أخر الأخبار
الملك وحديث العقل والحرب والتقدم
الملك وحديث العقل والحرب والتقدم

الحديث الذي تحدث به الملك أمام رئيس مجلس الأعيان ورؤساء اللجان من السادة الأعيان، هو حديث عقل، لا كلام عواطف وأمنيات على باب عام جديد، بل عقلانية ترى أنه لا يمكن لنا أن ننكفئ على ما أنجزناه من إصلاح،أو أن ننكص عن الأهداف بداعي الحروب والتوتر في الإقليم، فمثل هذا الكلام بالقول بالتوقف عن التقدم والاصلاح، هو ما كان يلهج به بعض المحافظين والرافضين لكل تغيير، ثم هو الملك يُذكر وأمام رجال التكنوقراط وأعيان الدولة أن لا تتقدم إلا بالمزيد من الإصلاح والعمل الجاد للحفاظ على التقدم الذي تحقق والذي أسهم فيه كلُّ الأردنيين حتى الآن ونحتاج للكثير منه كي نتمم ما بدأناه.
كتب الملك عبد الله مطولاً عن الإصلاح الذي نريد، وفي مقال له عام 2004  بعنوان:»الإصلاح أولويتنا» قال:» كما أن معظم العرب يوافقون على الإصلاح فإنهم متفقون أيضا على أنه حتى ينجح الإصلاح، ينبغي أن ينبع من مجتمعاتنا. وسواء كان هنالك مبرر أم لا، فإن كثيرا من العرب لا يثقون بدوافع الإصلاح العربي الموحى بها من الغرب، فهم ينظرون إلى تقليدهم الإسلامي الذي يعتزون به إزاء القيم الإنسانية.».
سبق الملك عبد الله الربيع العربي ومشروع الإصلاح الأميركي في المنطقة، وحديثه الذي ورد أعلاه جاء في ظروف مشابهة لما نمر به اليوم، فقد أتى بعد حرب العراق بعام، وهو أول من أمس ذكّر بما يجب التذكير به، وهو أن لا حياد عن الدور الذي ارتضاه الأردن لكيانه منذ أسس، وهو رسالة العروبة والدفاع عن قضايا المنطقة، ونبذ كل تطرف.
الملك لم يشأ أن ينسب التطرف إلى الإسلام، بل سماه بمعناه المحدد، وجعل الدفاع عن الأردن ضد هذا التطرف هدفاً لا يقبل الـتأجيل، وهو العارف والمطلع على مكامن التهديد والخطر، وهو لا يستطيع أن يعلن للناس كلاماً لا يؤمن به، فبقدر ما يؤمن بالتغيير والتجديد والإصلاح، فإنه يؤمن بأن أولوية الوطن هي الأمن والحفاظ عليه من المخاطر التي تعصف بالإقليم.
المعادلة التي صاغها الملك أول من أمس، تنحصر في عنصرين هما: الدفاع عن الوطن، والحفاظ على  التقدم، وهذان الأمران لا يمكن أن يتم تجاهل واحد منها، ولا تأجيل عنصر أو تقدم واحد على الآخر، والأردن في ظل هكذا ظروف لا يمكن له إلا أن يحتاط بقدر عالٍ من اليقظة والانتباه والتحسب.
بين الملك في أكثر من مناسبة أن الأردن لا يمكنه إغلاق حدوده أمام كل محتاج ولاجئ، وأنه سيظل على عهده الذي تأسس عليه، لكن الوطن الذي تلقى الملايين من ضحايا حروب المنطقة، لا يملك ترف انتظار الوقت حتى تصل داعش وغيرها من قوى الظلام لحدودنا، وهذا ما وضحه في أكثر من مكان وهذا هو الرد على كل من يقول: أن حرب داعش وغيرها ليست حربنا. بل هي معركة كل أردني يؤمن بهذا التراب ووجوب حمايته وصونه.
تحدث الملك بما يجب أن يقال، بحديث القائد والجندي والمواطن ورب الأسرة الكبير،الذي يجب أن يُفهم عن دورنا ومصيرنا في مواجهة التطرف، وعن معركة الإصلاح الراهنة والتي يجب أن تستكمل وأن لا تؤجل ولا يبرر الـتأخر بها مهما علا صوت الحرب وقرع طبولها.