أخر الأخبار
الأمّة تحتفل اليوم بذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم
الأمّة تحتفل اليوم بذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم

عمان - الكاشف نيوز : يشارك الأردن الأمتين العربية والإسلامية اليوم السبت الاحتفال بذكرى مولد سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، اذ كان مولده نذيرا بزوال دولة الشرك، ونشر الحق والخير والعدل بين الناس، ورفع الظلم والبغي والعدوان.
إن العالم قبل مولد النبي عليه الصلاة والسلام كان في حالة من الفساد والفوضى والظلم والاضطراب، حيث سيطرت عليه الوثنية واضطربت فيه النفوس وخربت الضمائر وامتلأت الارض بتصورات وافكار زائفة ولما أراد الله عز وجل لليل ان ينجلي وللظلم ان يزول وللباطل ان يندحر أذن جل جلاله بميلاد نبيه صلى الله عليه وسلم، فأظهره كما تظهر الشمس بانبعاث أنوارها الساطعة، فتفجر النهار المنير وتلاشت ظلمة الليل الداكن.
وبمولده صلى الله عليه وسلم دبّت الحياة في الكون، وظهر دين التوحيد، وشاءت إرادة الله تعالى ان تنطلق الرسالة من بقعة مباركة لم يكن لها تأثير وقتئذ على مسرح الحياة، في واد غير ذي زرع، منقطع بمائه عن الحياة والاحياء، تمتد الصحارى من حولها فلا يبلغه الا بشق الانفس. والنبي الكريم عليه افضل الصلوات والتسليم حمل الرسالة الاسلامية ولم يأبه لقول الجهلة والمغرضين والمشككين انما كان يقول «إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي».
فما وهن عزمه وما ضعف وما استكان، وانما قابل الاذى بالصبر، والسفه بالحلم، وكيف يضعف وقد فطره خالقه على جمع ما حملت به الانفس الانسانية من كمال وجمال ونوال.
وانه لو اجتمعت فضائل اهل الحكمة والعلم جميعا منذ كانت الحياة وجعلت في انسان واحد ما بلغت مثل ما بلغت في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، وان هذه النفس هي النفس الكبرى الزكية المتفردة بالطهر والزكاة، ولا يعرف التاريخ رجلا كمّله ربه وادبه واحسن خلقه كسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولهذا لا نستغرب ان الانسانية به تتحول وتنمو وتخرج من الظلمات الى النور ومن الجور الى عدل الاسلام، فترسخت في الارض مبادىء جيل يخاطب العالم « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرارا «.
وعلينا أن نعلم بأن الجمع بين راحة البال وبلوغ الآمال مستحيل، وانه لا يمكن ان نتجاوز الاخطار والتحديات الا في جمع الكلمة وتوحيد الصف، وان نكون يدا واحدة، وقلبا واحدا وصفا واحدا في مواجهة التحديات والاخطار التي تحيط بنا، والله لن يخذل خير أمة أخرجت للناس.
وفي ذكرى مولد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم نستذكر عظمته ومكانته عند ربه : فقد زكّى الله سبحانه وتعالى بصره فقال « ما زاغ البصر وما طغى»، وزكى فؤاده فقال « ما كذب الفؤاد ما رأى»، وزكاه كله، فقال «وإنك لعلى خلق عظيم «.
وفي ذكرى مولده عليه الصلاة والسلام نستذكر أن أقرب الناس منه أحسنهم أخلاقا، وهذه دعوة لأن تكون محبتنا للرسول عليه الصلاة والسلام بحسن الخلق والرحمة بالضعيف، نستذكر المشردين واللاجئين والمنكوبين والمحاصرين فنجعل محبتنا للرسول الأعظم بالعمل على رفع المعاناة عنهم.
وفي شهر ربيع الأول، ولد الحبيب، فكان ربيع القلوب، إذ أرسله الله رحمة للعالمين، فمن لم يحمل قلبه الرحمة للعالمين ليس وارثا للنبي عليه الصلاة والسلام، فلتكن محبتنا للرسول صلى الله عليه وسلم بتطهير القلوب من الكراهية، وبث الفرحة في قلوب الأمهات والأطفال، والجيران والمظلومين. وعلى أمة المسلمين أن يكثروا من الصلاة عليه فهي سبب لتفريج الكرب ورفع الضيق وجلاء الهم، فقد ذكر ابن حجر في فتح الباري أن رجلا قال : يا رسول الله إني أكثر الصلاة فما أجعل لك من صلاتي، قال « ما شئت «، قال : الثلث ؟، قال « ما شئت وإن زدت فهو خير ...» إلى أن قال : أجعل لك كل صلاتي ؟، قال « إذا تكفى همك ...» ويفهم من هذا أن من كان له هم فليجعل ليلة من لياليه للصلاة على رسول الله فيكفيه الله سبحانه وتعالى همه ببركة الصلاة على الرسول. اللهم أدم الصلاة على الحبيب محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان رجلا عظيما، من عظمة الرسالة التي يحملها وجاء لهداية الناس واعانتهم على عمارة الارض واقامة بناء حضاري يقوم على الاخلاق الرفيعة والسمو العظيم في سائر شؤون حياتهم .
وفي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه ما يحل الكثير من المشكلات والازمات السياسية التي تحياها الامة، فلم يكن ابدا من سنته صلى الله عليه وسلم ان ينشىء صراعا بين الشعوب وان ينشىء حواجز بين الحاكم وبين رعيته، انما هي علاقة تفاعلية قائمة على الحب والتقدير والتعاون في إقامة هذا الدين، وهذا الرقي بأحوال الأمة في دينها ودنياها.