوات العدو الصهيوني بمهاجمة قرية السموع الواقعة إلى الجنوب من مدينة الخليل، بما يقارب أربعة آلاف جندي مدعومين بدبابات ومدرعات وسلاح جو، وهو ما دفع قيادة سلاح الجو الأردني لخوض حرب جوية، واستطاع طيارونا من تدمير قوات صهيونية على الأرض بالإضافة إلى الاشتباك مع سلاح الجو الصهيوني، واستطاع البطل موفق السلطي إسقاط ثلاث طائرات قبل ان تصاب طائرته، ويقفز منها ثم يستشهد.

وبعد هذه المعركة بعدة أشهر، يقدم سلاح الجو الأردني درساً آخر بالبسالة والشجاعة في حرب حزيران عام 1967، حيث كان الرائد فراس العجلوني أول طيار عربي يضرب عمق الأراضي في الكيان الصهيوني، وهو ما أثار حفيظة الصهاينة، فأغاروا على قاعدة الحسين الجوية في المفرق، وأصابوا طائرته قبل أن تقلع ثانية لتضرب أهدافاً أخرى للعدو الصهيوني.

الملازم أول معاذ الكساسبة ابن سلاح الجو الذي سطر تاريخاً مشرفاً في الدفاع عن الوطن والأمة، ولن يقل بطولة عن رفاقه، أعاده الله سالماً لأهله، ولكن دون أن ننسى انه كان يقوم بواجبه الذي نذر له عمره، كباقي رفاق السلاح، هذا الواجب هو الدفاع عن الوطن والأمة العربية والإسلامية فهو من ضباط الجيش العربي المصطفوي.